لا بأس أن يصطاد أمير قطر وكل أمراء الخليج الحبارى والغزلان في صحرائنا الشاسعة، ويقضون كيفما شاءوا على ثروتنا الحيوانية المعرضة للانقراض جراء هذا الجنون الخليجي، لكن أن يصطاد تميم “أفناكنا” فهذا أمر غير مقبول. لو لم تقم قطر بما فعلته في البلدان العربية من انقلابات، ولو لم تموّل الشباب من بلدان الأزمات وتدربهم وترسلهم للقتال في سوريا، ولو لم تصدر في حق البلدان العربية التصريحات العدوانية، ولو لم تحاول تحريك الشارع في الجزائر ليلتحق بما تسميه “جزيرتها” الربيع العربي، لكانت استضافة أمير قطر للمنتخب الوطني كرما وتعبيرا عربيا أصيلا عن المودة المتبادلة بين شعوبنا. ولكنا شكرنا الأمير على اهتمامه بفريقنا الوطني الذي كان الجميع يردد بأنه ممثل العرب الوحيد في المونديال. فمن الطبيعي أن يهتم به الأمير الشاب الذي مثل والده يريد دائما أن يكون السباق للتقرب من الشباب العربي وكسب ودهم بشتى الطرق، فما بالك لما يتعلق الأمر بفريق وطني استقطب اهتمام ليس الشباب الجزائري، وإنما الشباب العربي في كل جهة، بل وليس الشباب العربي فحسب، فقد كسب احترام الجمهور الكروي في كل العالم. وهل هناك باب أفضل من هذا الباب ليدخل الأمير الشاب قلوب الشباب منه؟! وإن كانت الجهة التي رفضت أن يسافر “الأفناك” إلى الدوحة، تبقى غير محددة، وتتضارب حولها الأنباء، إلا أن هذا الموقف كشف عن تردي العلاقة بين رئاسة الجمهورية، وإمارة قطر، التي لم يكن يرفض لها طلب في الجزائر، وكان أميرها “حمد” يستقبل بالحفاوة في الجزائر، مثلما كانت تستقبل الرئيس بوتفليقة بالأحضان. ألم تسهر قطر على التقريب بينه وبين السلطة الليبية التي خلفت القذافي، بعد أشهر من العداء والاتهامات التي كانت توجهها للجزائر ورئيسها؟! الأكيد أن أمير قطر لم يكن يتوقع أن ترفض له الجزائر هذا الطلب، إن لم أقل المشرفين على الرياضة، وإلا لكان توجه إلى المسؤولين الرسميين بطلبه هذا، ربما كان يتوقع أن يسارع الجزائريون مهرولين لقبول الدعوة، فهو لم يتعود أن يرفض له طلب حتى من الدول الأوروبية الكبرى، ما دام المال يغدق بقوة، ويشتري كل شيء. الخطأ الذي اقترفه الأمير أنه يعتقد أن السلطات في الجزائر لا تختلف عن الأنظمة التي عملت قطر على إسقاطها وبالتالي لن يتنازل ويطلب منها طلبا كهذا. فالنظام في الجزائر في نظر أمير قطر يستحق أن يعامل باستعلائية من قبل الإمارة صانعة الثورات، ولهذا لم يوجه طلبه إلى مؤسسات الدولة التي يحق لها قبول أو رفض هكذا دعوة. وها هي قطر تتلقى الدرس الذي تستحقه في مثل هذه المواقف، وما كان أن تعامل به لو لم تتورط في الفوضى القائمة في الشارع العربي. وهكذا، حرم الأمير من استعمال فريقنا الوطني الذي صرفنا عليه الملايير في اللعبة السياسية القطرية القذرة!؟