التقنيون: "رؤساء الأندية هم من كسروا المشاريع الفنية للفرق المحترفة" خلف تسلل العمل السياسي، هذه الأيام، إلى عالم الرياضة وبالخصوص كرة القدم، موجة من الردود والانتقادات من طرف متتبعي الساحرة المستديرة، كما نشب صراع جديد بين الأنصار ومسيري الفرق المحترفة ليس من أجل هزيمة في مباراة أو إقصاء في منافسة أو غيرها من الأسباب التي غالبا ما تخلق أزمة نفور الأنصار، بل هذه المرة بسبب إعلان بعض المسيرين لتوجهاتهم السياسية وطريقة تعاطيهم مع الحملة الانتخابية الجارية تحسبا للاستحقاق الرئاسي المزمع إجراؤه يوم 17 أفريل المقبل. رؤساء أندية يتحولون إلى شخصيات محترمة جدا لدى كبار القوم، ويتلقون هبات ووعودا خيالية ودعوات خاصة، بعدما كانوا إلى وقت قريب يحلمون بملاقاة والي ولاية أو وزير لينالوا بركة التصافح معه، وقناعات أنصار انقلبت رأسا على عقب تجاه ”الزعماء الروحيين” إن صح التعبير للنوادي التي يعشقونها.. كما أن وجوها جديدة باتت تعشق التوافد على المدرجات متحملة عناء الفوضى والصبر على ويلات السب والشتم والظواهر المشينة المعهودة في هذه الأماكن وشبه تجمعات هناك موضوع الحديث فيها ليس عن خطأ المدرب أو رحيل لاعب واستقدام آخر كما هو معهود، بل هو عن مصير بلد بأكمله والرئيس الذي سيحكمه مطلقين العنان لتزلّفهم ومغازلتهم للأنصار الذين يبدو أنهم قد فهموا اللّعبة.. وقضايا أخرى صنعت حدثا جديدا في عالم الكرة هذه الأيام. قادتنا الرغبة لمعرفة تفاصيل هذه القضية إلى القيام باستطلاع تم فيه استنطاق عدة أطراف من أنصار وتقنيين ولاعبين سابقين لمعرفة أسباب ودلائل هذا الحدث الملفت للانتباه، فكانت الردود متضاربة بين مؤيد ومعارض لطريقة تعاطي رؤساء الأندية مع الحدث السياسي الذي تعيشه الجزائر، في حين ذهب آخرون أبعد من ذلك، مشيرين إلى قضايا خفية لها علاقة غير مباشرة بالوضع. ياحي رئيس اتحاد الشاوية: ”الرياضة في الجزائر كالسياسة كل شيء فيها مباح”
لم يجد رئيس نادي اتحاد الشاوية عبد المجيد ياحي فرقا بين السياسة والرياضة في الجزائر، إذ تنطبق حسبه عليهما مقولة ”كل شيد مباح”، وبالتالي يقول ياحي: ”إذا لم تستح فاصنع ما شئت”، في إشارة منه إلى تعفن واقع المستديرة، التي باتت قصعة مستباحة لكل من يملك رأس مال يسمح له بدخول المعترك، ولا يهم التكوين والكفاءة في ميدان الكرة، فالمال هو المحرك الأساسي والسيد في كرة القدم الجزائرية ناهيك عن صور التزلف و”الشيتة”، يقول ياحي التي يشاهدها الجميع، وهي في حقيقية الأمر بعيدة كل البعد عن عالم الاحتراف الذي تتغنى به الهيئات الكروية الجزائرية، ونظرا لمعايشته للكرة سنين طويلة، أكد ياحي أن كرة القدم في الجزائر عرفت تراجعا، وإذا كان هناك حديث عن الاحتراف، يرى ذات المحدث، فإن حال الكرة تنقل من الأحسن إلى الأسوأ، فبعدما كانت الأندية برؤسائها هي من تصنع كل شيء، وكانت الوزارة تستشيرهم حتى في إعداد الميزانية المالية، واليوم أصبحوا مهمشين، والسبب يقول ياحي ”هم من أسقطوا المذلّة على أنفسهم” بخوفهم من العقوبات التي قد تطالهم في حالة التفوه بكلمة لا تسير وفق التيار. وعما هو دائر حاليا بخصوص إعلان بعض الرؤساء مساندتهم لبعض المرتشحين، فهي صورة تؤكد بكل وضوح، حسب ياحي، ضلوع هذه الأطراف في ظواهر الرشوة وشراء الذمم ومهازل الكرة بصفة عامة. المدرب زكري: ”رؤساء الأندية نسفوا بسياساتهم مشاريع فنية كبيرة”
فتح المدرب الجزائري المقال مؤخرا من تدريب الرائد السعودي نور الدين زكري النار على رؤساء الأندية الجزائرية المحترفة، متّهما إياهم بنسف مشاريع فنية كبيرة كانت ستدفع بالكرة الجزائرية إلى مراحل جد متقدمة تمكنها من مضاهاة الكرة الأوروبية، لكن سياسة تصفية الحسابات وتكسير الآخر لإثبات الذات المتبعة من طرف الرؤساء الفاشلين قضت على الجهود، حسب زكري، الذي ينصح الجميع بعدم الاستغراب من ظاهرة ”الشيتة” التي يعمد إليها بعض الرؤساء في طريقة تعاطيهم مع الحدث السياسي الذي تشهدهه البلاد لطالما المستوى في الحضيض، وبكونه مدربا وعاش تجربة كقائد للعارضة الفنية لنادي وفاق سطيف سابقا، يؤكد زكري أن الإشكال لم يكن يوما في الجوانب الفنية التي يجب أن نتركها جانبا حينما نتكلم عن التعفن الذي عشش في الكرة الجزائرية، فكم من مشاريع فنية مميزة جدا في بعض النوادي على غرار وفاق سطيف، اتحاد الحراش، وغيرهما، لكن في كل إخفاق أو تراجع طفيف لمستوى الفريق بسبب المشاكل المالية تارة وعدم وفاء الإدارة بوعودها تارة أخرى، يلجأ رئيس النادي مباشرة إلى سياسية التضليل وإيهام الأنصار بأن وضعية الفريق سببها فشل المدرب الذي يتحمل مسؤولية كل ما حدث، وهذا قصد إبعاد اللوم عن نفسه، لتأتي بعدها إقالة المدرب أو إرغامه على الاستقالة بطرق ملتوية أشبه، يقول زكري، بعمل الساسة في الجزائر، وبالتالي دخول بعض رؤساء النوادي في الحملة الانتخابية دخول منطقي كونهم يمارسون نفس الحكاية تقريبا في النوادي التي يشرفون عليها، ليختم زكري كلامه بمقولة: ”الطيور على أشكالها تقع”. سرار: ”يجب أن ننهي عهد الانحراف قبل أن نتكلم عن الاحتراف”
فضل الزعيم التاريخي لنادي وفاق سطيف عبد الحكيم سرار أن يتحدث عن أمر قال بأنه ذات أولوية، وهو قضية ما سماه بعهد ”الانحراف المغفول عنه” والبحث عن سبل الخروج منه قبل التنقل إلى ما يسمى بالاحتراف،.. رشاوى، تلاعب بنتائج المباريات، عنف في الملاعب، مسيرون ورؤساء لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يفقهون في كرة القدم شيئا، حكام يشعلون نار الفتنة بسبب تحيزهم، فرق تسقط بسبب سوء تسيير، أشخاص يتصارعون على كرسي الرئاسة... أين نحن، يقول سرار، من هذه القضايا ثم نتكلم بعدها عن الاحتراف، بل نحن ظلمنا هذا المصطلح بإسقاطه على حال الكرة الجزائرية، ويسهب سرار قائلا: ”بطبيعة الحال مادامت كل هذه الأمور من خصائص الكرة الجزائرية فلا غرابة في أي خرجة يخرج بها رئيس ناد سواء على الصعيد السياسي أو الرياضي، فكل شيء مباح ولا توجد هناك حدود في عالم المستديرة في الجزائر، التي تحولت إلى مسرحية امتزجت فيها كل الألوان من فن، سياسة، رياضة... إلخ. حمّار: ”إذا كان رجال السياسة أفضل من رجال الأعمال فنحن معهم”
اعتبر رئيس نادي وفاق سطيف حسان حمار، الذي أثار ضجة كبيرة بتصريحاته الموحية بمساندته للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، والتي جعلته يتلقى ردود فعل قوية من طرف عشاق الكحلة والبيضة، أنه يحق لكل مواطن أن يعلن عن انتماءاته السياسية، وعن كونه يمثل ناديا، يقول حمار، فإن مصلحة الفريق تبقى فوق كل اعتبار، وأن إعلان انتمائه ليس وليد الصدفة أو لمصلحة شخصية بل جاءت استنادا لمعطيات تصب في مصلحة الفريق، الذي تلقى، حسبه، وعودا من عدة شخصيات سياسية معظمها ناشطة في الحملة الانتخابية الجارية، بتقديم إعانات معتبرة، ليضيف ذات المتحدث أن هذه الشخصيات بادرت لإعلانها ذلك عقب جلب النادي لتأشيرة المرور لدوري مجموعات رابطة أبطال إفريقيا، هذا الامتحان الإفريقي الذي يتطلب إمكانيات مادية معتبرة، والفريق يعيش ضائقة مالية، يقابله نفور من طرف رجال الأعمال وغياب شكارة كبيرة ترعاه كلها امور تجعلنا، يقول حمار، نتحرك في أي اتجاه كان، المهم يكون خادما لمصلحة الفريق. وعن الانتقادات التي تلقاها حمار من طرف أنصار الفريق بخصوص هذا الشأن، أشار أن هناك قرارات تتعلق بالتسيير لا يعلم أسبابها من هم خارج البيت، وبالتالي لا يحق لأحد أن يطلق العنان لانتقاداته قبل أن يعرف الأسباب الحقيقية وماذا يجري في الكواليس. الفايسبوكيون يطاردون رؤساء الأندية بتعليقاتهم الساخرة
رواد موقع التواصل الاجتماعي المشهور ”فايس بوك”، الذي بات يقلق الكثير من الأطراف، لهم كلمتهم بخصوص كيفية تعاطي رؤساء الأندية المحترفة مع الحدث السياسي الذي تعيشه البلاد، إذ لم تخل التعليقات من الطرافة وهي تنتقي عباراتها بإحكام لوصف حال الكرة الجزائرية، فبين الصور المفبركة المضحكة والتعليقات الساخرة، رسم الفايسبوكيون صورة كاريكاتورية فريدة من نوعها، حاملة في طيّاتها معاني تؤكد مدى تفقه الفئات الرياضية للواقع المرّ، مصرين على إيصال رسائل مشفرة تحمل في ثناياها أن زمن ذرّ الرماد في الأعين والإيهامات الباطلة قد ولى، كما عبرت بعض الرسومات عن مدى التأسف والحسرة من درجة التعفن التي وصل إليها واقع الكرة في الجزائر، إذ بات فيها الرياضي الذي يدعي الاحتراف يتحول كالحرباء مع كل حدث يطفو إلى السطح، في صورة توحي بأن المبادئ أضحت تغيّر كما تغير ربطات العنق، أو لنقل كما تغير الجوارب من شدّة نتانتها، في زمن تباع فيه المبادئ وتشترى بأبخس الأثمان، على حد تعبير أحد رواد هذا الموقع.