يشير التقرير العالمي لسنة 2010 حول التنمية البشرية لهيئة الأممالمتحدة، أن الجزائر قد أضحت تنتمي إلى مجموعة الدول التي تتمتع ب ''تنمية بشرية هامة''، كونها صنفت في المرتبة 84 وتقدمت نسبيا ب 20 مرتبة مقارنة بترتيب 2009 التي احتلت فيه المرتبة 104 عالميا. وجاء في ذات التقرير أن الجزائر صنفت في المرتبة التاسعة عالميا ضمن الدول التي حققت ''أسرع تقدم'' في مجال التنمية البشرية من حيث المؤشر المفصل للتنمية البشرية خلال الفترة 1970-,''2010 والمرتبة الخامسة عالميا ضمن الدول التي حققت أسرع تقدم في مجال التنمية البشرية من حيث المؤشر غير النقدي للتنمية البشرية''. هذه النتائج الهامة ما كانت لتتحقق لولا الاستثمارات العمومية الضخمة التي خصصتها خزينة الدولة لقطاعي التربية الوطنية والصحة من خلال تنفيذ سياسة ''ديمقراطية التعليم'' و''مجانية العلاج''، الأمر الذي ساهم في زيادة الوعي في صفوف شرائح المجتمع وأدى إلى تقلص دائرة الأمية حتى في وسط كبار السن، كما نجحت سياسة الطب المجاني في اختفاء أمراض الفقر والقضاء على الأوبئة، وهو ما جعل الجزائر قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهداف الألفية، مثلما جاء في تقرير هيئة الأممالمتحدة للتنمية. لكن رغم ذلك ما زالت هناك أصوات نشاز تخرج من حين لآخر، تتهم مجانية التعليم بأنها وراء النكبة التي أصابت المدرسة الجزائرية، وأنها وراء تخريج إرهابيين وعاطلين عن العمل، رغم أنها ادعاءات كاذبة، بدليل أن الإطارات المتخرجة من المعاهد والجامعات الجزائرية لا تجد أي صعوبة للالتحاق بمراكز البحث الأجنبية في الخارج لا لشيء سوى لكفاءتها وباعها العلمي. كما لا زالت هناك نفس الأصوات تعمل كل ما في وسعها لإلغاء الطب المجاني، عن طريق اتهام المستشفيات العمومية بأنها ''تعلف'' ملايير الدينارات على خدمات صحية رديئة ودون المستوى، والحل برأيها هو القطاع الخاص والعيادات الخاصة، رغم أن الدول التي سبقتنا للخوصصة في العالم تراجعت عن ذلك. فهل يراد لنا أن نسير عكس التيار؟. صحيح أن الاستثمار في قطاعات مثل الصحة والتربية والسكن تكلف ''دم القلب''، وتحتاج بذرتها سنوات وسنوات لكي تأتي أكلها وتحقق نتائجها، لكنها ستكون نتائج مضمونة بدون أدنى شك والدليل ما جاء في تقرير التنمية البشرية لهيئة الأممالمتحدة للتنمية، ومن يريد إقناعنا بعكس ذلك نقول له، التقشف في كل شيء إلا في التربية والتعليم.