الحل في ليبيا لن يكون إلا عن طريق الانتخابات    مراد يشرف على اجتماع تنسيقي تناول الاستثمار المحلي    الصحراء الغربية: "ميثاق المستقبل يكرس حق الشعوب في تقرير المصير"    17 أكتوبر شاهد على التضحيات العظيمة للشعب الجزائري    فلاوسرف تعزّز حضورها بالجزائر    بوغالي يحذّر    رئيسة الهند تزور تيبازة    اليوم العالمي للتغذية: الأمن الغذائي يمثل خيارا استراتيجيا ثابتا ومحورا رئيسيا في جهود التنمية بالجزائر    لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني : فايد يعرض مشروع قانون المالية 2025    رئيسة الهند تنهي زيارة دولة إلى الجزائر : اتفاق على ترقية التعاون في مختلف المجالات    المجلس الشعبي الوطني: لجنة الشؤون الخارجية تضبط جدول عملها للدورة البرلمانية الحالية    رئيس البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد يزور قصر المعارض الجديد الجاري إنجازه بالعاصمة    330 عملية إطلاق نار واشتباكات مسلحة في الضفة خلال عام …استهداف عدة دبابات وتفجير مبنى مفخخ ومقتل وإصابة جنود إسرائيليين    غليزان.. منح أكثر من 300 رخصة لحفر آبار للسقي الفلاحي    معسكر.. ترقب استلام أزيد من 660 مسكن عدل نهاية السنة المقبلة    150 مؤسسة تشارك في معرض المنتوجات الجزائرية بالدوحة..منتدى اقتصادي جزائري-قطري لتشجيع الاستثمار ودعم الشراكة    بن جامع : حان وقت "التحرك الحاسم" لمجلس الأمن لوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة    مولوجي تبرز جهود الجزائر في سبيل تعزيز التقارب والتعاون بين الدول الإفريقية    الفريق أول شنقريحة يتباحث مع قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية    السيد بوغالي يتحادث بجنيف مع رئيس مجلس الشعب الهندي    ناباك 2024: إبرام عدد كبير من اتفاقيات التعاون    المنظومة الدولية الحقوقية والقضية الفلسطينية, موضوع ندوة بجامعة قسنطينة    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية: مسرحية "تيرا مادري" للفرقة الإيطالية "تياترو بلو" أو نداء نجدة الطبيعة    افتتاح المهرجان الثقافي الدولي السابع "الصيف الموسيقي" بالجزائر العاصمة    النعامة.. وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    رئيسة جمهورية الهند تغادر الجزائر بعد زيارة دولة دامت أربعة أيام    النعامة : وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    إطلاق خلية تفكير لإنشاء الشبكة الوطنية للنساء الوسيطات    توقيع اتفاقيتي تعاون دولي    سوناطراك تُعزّز شراكاتها    400 ألف فلسطيني مُهدّدون بالموت جوعاً وعطشاً    حوادث المرور تودي بحياة 2605 شخص خلال 8 أشهر    الستوريات.. من المناسبات السعيدة إلى الجنائز    إمداد الاحتلال بالسلاح شراكة في جرائمه    هذا ما قالته أديداس عن قمصان الخضر ..    هذا سجل مشاركات الجزائر في كأس إفريقيا    تجربة منتخب نيجيريا في ليبيا خطرة جداً    فتح باب الترشح للانضمام إلى قائمة الوسطاء    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اليوم الدولي للنساء الريفيات: التأكيد على دعم الدولة لتعزيز النتائج المحققة    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    صحة: منصة رقمية لتسيير وتنظيم جميع مصالح الاستعجالات الطبية    كرة القدم: وفاة الحكم الدولي السابق بلعيد لكارن    سايحي يشرف على لقاء حول "الرقمنة والاستعجالات الطبية والتلقيح ضد الدفتيريا"    الكونفدرالية الافريقية "كاف" تشيد بتألق "الخضر" في تصفيات ال"كان"    كرة الطاولة/بطولة إفريقيا: المنتخب الجزائري يتوج بالميدالية الفضية    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    مستغانم : الشرطة القضائية (BMPJ) بأمن الولاية 600 كبسولة بريقابلين بحوزة مسبوق قضائيا    صادي سيقدم ملف ترشحه بعد حصوله على موافقة السلطات.. الجزائر في طريق مفتوح للعودة إلى المكتب التنفيذي للكاف    تنظمه جامعة باتنة.. ملتقى وطني حول التعددية اللغوية في المنظومة التربوية والجامعية    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية : رقصة السماء.. مزيج ساحر بين المسرح، السينما والفيديو    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    الصهاينة يقتلون الأبرياء في العالم بغير حق    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    وقفات مع دعاء صلاة الاستخارة    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قنبلة اللجوء السوري
نشر في الفجر يوم 11 - 05 - 2013

عدد السوريين اللاجئين، فعليا، إلى لبنان بلغ المليون ومائتي ألف نسمة لغاية الآن، أي ما يوازي ثلث الشعب اللبناني. مسؤول في “المفوضية العليا للإغاثة” التابعة للأمم المتحدة، يقول: إن هذا يشبه دخول 75 مليون لاجئ إلى الولايات المتحدة الأميركية. بعض القرى والبلدات صار عدد السوريين فيها يفوق عدد المواطنين أنفسهم. “الإنسان ثقيل” وفترة الضيافة - بحسب أحد التقارير - قد تطول بسبب دمار ما يزيد على مليون وحدة سكنية في سوريا، أي أن كثيرين لن يتمكنوا من العودة حتى ولو هدأت الاشتباكات، إذ أن إعادة إعمار هذه المباني يحتاج من 5 إلى 10 سنوات. التململ الشعبي في لبنان بدأ، الحساسيات الصغيرة، تزن على الفقراء الذين يجدون في السوري منافسا ينتزع منهم العمل والسكن وكسرة الخبز. فإن بقي السوري بلا عمل رُمي بالتقاعس، وإن هو سعى وارتزق ولو بمبلغ زهيد اُعتبر مزاحما لدودا. الوضع صعب، والعوز لا يرحم. ثمة بلديات لقرى منعت السوريين الذين فاق عددهم سكانها الأصليين من التجول بعد الساعة الثامنة، بسبب ارتفاع نسبة الجريمة. قرى أخرى تظاهرت احتجاجا على العناية التي يلقاها السوري، مقابل إهمال يعيشه اللبناني. حتى إن المساجين اللبنانيين يشتكون لأن السجين السوري تزوره الجمعيات وتحيطه بشيء من الرعاية. اللاجئون السوريون الذين وصلوا في الشهور الأولى للثورة استقبلتهم القرى الحدودية بالأحضان والدموع، تقاسمت العائلات معهم بيوتها وأطعمتها وأغطيتها. بعض السياسيين الذين حذروا من مخاطر اللجوء السوري يومها اتهموا بالعنصرية. موجع أن تسمع بعد سنتين أن المخاوف باتت عامة، وهي تبدأ من القمة وتصل حتى أسفل الهرم. وزير الداخلية مروان شربل قال: “إن اللاجئين السوريين صاروا يهددون الوضع الأمني في البلاد”. هناك من يعتبر أن توزع اللاجئين على 1200 قرية وبلدة ومدينة، أحدث فوضى عارمة، ويطالب بإقامة مخيمات على غرار الدول المجاورة. لكن منظمات تحذر من أن إجراء كهذا سيرفع نسبة العسكرة بين النازحين.
الإرباك يتعاظم في البلد الصغير الذي بالكاد يتسع لأهله، واللاجئون السوريون تتصاعد معاناتهم. تقرير صادر عن “معهد بيروت” يحذر من انهيار شامل في البنى التحتية اللبنانية بسبب عدد اللاجئين الكبير الذي لا يحتمله البلد، ويؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات جذرية. يبدو البلد الهش أكثر هشاشة تحت وطأة الألم السوري، الحاجة هي إلى مزيد من الكهرباء والخبز المدعوم والمياه التي هي شحيحة أصلا، وفرص العمل المفقودة في الأساس، والخدمات الصحية المجانية، علما بأن فقراء اللبنانيين يموتون على أبواب المستشفيات من دون أن ينالوا شرف دخولها قبل دفع مستحقاتهم.
السوري الآتي من بلد الخدمات العامة المجانية، يبدو له لبنان جحيما مقيما. الغلاء فاحش، البرامج التعليمية لأولادهم لا تشبه تلك الموجودة في سوريا، المساكن إيجاراتها باهظة، حتى صار سكن المحلات والمباني غير المنجزة من مألوف العادات. انتشار أوبئة مثل الجرب وحبة حلب والسل، زاد الطين بلة. ثمة أشياء سوريالية فعلا. “المفوضية العليا للإغاثة” تدفع لكل شخص تم تسجيله مساعدة قدرها 25 دولارا في الشهر. مبلغ بالتأكيد لا يكفي لأكل الخبز الحاف. مظاهر سوء التغذية لم تعد خافية على أطفال النازحين بعد شح في الحليب. الجوع لم يعد نادرا والتسول صار فاقعا في الشوارع. الدول المانحة لم تدفع ثلث ما وعدت به.
حقا لبنان المنقسم سياسيا، المهدد أمنيا، والغارق في ديونه ومذهبيته، ليس أفضل الدول للجوء، ولا أرحمها. الصيف لن يكون سهلا على السوريين الذين هربوا من حمّى القصف إلى جهنم الأوبئة والجوع والتسول. كل المحن باتت من نصيب اللاجئين في وطن غارق بالمحسوبيات.
كل يوم يدخل لبنان ثلاثة آلاف نازح جديد على الأقل. كل ساعة حرب إضافية في سوريا، عبء جديد على دولة، يعترف وزيرها للشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور بأنها أصبحت “أضعف من الجمعيات الإنسانية أو حتى المجتمع المدني”.
الملايين التي تطلبها الهيئات الإغاثية، حتى وإن وصلت ستكون كمن يداوي السرطان بحبات “الأسبرين”. الفاجعة الإنسانية السورية أكبر من أن تعالج ببعض الوجبات، وعلب الحليب وحفاضات الأطفال. السوريون هم الحلقة الأضعف. لبنان بلد لا يليق بالمستضعفين بصرف النظر عن جنسياتهم. السوري في لبنان يتعرض لصنوف من آلام لا تطاق، تبدأ بمحنة العثور على خيمة، ومياه للاستحمام والشرب، وقد لا تنتهي بالاستغلال من خلال عصابات تتجر بالبشر، أو مجرمين يبحثون عمن ينفذ الجرائم بدلا عنهم.
المكان يضيق، الحر يرفع منسوب غليان الدم في العروق كما في رواية “الغريب” عند ألبير كامو. قنبلة اللجوء السوري تهدد بانفجار بدأت معالمه تظهر جلية. اللبنانيون ليسوا براء من العنصرية، لكن الأمر هذه المرة يتجاوز فيروس الشوفينية الأعشى. إنه اهتراء شامل، لمنطقة تتداعى، وترتج كلها كأنها آيلة للسقوط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.