إن الذي يظن بأن المعارضة السورية صاحبة رأي وموقف وقرار يكون واهما وفي غاية التوهم، وفي نظرة ولو بسيطة إلى طبيعة هذا المزيج العجيب الذي تتشكل منه تلك المعارضة بسلاحها وألسنتها يدرك المتأمل للتو أن ذلك التناقض العجيب هو انعكاس لذلك المزيج العجيب، ففي المعارضة من يدعي الماركسية المهزومة وفيها من يدعي الإسلام المعتدل وفيها من يدعي القومية فضلا عن أولئك التكفيريين الذين استباحوا دماء وأموال الناس وفعلوا الأعاجيب، ولو نظرنا إلى ذلك الدعم المالي الذي تخطى الحاجز المعتاد حيث يتحدث الكثيرون عن عشرة مليارات وما فوق فضلا عن تلك الأسلحة المتطورة والتي يضاف إلى كلفتها العادية تكاليف نقلها وتهريبها الذي مني بصعوبات جمة بعد تحرير القصير، لأدركنا للتو أن العملية ليست على هذا الجانب من البساطة، وبالتالي لا يمكن أن تكون من قبيل الصدقات الرمضانية، ثم إننا لم نتحدث عن الدعم اللوجستي والمخابراتي من تخطيط وإعلام وما شابه، وإذا كانت إسرائيل قد دخلت وبقوة على الخط يتجلى ذلك في نشاطها الاستثنائي والذي بلغ به الصهاينة أعلى المستويات، وتجاوزوا فيه كل الحدود وبذلوا قصارى ما يملكون من جهد حتى تمكنوا من إضافة حزب الله إلى قائمة الإرهاب الأوروبي، وعلى هامش تحرير القصير، والخلاصة فإن الكلفة باهضة للغاية فهل نتصور بعد ذلك أن حلفاء المعارضة إنما يهدفون إلى تحرير سوريا وجعلها تعيش في أمن وأمان بعد إدخالها إلى بحبوحة عيش من الرفاهية والديمقراطية والحرية فتكون واحة لرغد العيش ؟ إنه لمن السذاجة بمكان بل والبلاهة أن يعتقد أحد منا بأن الأمور هي على ما يقال ومن هنا فإن أطياف المعارضة من المخدوعين والعالمين على السواء عندما يتوهمون أن لهم في الأمر ما يعنيهم ويتوهمون هذا فإنهم سرعان ما يتطوعون للإدلاء بتصريحات حول جنيف والحوار وما شابه ذلك، ولكننا سرعان ما نراهم وقد بلعوا ألسنتهم وأخذوا يلهثون وراء تصريحات عائمة هلامية لا يكاد يفهم السامع منها شيئا، فهم يعلنون عن قبول الدخول في مفاوضات وكما يزعمون لحقن الدماء فماذا يقولون ؟ إنهم كالأطفال الذين يحلمون وليست أحلامهم إلا من قبيل الوهم فيبالغون بناء على توصيات كيري وبندورة ”بندر” ويشترطون ما لا يقل عن استسلام النظام لهم بكليته بجيشه ورئيسه وأحزابه وحلفائه، وعندئذ يدخلون في المفاوضات وهم وإن كانوا يجهلون مع من يتفاوضون عندئذ فإن المخابرات الأمريكية جاهزة للجواب لتقول لهم باختصار : ذاك الذي لن يأتي وإن أتى فسوف يكون فيما بينهم أي فيما بين العصابات المسلحة نفسها أو من بقي منها وعلى غرار ما هو حاصل في ليبيا، فالنصرة مع الجيش الحر والقاعدة مع الأكراد، وهذا مع ذاك وإسرائل هي جمهور المشجعين على الإقتتال فهل فهمنا؟ وبأي آلاء ربكما تكذبان ؟