أكد وفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي قاد مبادرة لإنهاء الفتنة في غرداية، أن المتخاصمين وقعوا ضحية تضليل إعلامي، مشيرا إلى مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج نار الفتنة التي اشتعلت لأيام عقب مقابلة في كرة القدم جمعت فريقين من طرفي الأزمة. وسجل الدكتور علي حريتم أحد أعضاء الوفد، في ندوة صحفية بمقر الجمعية أمس، غياب تدخل السلطات المحلية في ولاية غرداية عقب تطور الأوضاع أكثر وإقدام مجهولين على حرق 44 بيتا ومحلا وهي الأطراف التي اقترفت فعلتها بسبب التضارب الصارخ في المعلومات من جانب الميزابيين والمالكيين، فكل طرف يملك معطيات مغايرة تماما للواقع وكأن أياد خفية تريد ”تعفين الوضع”، يضيف حريتم. وقد أشار المتحدث إلى الاختلاف الاقتصادي الصارخ في المستوى المعيشي بين فئات المجتمع في غرداية. وذهب الوفد الذي رفض إضفاء الطابع السياسي على مهمة ”لجنة الصلح” بعد تحليلهم للأوضاع ولقاءاتهم بأعيان المنطقة إلى أن غياب سياسة الانسجام الاجتماعي وراء الأزمة لاسيما وأن عوامل الخطر بدأت تبرز للعيان في ظل تشكل مدارس ومساجد خاصة بالإباضيين وأخرى بالمالكيين. كما ذكر الوفد باختلاف أحداث بريان لعام 2009 عن أحداث أواخر العام الماضي بعدما لمسوا تجاوبا كبيرا من الطرفين، ووفق تعبيرهم فإن الأسباب تجددت لكن المرض لم يتجدد. وحول البوادر الأولى للأحداث التي انطلقت شرارتها بعد مقابلة في كرة القدم جمعت فريقين يمثلان التيارين المتخاصمين في غرداية، ما فتئ أن تم إخمادها حتى عادت بعد مرور ثلاثة أيام دون أن يعرف احد السبب في حين تردد بعض المصادر أن العامل الذي أشعل فتيل الأزمة جاء على خلفية إفراج السلطات الولائية عن قائمة السكن. وفي هذا الصدد رفض الشيخ محمد مكركب، العضو بالجمعية، أن يكون الصراع عقائديا بمفهومه السياسي الإيديولجي، مشيرا إلى وجود مغالطات في التسمية بين العرب والميزاب، كما يرى الوفد الجمعوي من خلال لقاءاته مع مشايخ وأعيان المنطقة أن وسائل إعلام وطنية وبالأخص التلفزيونات الخاصة ساهمت إلى حد ما في تأجيج الأوضاع الداخلية ولاسيما بعد عودة التوتر إلى الأنحاء. وبخصوص نجاح أو فشل مبادرة الصلح التي أطلقها الوزير الأول قبل أيام، يرى الدكتور قسوم عبد الرزاق رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن أي تحرك سواء من الحكومة أو من طرف الزوايا أو من جهات أخرى تصب في الوعاء الوطني مرحب بها، والأيام ستكشف مدى ناجح المبادرة الحكومية. وندد المتحدث باستغاثة بعض الأطراف عبر منشورات مرسلة إلى الخارج، بهيئة الأممالمتحدة، وهي العاجزة عن حل مشاكل دولية، مشددا على أهمية التركيز على الحل الداخلي. وزاد على ذلك الدكتور حريتم أن رائحة التدخل الأجنبي ”تبدأ وإن بمؤازرة محتشمة عبر وسائل الإعلام” بتحريك من أطراف حزبية أو سياسية أو اقتصادية لها مصالح معينة.