قام فوج من الخبراء الاقتصاديين العالميين، بمعيّة نظرائهم في مجال الصّحّة العالمية، يرأسه كلّ من وزير الخزينة الأمريكي الأسبق، البروفيسور ”لورنس سومرز”، و”شارل اليوت” من جامعة هارفرد، بإعداد تقرير بمناسبة الذّكرى العشرين لتقرير التنمية البشرية لسنة 1993، حمل عنوان ”الصّحّة العالمية في 2035، نقطة تقارب عالمي في غضون جيل، نشر مضمونه في مجلّة ”ذي لانسيت” الطّبيّة البريطانية، سلّط من خلاله الخبراء الضّوء على السّبل التي تُمكِّن هذه البلدان، إضافة إلى أصحاب المال والنّفوذ من تحقيق تكامل في خدمات الرّعاية الصّحيّة، باعتماد مخطّط استثماري عقلاني وطموح في مجال الأبحاث، يمكّنها في غضون جيل من الوفاء بالتزاماتها الوطنيّة بشأن تخفيض وفيات الأطفال والأمّهات، ودحر الأمراض المعدية كالملاريا والسّلّ والسّيدا. وحسب تقرير ”ذي لنسيت”، فإنّنا نسمع لأوّل مرّة في تاريخ البشرية، عن امتلاك جيل للقدرات المالية والتّقنية الكفيلة بالقضاء على الفوارق والفجوات الصحيّة بين البلدان الغنيّة والفقيرة. وفي السّياق قالت ”انياس سوكات”، مديرة إدارة التنمية البشرية في البنك الإفريقي للتنمية، وأحد المشاركين في صياغة التّقرير، إنّ قارّة افريقيا بصدد اجتياز منعطف حاسم لتسريع التقدّم المحقّق في مسار الأهداف الإنمائية للألفية، وتحديد أولويات البرنامج الإنمائي ما بعد 2015. ومن جهته، أشار ”سامرز” إلى أنّ العالم على وشك القضاء على الفجوات العميقة في مجال الصّحّة، لاسيما تلك المتعلّقة بصحّة الأم والطّفل، كي يتسنّى لكل إنسان على وجه الأرض، أن يعيش حياة صحية ومنتجة. وأضاف أنّ فعّالية الأدوية واللّقاحات التي ستكون متاحة بعد الآن ستمكّننا من بلوغ هذا الهدف، وأنّ الفرصة قد سنحت لهذا الجيل لتجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع من خلال الاستثمار الرّشيد لموارده. وناشد أصحاب التّقرير زعماء العالم، لتكريس هذا التّكامل وإدراجه ما بعد الأهداف الإنمائية للألفية، وأكّدوا أنّه لو لقيت تّوصيات التّقرير بشأن رفع الاستثمارات العالمية في مجال الصّحّة صداها لدى المسؤولين، سيشهد العالم في سنة 2035 فحسب إنقاذ حياة حوالي عشرة ملايين شخص في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط، وهو ما ستنتج عنه مكاسب اقتصادية واجتماعية جبّارة في الدّولّ الأكثر تضرّرا من الأوبئة ولأمراض، لاسيما الإفريقية. وخلُص التّقرير أنّه يتعيّن على المجموعة الدّولية، العمل الجاد والدّؤوب لرفع استثماراتها في مجال البحث والتّطوير، بهدف تطوير علاجات ولقاحات جديدة ضد الأوبئة والأمراض الفتّاكة كمرض السّيدا. كما ينبغي أن تُتضاعف المبالغ المستثمرة حاليا في البحث والتّطوير من 3 مليارات دولار أمريكي إلى 6 مليارات سنويا إلى غاية 2020، للنّهوض بالصّحّة العالمية والقضاء على كافّة فوارق العلاج بين الدّول الغنية والفقيرة وتحقيق تكامل عالمي بهذا الشّأن.