لا ريب أن الأندية الرياضية السعودية تعيش في وهم الخصخصة والاحتراف، وأظن أننا سنقضي وقتا طويلا قبل أن نبني الأساس ثم ننطلق. ”الشرق الأوسط” قدمت مادة تفيد بأن نادي الاتحاد فشل أو يعاني في الحصول على رعاية، حيث حمل عنوان ”الاتحاد يفشل في جلب عقود رعاية” مضمونا يؤكد أن النادي الجماهيري الكبير لم يتوصل إلى اتفاق مع الراعي الرئيس على بعض البنود؛ الأمر الذي أجبر صانع قرار شركة الرعاية على الانسحاب، وأتصور أن إدارة الاتحاد ملزمة بالتحرك وإنقاذ الموقف، وإلا ستزداد الأحوال المالية صعوبة وتتأزم الأوضاع، في ظل التزامات رهيبة تطارد عميد الأندية السعودية. وفي تفاصيل الخبر أن المفاوضات التي يجريها مندوب النادي لجلب عقود رعاية للنادي فشلت على الأرجح بعد أن سحبت إحدى الشركات الكبرى رغبتها في توقيع عقد الرعاية مع النادي لأسباب تتعلق ببنود العقد من عمولات، والمطالبة بدفع الراعي قيمة العقد مقدما لسنة ونصف السنة بعد توقيع العقد مباشرة، ويشير مصدر مطلع إلى أن صرف عدد من الشركات المخصص المالي الدعائي دفع خط المفاوضات للبحث عن عقود رعاية للتأجيل إلى بداية العام المقبل! وكان نادي الشباب قد أعلن على لسان رئيس النادي الأمير خالد بن سعد أن النادي الكبير بلا رعاية رئيسة، بل إنه بلا رعاية على الإطلاق، باستثناء وجود إعلانين لا يشكلان رافدا مهما من روافد الاستثمار؛ الأمر الذي يجعل الشباب هو الآخر في مأزق الاعتماد على الدعم التقليدي، وكذلك الرعاية العامة المتمثلة في عقد عبد اللطيف جميل وحقوق نقل المباريات تلفزيونيا، بالإضافة إلى دخل المباريات! من يتصور أننا نتحدث عن بطل بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين قبل موسمين، ثم بطل المسابقة ذاتها في الموسم الماضي، أي بطل آخر بطولة كروية سعودية، ولا ننسى أن الشباب هو بطل مباراة السوبر في افتتاح الموسم الحالي! بطلان حققا بطولتين مهمتين أحدهما يعد آخر من فرض نفسه بطلا، فهما عاجزان عن الحصول على رعاية تسد بعض العجز، وتسهم في انطلاقة مشجعة، بعيدا عن الهزات المالية، وتراكم الديون، والالتزامات التي تشكل إزعاجا لا فكاك منه! عن أي خصخصة نتحدث؟! وأي استثمار هذا الذي نتحدث عنه، وناديان كبيران غير قادرين ليس على فرض سباق بين الشركات؛ بل على استمالة راع واحد فقط؟! قلتها مرارا وتكرارا، إن الواقع المزعج يحتاج تحركا عاجلا يبدأ من تغيير نظام الأندية السعودية، وتفعيل الجانب الاستثماري على نحو مرن. وستظل كل المحاولات بعيدة عن المنهجية والإقناع تعتمد على الفوضى وحب الخشوم والمجاملات والعلاقات مع تداخل أطراف مستفيدة لا علاقة لها بكيانات الأندية. أليس من العيب أن يستمر ناد كبير صاحب بطولات وشعبية أسيرا للوسطاء، حيث تذهب نسبة كبيرة جدا إلى أطراف يهمها استمرار هذا الوضع المتهرئ المهزوز غير المستقر؟! كيف يعجز ناد كبير عن العمل باستقلالية من خلال الكيان ذاته، بعيدا عن الوسطاء والمستفيدين وأصحاب المصالح الشخصية؟! وأين إدارات التسويق والترويج؟! أين إدارة الاستثمار التي تتحرك باستقلالية ومنهجية بحرية كاملة وضوابط شرعية؟! أصلحوا أحوال الأندية، وأبعدوها عن الملاك المؤقتين، وهاتوا لنا نظاما محترما واضحا وكفانا مهازل!