تحرم الكثير من الفتيات من الاستمرار في مزوالة نشاطاتهن الرياضي فور وصولهن إلى سن معينة، ليكون عليهن التنازل عن الكثير من أحلامهن في النجاح والاستمرار لأجل دواعي تفرضها العادات وبعض المفاهيم الشائعة. فتيات صغيرات يمارسن أنواعا مختلفة من الرياضات بكل رشاقة ولياقة بدنية، وأجمل من ذلك أن تواصل تلك الفتاة ممارستها لرياضتها حتى بعد تجاوزها سن الشباب، غير أن هذا لا يكون ممكنا في كل الحالات، بل في غالب الأمر تحرم فتيات من تحقيق حلمهن والاستمرار في الرياضة التي اخترنها، فقط من أجل بعض التقاليد والمفاهيم البالية، أو من أجل الحفاظ على معالم الأنوثة التي يخشى أن تضيع مع الحركات الرياضية. التوقيف عن ممارسة الرياضة خوفا من الاسترجال حرمت الكثير من الفتيات من ممارسة بعض أنواع الرياضة مع تقدمهن في السن، وفي أحيان كثيرة لدى بلوغهن ال18 تقريبا، خاصة بالنسبة للفتيات اللواتي تمارسن أنواع الرياضات التي تتطلب جهدا عضليا قويا. فمن وجهة نظر الأهل فإن الفتاة التي تستمر في ممارسة هذا النوع من الرياضة ستفقد دون شك جزءا كبيرا من معالم أنوثتها مع مرور الوقت. وفي سياق متصل يقول سفيان، الذي منع ابنته من الاستمرار في ممارسة رياضة “التيكوندو” عند بلوغها سن ال15:”لا يمكنني السماح لها بالاستمرار بعدما بدأت تصرفاتها في التغير تدريجيا، فقد استبدلت الكثير من عاداتها وحلت محلها مظاهر وتصرفات ذكورية محضة، إلى درجة تثير الانتباه”.. وهذا ما جلب انتباهنا حين قمنا بزيارة عدد من قاعات الرياضة واحتككنا ببعض الشابات الممارسات للرياضة فيها، خاصة رياضات الفنون القتالية العنيفة. التقينا خلالها بسعيد الذي جاء مصطحبا ابنته التي بالكاد تبلغ ال10 سنوات، حيث قال في حديث ذي صلة:” لا أستطيع أن أسمح لابنتي بممارسة كرة القدم لأكثر من سنة، لاسيما أنه في وقتنا الحالي أصبحت النساء والشابات خاصة يمارسن رياضات رجالية صرفة ككرة القدم، والتي إن رأينا ممارساتها فلن نفرق بينها والذكر، وذلك لافتقادهن الكثير من سلوكات النساء”. الارتباط ببعض المفاهيم والعادات الخاطئة رياضات كثيرة تثير إعجاب الفتيات ويحببن ممارستها، لكن بعض الآراء المنتشرة في المجتمع، والتي لا نعلم صحتها من بطلانها، ويواصل الناس تكرارها دون البحث عن أساسها من الصحة، تدفع الكثير من الأهل إلى رفض الفكرة من أساسها، فتحرم تلك الفتيات من تحقيق حلمهن في ممارسىة هذه رياضة بدوافع مجهولة أومبهمة. ومن بين هذه الرياضات تأتي الفروسية في أولى المراتب، والتي رغم جمالها وإعجاب الكثير من الفتيات بالخيل، غير أن الاعتقاد السائد أن التذبذبات والقفزات التي تتعرض لها الفتاة أثناء ركوبها الخيل قد تسبب للفتاة تمزق غشاء البكارة لديها، وبالتالي فقدان عذريتها. وفي سياق متصل تقول مليكة التي قابلت طلب ابنتها بالالتحاق بنادي تعليم الفروسية:”لا أستطيع المخاطرة بمستقبل ابنتي بهذه السهولة، فكثيرا ما سمعنا أن ممارسات ركوب الخيل يتعرضن لحوادث خطيرة تنتهي في الأغلب بفقدان عذريتهن، لذا أرى أنه من الأحسن تسجيل ابنتي في أي رياضة أخرى تشاؤها مقابل سلامتها”. وأخريات وجدن الحل لكل ذلك ارتأت الكثير من الفتيات اللواتي سبق لهن ممارسة الرياضة منذ الصغر المحافظة على مشوارهن الرياضي مهما كلفهن الأمر، وفي سياق متصل تقول أمال، لاعبة كرة سلة:”لا أعترف بوجود رياضات خاصة بالمرأة و رياضات خاصة بالرجال، وأخرى مشتركة بينهما، غير أنه مهما كان خيار الشابة وأيا كانت الرياضة التي وقع عليها خيارها فيجب ألا تنسى أنها فتاة، أجمل ما فيها أنوثتها وعليها حراستها”. وتضيف رفيقتها أمينة، لاعبة في نفس الفريق:”لايزال موضوع ممارسة الفتاة الجزائرية للرياضة موضوعا تحكمه الكثير من القيود النفسية والاجتماعية كالسن والبيئة، لتبقى هي في الأخير حائرة بين الرياضة التي اختارتها، المحافظة على الأنوثة، وإرضاء الأهل، غير أنها من الممكن الجمع بين الثلاثة بالحوار والتفاهم فقط. ويقول عبد الل، والد أمينة، في سياق متصل:”لم يكن أمر قبولي للرياضة التي اختارتها ابنتي سهلا في البداية، غير أن انضباطها بجملة من الشروط التي فرضتها عليها جعلني أوافق على الموضوع، فمواظبتها على دراستها، وحرصها على الحفاظ على سمعتها، وكذلك ارتداؤها مؤخرا للحجاب جعلني أعيد التفكير في قراراتي، وأسمح لها بمواصلة مشوارها الرياضي كما تشاء”.