مثلما كان متوقعا، لا نائب للرئيس في مسودة الدستور التي طرحها أحمد أويحيى للنقاش وأرسلها إلى الأحزاب والشخصيات السياسية والمجتمع المدني. الإيجابية الوحيدة ربما والتي لم يعد لها معنى بعد كل العهدات التي منحت لبوتفليقة هي العودة إلى تحديد العهدات الرئاسية بعهدتين. إذن، بوتفليقة لا يريد من يقاسمه السلطة، وسيبقى طوال الخمس سنوات المقبلة إذا أطال الله في عمره، يجمع كل السلطات بيده مثلما منحه ذلك التعديل الدستوري سنة 2008. الخوف أن النقاش حول الدستور سيكون بمثابة من يحاور نفسه “Soliloque”، بعدما رفضت المعارضة المشاركة في النقاش حول الدستور مما سينقص من القيمة الفكرية والسياسية للدستور المقبل، الذي ستكون السلطة اللاعب وحدها في الساحة، وستفرض مستقبلا منطقها على الجميع، بسبب هذه المقاطعة. هذا إذا لم تلجأ السلطة إلى تأجيل تعديل الدستور الذي قالت عنه إنه توافقي، وفهمت المعارضة من كلمة توافقي أن السلطة تريد توريطها في دستور تفصله على المقاس، ثم تنسبه للمعارضة التي تعتقد أن رأيها لن يؤخذ بعين الاعتبار فقررت المقاطعة. لأعد إلى مسألة نائب الرئيس التي روج لها قبيل الرئاسيات، حتى يمرر ترشيح الرئيس لعهدة رابعة وطمأن الرأي العام على أنه سيكون هناك نائب له يشغل المنصب في حال شغوره بسبب المرض، واعتقد الكثيرون أنه لا حرج في ترشيح الرئيس، رغم مرضه وعجزه ما دام سيكون هناك نائب له يقوم بمهام رئيس الجمهورية ولن يكون هناك تداخل في المهام ولا غموض حول من يتخذ القرار وبيد من توجد السلطة الفعلية. صحيح أن مسألة خلق منصب نائب الرئيس دستوريا لا يمكن تطبيقها الآن، لأن اختيار نائب الرئيس يجب أن يكون عبر صناديق الانتخابات في قائمة تشمل الرئيس ونائبه، وبالتالي لا يمكن لبوتفليقة أن يعين نائبا له دون المرور عبر صناديق الاقتراع. لكن من جهة أخرى، وبسبب مرض الرئيس دائما، فإن مشكلة من يسير شؤون البلاد في رئاسة الجمهورية ستبقى مطروحة، لأن عمل رئيس الجمهورية هو 24 ساعة/ 24 وهذا غير ممكن مع الوضع الصحي للرئيس، حاليا. العودة إلى تحديد العهدات دستوريا بعهدتين التي كانت وما تزال مطلبا ديمقراطيا وما كان علينا أن نتخلى عنها سنة 2008، لم يعد لها من معنى، وما هي إلا سد الطريق على الرئيس المقبل الذي سيخلف بوتفليقة والذي سيحرم بموجب هذا التعديل من البقاء لفترة أطول في الحكم. هذا إذا لم يلجأ هو الآخر، أيا كان، إلى تعديل آخر يفتح بموجبه العهدات ويتنافس مع سابقه على رقم قياسي جديد في الحكم. لا شيء تغير بالنسبة لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية، ولا تكريس لفصل السلطات الضروري في الديمقراطية الحقيقية، وما زال الحكم رئاسيا بحتا، وما المجالس المنتخبة، وخاصة المجلس الوطني الشعبي، إلا مؤسسات تضفي الشرعية على القرارات المتخذة دون أن يكون لها الحق في التأثير فيها، هذا إذا لم تلق مسودة كردون نفس مصير مسودة المشاورات التي قادها الرجل الثاني بن صالح منذ سنتين قبل أن يفتح نقاش آخر حول الدستور الذي وعد به الرئيس منذ 2011 ولم يتحقق.