عاد الأمين العام لجبهة التحرير الوطني من رحلة “استجمام” بباريس نهاية الأسبوع الماضي. عاد محملا بأفكار ومشاريع من شأنها أن ترفع جبهة التحرير عاليا، ليس في معترك النضال، وإنما في سوق الفساد. لا أدري هل أن اسم الرجل ذكر في قضايا فساد هو الذي جعله يبحث عن تأمين نفسه أم أنها الحياة السياسية الموبوءة واتساع رقعة الفساد هو من أوحى بهذه الحلول. الأمين العام لجبهة التحرير نصب مؤخرا لجنة من المحامين المناضلين في الحزب الذي يترأسه، كلفها بالدفاع عن مناضلي الجبهة المتورطين في قضايا الفساد. وإذا كان الأمر يستدعي لجنة من المحامين، فإن المتورطين سيكونون بالمئات على ما يبدو، وإلا لما استدعى الأمر خليفة بلخادم إلى اتخاذ هذا الإجراء. وربما ليس المتورطون هم من يعدون بالمئات، بل قضايا الفساد هي التي تعد بآلاف الملايير، وإلا لما كان الأمين العام استنفر هيئاته للتصدي إلى التهم الموجهة إلى مناضليه. آه يا جبهة التحرير؟! يا من أعطيناك عهدا! لم نعطك عهدا على الفساد والتآمر على الوطن، وإنما على محاربة الاستعمار بمختلف أنواعه، وليس الدفاع عن الفاسدين والمفسدين. كان من المفروض أن يلجأ الأمين العام للجبهة إلى عقد مجالس تأديب وإجراء محاكمات داخلية لطرد المناضلين المتورطين في الفساد، وليس الدفاع عنهم. النضال يا سيدي يتطلب أناسا نزهاء أياديهم بيضاء. لأنهم سيدعون يوما ما لتسيير البلاد وما تملكه من مال عام. وأنت بهذه الطريقة تشجعهم على الاستمرار في الخطأ. أين نحن اليوم من جبهة التحرير التي كانت تقطع “الأنوف”، لأنها حرمت التبغ بأنواعه على المجاهدين؟ أين جبهة التحرير التي حاكمت ونفذت إعدامات في مجاهدين تلاعبوا بأموال الاشتراك؟ أين جبهة التحرير اليوم من الجبهة التاريخية التي قادت المناضلين والمجاهدين بصرامة، لولاها ما كانت البلاد لتعرف طريق النصر؟ لا بأس أن يضع سعداني الجبهة رهن إشارة الرئيس وأن يدعوه للترشح لعهدة رابعة وعاشرة إن أطال الله في عمره، لكن لا يمكن أن يقود الحزب إلى الهاوية بهذا الشكل، ويجعله وكرا للفساد، يحمي الفاسدين!؟ نعرف كلنا أن قيادة الجبهة منذ عهد أمينها العام السابق غرقت في الشكارة والفساد، لكن أن تنصب هيئة تحمي الفاسدين، فهذا لم يحدث أبدا في تاريخ النضال السياسي لأي تنظيم!؟ عار عليك يا عمار يا سعداني أن تجني على ما تبقى من الجبهة بهذا الشكل؟!