انتشر نقص الفيتامين د في الآونة الأخيرة بشكل كبير في العالم، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، وأصبح من مشكلات العصر لما ينتج عنه من آثار ضارة عديدة، أهمها الآثار العظمية المفصلية والعضلية والآثار النفسية والعصبية. وتوجد عدة أسباب لنقص الفيتامين د، أهمها سوء التغذية أو التغذية غير المتوازنة، أي أن التغذية تكون جيدة ولكن على حساب التقليل من الأغذية الحاوية على الفيتامين د كالأسماك والحليب والأجبان والحبوب والبيض، وكذا قلة التعرض لأشعة الشمس. كيف يتم تصنيع الفيتامين د في الجسم؟ يصنع الفيتامين د في جسم الإنسان ابتداء من الكوليسترول، وهذه الكمية المصنعة تعتبر مصدرا هاما للفيتامين د الذي يحتاجه جسمنا، ولكن هذا التصنيع لا يكتمل إلا بالتعرض لأشعة الشمس. ما هو دور الأشعة الشمسية في تصنيع الفيتامين د؟ إن أشعة الشمس فوق البنفسجية هي ثلاثة أنواع رئيسة A، B، C وهذه الأشعة عموماً يمكن أن تكون ضارة بالبشرة وممكن أن تتسبب في آفات جلدية ابتداء من الحروق وقد تصل إلى سرطان الجلد. الأشعة من النوع C تعتبر الأكثر طاقة والأكثر ضرراً بجسم الإنسان، ويمكن أن تسبب حروقاً جلدية شديدة لمجرد التعرض لكميات زهيدة منها. لحسن الحظ، فإن هذه الأشعة لا تصل إلى الأرض لأنها تُمتص من قبل طبقة الأوزون. الأشعة من النوع B مسؤولة عن الحروق الشمسية وهي أقل طاقة وأقل ضرراً من الأشعة C وهي لا تخترق زجاج نوافذ بيوتنا إلا بنسبة ضئيلة. الأشعة من النوع A تعتبر الأقل طاقة والأقل ضرراً وهي مسؤولة عن اسمرار لون الجلد، ويمكن أن تسبب بعض الحروق الشمسية عند التعرض لها بكميات كبيرة ولساعات طويلة، ولكنها أقل شدة من الحروق المسببة بالنوع B وهي تخترق زجاج النوافذ بنسبة عالية. ما قد يفاجئكم هو أن الأشعة المسؤولة عن تصنيع الفيتامين د في أجسامنا هي الأشعة فوق البنفسجية من النوع B، فبالرغم من أن هذه الأشعة مسؤولة عن الحروق الشمسية إلا أنها مفيدة لأجسامنا في تصنيع الفيتامين د، وهذه الأشعة لا تصل إلى الأرض إلا وقت الذروة بين الساعة 10 صباحاً وال 2 ظهراً وهي لا تخترق زجاج نوافذ بيوتنا إلا بنسبة ضئيلة. ما تأثير الواقيات الشمسية على تصنيع الفيتامين د؟ إن استخدام الواقيات الشمسية أصبح شائعاً بكثرة في مجتمعنا بسبب الوعي بأضرار أشعة الشمس على البشرة، ولكن في نفس الوقت إن هذه الواقيات وبأقل عامل حماية شمسية ”SPF” سوف تحجب ما لا يقل عن 90 ٪ من الأشعة فوق البنفسجية من النوع B وهذا يؤدي إلى حرمان ما لا يقل عن 90 ٪ من الفيتامين د المصنع في الجسم الذي يحتاج إلى هذا النوع من الأشعة ليتم تصنيعه. إن التعرض لأشعة الشمس في غير ساعات الذروة لفترات طويلة لن يمنحنا كميات كافية من الفيتامين د المصنع في الجسم، وقد يعرضنا للحروق الشمسية المسببة بالأشعة A. إن ما سبق يجعلنا نقع في حيرة بين ضرورة استخدام الواقيات الشمسية للوقاية من ضرر الأشعة فوق البنفسجية من النوع B وبين ضرورة التعرض لهذه الأشعة المفيدة في تصنيع الفيتامين د في أجسامنا، وهذا يدفعنا للتفكير في حلول وسطية. تشير بعض الدراسات إلى أن تعرض الوجه واليدين والذراعين للشمس في فترة الذروة (بين الساعة 10 صباحاً وال 2 ظهراً لفترة 10 - 20 دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع يعتبر كافياً للوصول إلى مقدار كافٍ من الفيتامين د لدى الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة. أما الأشخاص ذوي البشرة الداكنة فيحتاجون إلى فترة تعرض أطول قد تصل إلى 90 دقيقة. كما ينصح في حالة الأشخاص شديدي الحساسية للشمس والذين لا يستطيعون الاستغناء عن الواقيات الشمسية فترة الذروة، أن يكثروا من تناول الأغذية الحاوية على الفيتامين د، أو أن يتناولوا جرعة يومية من الفيتامين د للوقاية من نقصه المحتمل بسبب قلة التعرض للشمس.