التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: مقدمة: .. ولست مبالغا إن قلت إن ذلك كان حال المرأة في مصر إلى هذه السنين الأخيرة التي خفَّت فيها نوعا ما سلطة الرجل على المرأة تبعا لتقدم الفكر في الرجال، واعتدال السلطة الحاكمة عليهم. ورأينا النساء يخرجن لقضاء حاجاتهن، ويترددن على المنتزهات العمومية لاستنشاق الهواء، وترويح النفوس بتسريح النظر في الكائنات التي عرضها الصانع جل شأنه على نظر كل مخلوق رجلا كان أو امرأة، وكثير منهن يذهبن مع رجالهن إلى السياحة في بعض البلاد الأخرى. وكثير من الرجال قد أعطو لنسائهن مقاما في الحياة العائلية. وهذا إنما طرأ على بعض الرجال من نشأة الثقة في نفوس أولئك الرجال بنسائهم واطمئنانهم إلى أمانتهم؛ وهو احترام جيد للمرأة. نعم لا ننكر أن هذا التغيير لا يخلو من وجود انتقاد، لكن سبب الانتقاد في الحقيقة ليس هو نفس التغيير ولكنه الأحوال التي احتفت به، أهمها رسوخ عادة الحجاب في أنفس الجمهور الأعظم ونقص تربية النساء على مقتضى الدين، وقواعد الأدب، ووقف بالحجاب عند الحد المعروف في أغلب المذاهب الإسلامية؛ سقطت كل تلك الانتقادات،أمكن للأمة أن تنتفع بجميع أفرادها نساء ورجالا. تربية المرأة المرأة وما أدراك ما المرأة؛ إنسان مثل الرجل لا تختلف عنه في الأعضاء ووظائفها، ولا في الإحساس ولا في الفكر ولا في كل ما تقتضيه حقيقة الإنسان من حيث هو إنسان، اللهم إلا بقدر ما يستدعيه اختلافها في الصنف. فإذا فاق الرجل المرأة في القوة البدنية والعقلية، فذلك إنما لأنه اشتغل بالعمل والفكر أجيالا طويلة كانت المرأة فيها محرومة من استعمال القوَّتين المذكورتين، ومقهورة على لزوم حالة من من الانحطاط تختلف في الشدة والضعف على حسب الأوقات والأماكن. ولايزال الناس عندنا يعتقدون أن تربية المرأة وتعليمها غير واجبين، بل إنهم يتساءلون هل تعلُّم المرأة والقراءة والكتابة مما يجوز شرعا أو محرم بمقتضى الشريعة؟! وأتذكر أني أشرت يوما على أب وقد رأيت معه بنتا بلغت من العمر تسع سنوات أعجبني جمالها وذكاؤها بأن يعلمها فأجابني:”وهل تريد أن تعطيها وظيفة في الحكومة؟” فاعترضت عليه قائلا: “وهل في مذهبك لا يتعلَّم إلا الموظَّفون؟”فأجابني:”إني أعلمها جميع ما يلزم لإدارة منزلها ولا أفعل غير ذلك”0 قال هذا على وجه يشعر أنه لا يحبُّ المناقشة في رأيه؛ ويعني هذا الأب العنيد بإدارة المنزل أن بنته تعرف شيئا من صناعة الخياطة، وتجهيز الطعام، واستعمال المكوى وما أشبه ذلك من المعارف التي لا أنكر أنها مفيدة بل لازمة لكل امرأة. ولكني أقول - ولا أخشى نكيرا- إنه مخطئ في توهمه أن المرأة التي لا يكون لها من البضاعة إلا هذه المعارف يوجد عندها من الكفاءة ما يؤهلها إلى إدارة المنزل. ...(يتبع)