وزارة الصناعة : السيد غريب يشرف على تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان    الاجتماع الوزاري لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات: عطاف يعقد جلسة عمل مع نظيره البرتغالي    هذا جديد بورصة الجزائر    الجيش الصحراوي يستهدف قوات الاحتلال المغربي المتمركزة بقطاع امكالا    مظاهرة أمام البيت الأبيض نُصرةً لفلسطين    متعامل الهاتف النقال "أوريدو" ينظم حفل توزيع جوائز الطبعة 17 لمسابقة نجمة الإعلام    الفريق أول شنقريحة يواصل زيارته الرسمية إلى الكويت    الصيد البحري وتربية المائيات.. فرص استثمار "واعدة"    "سوناطراك" تطلق مسابقة وطنية لتوظيف الجامعيين    ضبط محاور الشراكة بين "سوناطراك" و"أوكيو" العمانية    سوناطراك تفتح مسابقة وطنية لتوظيف خريجي الجامعات    الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية محصنة بثقة الشعب    مسح 1410 عائلات كاملة..إسرائيل ترتكب 7160 مجزرة في غزة    لبنان : 37 شهيدا وعشرات الجرحى جراء غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة    بعد الجفاف الذي مس العديد من ولايات الوطن.. إقامة صلاة الاستسقاء يوم السبت المقبل    الإطاحة بشبكة إجرامية من 5 أشخاص بوهران    حرائق سنة 2024 مقبولة جدا    نظير جهوده للرقي بالقطاع..الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين يكرم رئيس الجمهورية    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي : حفل تكريمي للفنان الراحل نور الدين سعودي    الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير بتبسة: فيلم "القناع" للمخرج فيصل قادة يفتك المرتبة الأولى    الملتقى الدولي للمهرجان الثقافي للفن المعاصر : منصة للتبادل والتحاور في مواضيع الفن المعاصر    لخضر رخروخ : إنشاء المجمع العمومي لبناء السكك الحديدية مكسب كبير    المغرب: وقفة احتجاجية في مواجهة قمع المخزن واستهداف الحريات    البحث عن بداية إفريقية مثالية    وسيلة حساسة لا بدَّ من حسن استعمالها    معالم في تأسيس الهوية الوطنية    "السي أس سي" في تونس دون بلحوسيني وبن ميصابيح    الكيان الإرهابي يعلن الحرب على أطفال غزّة    منتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بالبرتغال : الجزائر تطرد مجرمة الحرب الصهيونية تسيبي ليفني    الفترة المكية.. دروس وعبر    ملتقى وطني حول حوادث المرور    العدوان الصهيوني على لبنان: الأمم المتحدة تجدد دعوتها لوقف إطلاق نار دائم وفوري لإنهاء خسارة الأرواح والدمار    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    رابطة الأبطال الإفريقية: تعادل ثمين لمولودية الجزائر أمام تي بي مازمبي في لوبومباشي (0-0)    حوادث الطرقات: وفاة 5 أشخاص وإصابة 66 آخرين بالجزائر العاصمة خلال شهر أكتوبر المنصرم    السيد سعداوي يترأس ندوة وطنية عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد    الجزائر قامت بقفزة نوعية في مجال تطوير مشاريع السكك الحديدية    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    حاجيات المواطن أولوية الأولويات    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    دروس الدعم "تجارة" تستنزف جيوب العائلات    الرئيس تبون رفع سقف الطموحات عاليا لصالح المواطن    رسميا.. رفع المنحة الدراسية لطلبة العلوم الطبية    التجريدي تخصّصي والألوان عشقي    العميد يتحدى "الكاف" في اختبار كبير    استذكار أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالعاصمة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد الثلاثين من يونيو؟!
رأي حر
نشر في الفجر يوم 19 - 06 - 2013

لا تصدق من يقول لك إنه يعرف ما سوف يحدث في مصر قبل وأثناء وبعد الثلاثين من جوان المقبل، وهو اليوم الذي حددته حركة ”تمرد” لإطاحة رئيس الجمهورية د. محمد مرسي، وإقامة بديل له ممثلا في مجلس رئاسي يقوده رئيس المحكمة الدستورية العليا. وعدم التصديق لا يعود إلى مدى الشك في ملايين التوقيعات التي جمعتها الحركة المؤيدة لهذا المطلب، ولا لأنه ليس بمثل هذه الطريقة تتم عمليات التغيير الكبرى، وإنما يعود ذلك إلى أن المفاجآت باتت من طبيعة الأشياء خلال الفترة التي تلت مطلع عام 2011، وحتى الآن. ولم يكن مصدر المفاجأة دائما أن أمرا ما حدث، ولكن أيضا لأن أمرا ما لم يحدث. فهل كان متصورا أن المجلس العسكري المصري الذي أطيح به في 12 أوت 2012، سوف يذهب وهو الذي لم تمضِ عليه أسابيع بعد إصداره إعلانا دستوريا جعله يتقاسم السلطة مع رئيس الجمهورية. المفاجآت قبل ذلك وبعده لم يتصورها أحد، وليس في مصر وحدها، ولكن في كل الدول العربية التي عصفت بها عاصفة التغيير، وأكثر من ذلك، فإن ما جرى في تركيا خلال ثلاثة أسابيع مع نظام قيل إن له شعبية تسد وجه الشمس، ولديه من التحالفات العالمية ما يجعله في حلف الأطلنطي، وفيه من مفردات التغيير ما يجعله النموذج الشرق أوسطي الذي يلهم دولا ويجذب مجتمعات؛ كل ذلك جعل المفاجأة أكبر مما يحتمل.
من الممكن بالطبع أن نبحث عن تفسيرات، ونقدم تحليلات، لما جرى ويجري، ولكن اليقين سوف يبقى غائبا في كل الأحوال. الأمر الذي ليس فيه شك هو أن الأحوال ”الهيكلية” لبلدان ”الربيع” وميادين التحرير التي وصلت إلى ميدان ”تقسيم” في إسطنبول، لا يمكن أن تتغير، لأن جماعة، حتى ولو وصلت توقيعاتها إلى 15 مليونا، قررت أن الأمور لا يمكن أن تبقى على حالها. مثل ذلك لا يمكنه تجاوز الأزمات الداخلية الأربع التي تعاني منها الدولة المصرية، وفي المقدمة منها الأزمة الأمنية التي تفاقمت في سيناء إلى حد قتل جنود الجيش، وخطف ضباط الشرطة وجنود القوات المسلحة، ووضع القواعد لإقامة إمارة إسلامية. مثل ذلك لن يمحوه ذهاب رئيس الجمهورية، تماما كما أنه لن يستطيع بتجمع هائل من الجماهير تغيير الوضع الاقتصادي من الأزمة الطاحنة التي تظهر في طوابير المركبات أمام محطات الوقود إلى أوضاع مستورة بين ليلة وضحاها. فما جرى أن متمردي اليوم لم يختلفوا كثيرا عن ثوار الأمس، حينما لم يفكروا أو يطرحوا للتفكير كيف سيكون النظام المقبل أكثر قدرة على حل المعضلات المصرية من النظام الذي سيكون سابقا ساعة الإحلال والتبديل. وهي ساعة لا يعرف أحد ما إذا كانت ستأتي أو لا، ولكن المعروف أنها سوف تكون انعكاسا لأزمة سياسية ودستورية طال زمن انطباقها على الأنفاس المصرية طوال الشهور الماضية، وقوامها انقسام سياسي فاضح انكسرت فيه وانهارت كل الجسور، حتى إن عشاء سياسيا بين السيد خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والسيد عمرو موسي رئيس حزب المؤتمر، ظهر للرأي العام المصري كما لو كان جزءا، ليس من معصية، وإنما من خطيئة لا تُغتفر.
يوم الثلاثين من يونيو، أيا كان معناه أو مبناه، لن يغطي على حالة الاختلاط الجارية في البيئة السياسية المصرية إلى الدرجة التي لم يعد ممكنا فيها معرفة ”السابق” من ”اللاحق”، و”الجديد” من ”القديم”، ولا من كان مذنبا أو من كان بريئا، في عصور متوالية نودي فيها بسقوط حسني مبارك، ثم حكم العسكر، وأخيرا حكم المرشد، فمن ذا الذي سوف يسقط يا ترى بعد هؤلاء؟!
ليس مهما الآن الإجابة عن هذا السؤال، ليس فقط لأننا لا نعرف إجابة مباشرة عنه، ولكن المسألة أن ما تواجهه مصر من إشكاليات عظمى، وكذلك كل دول الربيع، هي التي لا تتغير بتغير القيادات. وإذا كان ما سبق يعبر عن أربع أزمات داخلية معقدة، فإن هناك سلسلة من الأزمات الخارجية لا تقل عنها إشكالية، وكما حارت فيها قيادات سابقة، فإن القيادات اللاحقة سوف تسبقها الملامة، وحتى النكات الساخرة المصرية اللاذعة. فلا يوجد هناك يد في حاله الحصار القائمة حول مصر من سلسلة دول فاشلة بامتياز، حيث الأحوال في ليبيا غربا لا تسر عدوا ولا حبيبا، وجنوبا فإن تقسيم السودان إلى دولتين جعل نوبات القسمة أكبر من حالات التوحيد، أما في المشرق العربي، فإن الحالة من العراق إلى سوريا إلى لبنان ومعها فلسطين لا تقول إلا إنهم جميعا يشكلون كارثة في دور التكوين. سوف نترك تركيا الآن جانبا، لأن عناصر الفشل غير موجودة، والدولة قوية، ولكن النموذج والألق قد ذهب إلى غير رجعة، أو أن استرجاعه يحتاج إلى شجاعة، والخروج عن المألوف، وذلك لا يتوافر دوما في كثير قيادات الشرق الأوسط.
الفشل في المحيط الاستراتيجي المباشر لمصر لا يغني عن التعرف على ما لا يقل خطورة؛ فالعلاقات مع دول الخليج التي كانت عمودا من أعمدة الاستراتيجية الخارجية المصرية، خلال العقود الأربعة الماضية، أخذت تتسم بالبرودة كما يرى كثيرون، وجعلت مصر لا عدوا ولا حليفا للولايات المتحدة والمعسكر الغربي كله، وهي التي كانت ”النجم الساطع” للتحالف في الشرق الأوسط كله. ولا يمكن لأحد الآن أن يستبعد أن الخطر الخاص بمياه النيل لم يعد مجرد احتمال يدخل في الحسابات النظرية للأمن القومي المصري، وإنما هو خطر حالي انكشفت أمامه النخبة السياسية المصرية وهي تواجه على شاشة التلفزيون وضعا بالغ التعقيد. ما بعد الثلاثين من يونيو، أن مصر الحائرة قبله سوف تكون كذلك بعده، وعندما تفتش عن مكانها التقليدي وسط قيادات العالم الثالث فسوف تجد الترحيب مقترنا بالشفقة على ”عزيز قوم ذل”. ومن طرقت أبوابهم من الدول صاعدة القوة من دول ”البريكس” (البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب أفريقيا) سوف يديرون وجوههم بعيدا بعد ذهاب الزائر الغريب.
كل ذلك سوف يبقى بعد الثلاثين من يونيو؛ فلا تذهبوا بعيدا، فلا يزال العرض مستمرا في ساحة المحروسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.