التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: ولعل التكليف الإلهي إنما يتعلَّق بما يقع تحت الاختيار لا بما يستكره عليه من الأعمال؛فالعفَّة التي تُكلَّف بها النساء يجب أن تكون من كسبهنَّ ومما يقع تحت اختيارهنَّ لا أن يكنَّ مستكرهات عليها، وإلاَّ فلا ثواب لهن في مجرَّد الكفِّ عن المنكر؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ”مَن عشق فعفَّ فكتم فمات فهو شهيد”. والحقيقة أننا نعمل عمل من يعتقد أن النساء عندنا لسن أهلا للعفَّة،أليس من الغريب أن لا يوجد رجل فينا يثق بامرأة أبداً مهما اختبرها ومهما عاشت معه؟ أليس من العار أن نتصور أن أمهاتنا وبناتنا و زوجاتنا لا يعرفن صيانة أنفسهن؟ أيليق أن لا تثق بهؤلاء العزيزات المحبوبات الطاهرات وأن نسيء الظنَّ بهنَّ إلى هذا الحدِّ؟ إني أسأل كل إنسان خالي الغرض: هل هذه المعاملة يليق أن يعامل بها إنسان له من خاصة الإنسان ما لنا؟ فهو مثلنا له روح ووجدان وقلب وعقل وحواس. وهل سوء الظنِّ في المرأة إلى هذا الحَّد يتَّفق مع اعتبارنا لأنفسنا واعتبار المرأة لنفسها؟ والعاقل يرى أن الاحتياط الذي يتَّخذه الرجال لصيانة النساء عندنا مهما بلغ من الدقَّة لا يفيد شيئا إن لم يصل الرجال إلى امتلاك قلب امرأة، فإن ملكه ملك كل شيء منها، وإن لم يملكه لم يملك منها شياً؛ ذلك لأنه ليس في استطاعة رجل ان يراقب حركات امرأة وسيرها في كل دقيقة تمرُّ من الليل والنهار. متى خرج أحدنا من منزله أو سمح لامرأته أن تخرج بسبب من الأسباب فعلى مَن يتَّكل إن لم يكن على صيانتها وحفظها نفسها بنفسها؟ ثم ماذا يفيد الرجل أن يملك جسم امرأته وحده إذا غاب عنه قلبها، أيستطيع أن يتصرَّف فيه وتبذله لأي شخص تريد؟ فإذا رأت امرأة رجلا من الشبك فأعجبها ومالت إليه بقلبها وودَت أن تواصله لحظة أفلا يُعدُّ هذا في الحقيقة من الزنا؟ ألم يتمزق حجاب العفة في هذه اللحظة؟ وهل بعد المسافة بينها وبين الرجل وعدم تمكُّنها من من مواصلته يسمّى عفّضة؟ نعم إن الشرائع لا تعاقب ولا تقيم الحدَّ على زنا العين والقلب، لأن العقوبات والحدود لا سلطان لها على الخواطر والقلوب، ولكن في نظر أهل الأدب والتقوى لا عبرة للعبد بين الأجساد إذا تواصلت الأرواح واجتمعت القلوب. يتبع