أحدث عرض مسرحية ”الجميلات” جدلا واسعا في الأوساط الفنية المسرحية التي شاهدته من نقاد ومخرجين وكتاب وإعلاميين، فبينما انتقد بشدة، هناك مدافعون استحسنوا المسرحية بكل تفاصيلها، حيث امتد النقاش لقرابة الساعتين تم تحليل فيها العمل بكل جزئياته في الندوة التطبقية التي أعقت العرض، بقاعة المؤتمرات بقصر الثقافة بالشارقة، جمعت كل من المخرجة صونيا والمؤلفة نجاة طيبوني رفقة الناقد الكويتي علا الجابر، إلى جانب حضور نقاد ومختصين في الفن الرابع، من مختلف الدول العربية، فتحو النقاش على مصراعيه، حيث تميز بالجدل والاحتدام في بعض النقاط والاختلاف في نقاط أخرى بخصوص ”الجميلات”. حيث قال الناقد علا الجابر لدة تحليله للمسرحية بأنّ من المواضيع التي يصعب التطرق إليها هي الدين والتاريخ الذي يتعلق بالوطن، قائلا ”صعب المشاكسة بين الدين والوطن”. وأضاف بأنّ العرض اعتمد على عمل جماعي قام على أكتاف الممثلات اللاتي ملأن الخشبة مقدمات إيحاءات جسدية وصوتية، من خلال تركيز المخرجة على إكسسوار قضبان السجن، أبدعت في تقديمها طاقات مبدعة. وأشار النقاد الجابر بأنّ العنوان بحد ذاته إشكالية باعتبار أن المسرحية ارتبطت بمناسبة وبشخصية رمزية نضالية، وهو ما يطرح، حسبه، تساؤ: لماذا في هذا الوقت بالذات؟ مما جعلها تدور في التمثيل والتوثيق الذي يطرح قضية واضحة ارتبطت بمناسبة، إلا إنّه أثنى على دور المخرجة التي التزمت بالنص باعتبار أنّ النص شيفري ورمزي لمنظومة أخرى. وتابع الجابر قوله بأنّ التقارب الشكلي كان كبيرا جدا من خلال نفس الصراع ونفس القضية ما جعله يتساءل أيضا ما بقي لهذه التي وصفها ب”المشاكسة”. متمنيا في ذات السياق بأنّه كان يود عدم سيطرة حواس المخرجة على العمل سيما وأنّها اشتغلت على قضبان السجن الذي بات عنده أكسسوارا قديما اشتغل عليه الكثيرون. وهنا تساءل: فما الجديد في المسرحية؟ كما انتقد المشهد الأخير واصفا إياه بالأضعف بعد تكرار نفس الصورة للممثلات على الخشبة حيث شبهها بالعرض المدرسي والأوبرالي لا أكثر. وهي النقطة التي أفاضت الكأس، حيث وجهت له سلسلة انتقادات لاذعة حتى أنّ بعض النقاد طلب بإدراج ندوة خاصة ب”نقد الناقد”، وناقد آخر طلب أنّ توضع المسرحية في سياق معين وأنّ وصف عرض المشهد الأخير بالمدرسي لا يليق نظرا لقوتها وموضوعها التاريخي المتناول. وفي السياق ذاته دافع مدير مسرح بجاية الجهوي عمر فطموش قائلا بأنّ الإشكال داخلي في نفس السجينات وسيكولوجي أكثر، والجمهور الجزائري يعرف معنى المعاناة، وبالتالي لا يمكن الحكم على تاريخ بلد في مسرحية أو قصة تبرز دور المرأة الجزائرية في الثورة من أجل نيل الاستقلال. بدوره دافع الجزائري الكاتب والمختص في المسرح احميدة العياشي عن العرض بأنّه يندرج ضمن التوثيق للأحداث ويبتعد عن الثورات سيما وأنّ هناك توظيف دقيق ومتكامل للجسد على الخشبة، بينما قال عن القضبان التي لم يهضم توظيفها الناقد علا الجابر بأنّه ربما يوجد هناك اختلاف لكن لا يعني بالضرورة أنّه لا دور لها. من جهته انتقد بشدة الناقد المغربي عبد الجبار خمران الوصف الذي أطلقه علا الجابر في رؤيته للمشهد الأخير بأنه مدرسي قائلا: ”إنه عرض توثيقي، ولو قدم هذا العرض زمن الاستعمار لخرج الشعب في مظاهرات عارمة”. مستغربا ما قاله الجابر بأنّه عرض مدرسي، حيث أشار إلى ضرورة وضع العمل في سياقه بالتحديد. في الصدد قالت المؤلفة نجاة طيبوني في إجابتها على الأسئلة بأنّ العمل يهدف إلى إبراز تاريخ الجزائر وأنّ الجميلات هي الجزائر، ولا يمكن حصرها في جميلة واحدة. مؤكدة بأنّ العنوان لا يتناقض تماما مع النص ومضمون المسرحية. أمّا المخرجة صونيا فاكتفت برّد أوضحت فيه بأنّ العمل تم بصدق وفخر كبيرين تكريما للنساء الجزائريات كعربون وفاء يمنح له حقهن بطريقة فنية.