لم يعد الطلاق كارثة عند الزوجة ولا مشكلة عند الزوج كما كانت عليه الأسرة الجزائرية المحافظة سابقا، بل أضحت مشكلة عابرة في حياة الشخص ”المطلق” مع التزايد الرهيب في عدد حالات الطلاق بمجتمعنا لأتفه الاسباب، بل في كثير من الأحيان لأسباب واهية وغير منطقية. وللوقوف على تفاهة بعضها سنسرد لكم بعض حالات الطلاق الغريبة التي عرضت على محاكمنا مؤخرا. يبدو أن ”أبغض الحلال” أضحى الحل السحري السريع لأول مشكلة قد تواجه زوجين بالجزائر، بدليل تسجيل 20 ألف حالة خلع وأكثر من 50 ألف حالة طلاق سنويا، وهي أرقام رهيبة تمثل نحو 15 بالمائة من حالات الزواج. وحسب بعض القضائيين فإن 60 بالمائة من حالات الطلاق تكون في الزيجات الجديدة نظرا لاختلاف وجهات نظر الزوجين وعاداتهما، إلى جانب تعوّد المرأة على التحرر والاعتماد على النفس قبل الزواج. كما أن انعدام الثقة وتضخيم موضوع بسيط يؤديان إلى نشوب خلافات بين الطرفين تنتهي بإنهاء الحياة الزوجية، وعوض التغاضي عن كثير من الأمور التافهة بكل بساطة تجد الزوجين متمسكين بآرائهما، وفي المقابل نجدهما غير متمسكين بزواجهما في ظل تشجيع الأهل لهما على الانفصال. ومن بين أغرب حالات الطلاق التي وردت قضاياها على محاكمنا، قضية زوج قرر تطليق زوجته والانفصال عنها بعد شهر واحد من الزواج بداعي عدم التوافق بينهما، وبعد إصرار قاضية محكمة حسين داي على معرفة الأسباب الحقيقية وراء قراره اتضح أن الأخير اكتشف أن الزوجة تعاني من ارتفاع هرمونات الذكورة التي سببت لها كثافة في شعر جسدها، ما جعله ينفر منها، فعوض عرضها على اختصاصي في أمراض الجلد والقضاء على المشكلة بتكلفة لا تتجاوز 5 ملايين سنتيم، قرر تطليقها ودفع 17 مليون سنتيم غرامة عن الضرر النفسي والمادي الذي سببه لها..خصومات وطلاق والسبب..”طاجين” ومن بين حالات الطلاق الغريبة التي أصدرت الحكم فيها بمحكمة بوفاريك بالبليدة، حادثة تشبه مسلسلات الدراما الجزائرية القديمة كمسلسل ”دار السبيطار”، والتي تتشاجر فيها النسوة لأتفه الأسباب. وتتمثل هذه الحالة في طلاق زوجين بعد 4 سنوات من الحياة الزوجية وبعد إنجاب 3 أبناء، وذلك بعد نشوب ”حرب أهلية” بين العروس وأخوات العريس بسبب ”طاجين” من الطين. فحسب محامي القضية، كانت العروس في زيارة اعتيادية لبيت أهلها وبعد عودتها إلى بيت الزوجية تفاجأت بكسر”طاجينها” فأخذت بالصراخ والمشاجرة مع أخوات العريس ال5، لتجد نفسها مطرودة من البيت وأرغم زوجها على تطليقها بعد تهديد أسرته له بالطرد إذا لم يطلقها، لتفكك أسرة أخرى لسبب أقل ما يوصف به أنه تافه!. ”الفايسبوك” وراء طلاق المئات.. ولعل تطور التكنولوجيا الحديثة وانفتاح المجتمع الجزائري على مواقع النت ومواقع التواصل الاجتماعي، كانت له تداعياته السلبية أيضا على الأسرة الجزائرية، بدليل تسجيل مئات من حالات الطلاق بسبب غيرة الأزواج من أصدقاء الفايسبوك، مثل حالة طلاق أمينة التي ضبطها زوجها الغيور في اتصال مع أصدقاء شبان عبر صفحتها بالفايسبوك.. لينهي علاقته بها على الفور بعد 9 أشهر فقط من الزواج. وحالة هذه الزوجة لا تعد الوحيدة، بل تحصي المحاكم الجزائرية مئات الحالات من الطلاق بسبب مواقع التواصل الاجتماعي الذي أدخل الفتن إلى البيوت، خاصة عندما يتعلق الامر ب”الغيرة”، فكثير من الزوجات انفصلن عن أزواجهن لإدمانهم على الأنترنت وأصدقاء ”الفايسبوك”. وتقول لنا بهذا الصدد السيدة ”س. ت”، مطلقة، أنها لم تتقبل فكرة أن تشاركها نساء أخريات اهتمام زوجها ولو عبر الشبكة العنكبوتية، مضيفة أن تعود الزوج على الحديث إلى إحداهن قد يجذبه نحوها لتجد بعدها علاقتهما الزوجية على المحك، ففضلت الانسحاب بشرف على حد قولها، طالما أن زوجها رفض غلق حسابه على الفايسبوك وتمسك بحقه في امتلاك صديقات!. هذه حالات قليلة جدا مقارنة مع الكم الهائل لقضايا الطلاق المعروضة على القضاء والمتزايدة عاما بعد عام لأسباب غريبة، وفي كثير من الأحيان غير مقبولة على الإطلاق، ما يؤكد أن معظم الأزواج الحديثين هم ضحية لقلة الخبرة الزوجية، التحرر وعدم الاستعداد للانتقال من حالة التحرر الشبابي إلى حالة الالتزام الأسري..