انتقل إلى جوار ربه أول أمس الكاتب والمثقف الكبير الأستاذ الدكتور محمد سعيدي بعد صراع مرير مع المرض، حيث يعتبر الراحل من أعمدة الأدب والثقافة والفكر في الجزائر. محمد السعيدي من مواليد 1934 بمنطقة مجاجة “الشلف” ينحدر من عائلة فلاحية بسيطة محبة للعلم والعلماء، وقد سعى والده لأن يكون له شأن عظيم، فزاول دراسته الأولى بمنطقته ثم انتقل إلى تونس منتسبا إلى الزيتونة عام 1956 وانخرط في العمل الطلابي في جبهة التحرير الوطني، وحصل بعدها على منحة للدراسة إلى الاتحاد السوفياتي وهناك تعرف على محمد الصديق بن يحيى سفير الجزائر في روسياالذي كان يعتبره الأب الروحي له. ولما عين بن يحيى في وزارة الثقافة والإعلام التحق محمد السعيدي به عام 1966 كمدير لجريدة الشعب. ولما تحوّل بن يحيى إلى التعليم العالي طلب من السعيدي التفرغ للجامعة فأصبح رئيسا لقسم اللغات الأجنبية وأستاذا للأدب الروسي وشارك عام 1971 في عضوية لجنة إصلاح التعليم العالي. في عام 1977 عينه رضا مالك مديرا للثقافة وكان له الفضل في تطوير عدة مجالات فكرية وثقافية منها مجلة الثقافة وآمال التي احتضنت أقلام نخبة وجيل كامل من الكتاب الشباب. بعد رحيل بومدين حضر المؤتمر الرابع لجبهة التحرير وصار على إثره عضوا في اللجنة المركزية للحزب ثم مقررا للجنة الاقتصادية ثم محافظا في بسكرة وقسنطينة حيث قام بعمل جبار في بسكرة وكان وراء الصلح بين القبائل المتناحرة واختلط بعامة الناس، وكان وراء الكثير من المشاريع الناجحة هناك. بعد رحيل بوضياف عينه علي كافي مديرا لديوان رئاسة الجمهورية وأوفده اليامين زروال سفيرا إلى ليبيا أين أشرف على جمع عدد من أصدقاء الثورة التحررية حيث كان بيته مفتوحا للجميع كما كان أيضا المرحوم إبان الثمانيات من القرن الماضي عضوا في المجلس الأعلى للإعلام. ورغم اعتزاله السياسة لم يتأخر المرحوم في تقديم خلاصة خبرته وتجربته للشباب الذي كان يعتبره الثروة الحقيقية للبلاد.