السيد عطاف يجري محادثات مع نظيره التونسي    مولودية الجزائر تتعادل أمام اورلاندو بيراتس (0-0) وتقصى من المنافسة    مخطط التهجير وتدمير حلّ الدولتين    الصين أمريكا.. حربٌ حتى النهاية!    بوغالي يثمّن تلاحم الشعب الجزائري مع جيشه    القرنطيطة أفضل وجبات أكل الشوارع في العالم    لقاء علمي حول حفظ وصيانة المخطوطات    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    أحزاب سياسية تواصل استنكارها لموقف الحكومة الانتقالية في مالي ضد الجزائر    زيتوني يترأس اجتماعا تنسيقيا لمناقشة برنامج عمل المخبر الوطني للتجارب    الطغمة الانقلابية بمالي افتعلت الأزمة مع الجزائر    إطلاق المنصة الرقمية الخاصّة بالطلبة الدوليين    قناة التلفزيون "آرتي" تخصص روبورتاجا لكفاح الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال    مطالب بقطع علاقات النظام المخزني مع الكيان الصهيوني ورفض للتطبيع الأكاديمي    صحة : اجتماع تنسيقي لدراسة القوانين والأنظمة التعويضية لموظفي القطاع    قسنطينة : افتتاح الطبعة الأول لصالون الدراجات والدراجات النارية بمشاركة 50 عارضا    بنك الفلاحة والتنمية الريفية : أكثر من 200 مليار دج تمويلات استثمارية في 2024    ندوة حول الاحتراف في كرة القدم: السيد صادي يجدد حرصه على مرافقة الأندية الجزائرية    اليمن : جماعة الحوثي تنفذ عملية عسكرية بطائرة "يافا" في تل أبيب    الرابطة الثانية هواة: المنعرج الأخير من أجل الصعود في الشرق, و نجم بن عكنون لتعميق الفارق في الغرب    جامعة التكوين المتواصل تنظم الدورة التكوينية الثانية في المقاولاتية    سفيان شايب يستقبل وفدًا من "سي أن أن إنترناشيونال" ويبحث فرص الاستثمار الإعلامي في الجزائر    عرض آفاق عصرنة وتطوير بلديات سيدي أمحمد في اجتماع مع والي ولاية الجزائر    فرحات شابخ: تحسين أوضاع عمال التربية محور لقاءات مرتقبة بين الوزارة والشركاء الاجتماعيين    الجزائر وجنوب إفريقيا تبحثان سبل تعزيز التعاون الثنائي وقضايا إقليمية ذات اهتمام مشترك    "زمالة الأمير عبد القادر": أكبر سفينة صيد بحرية جزائرية محلية الصنع تنزل المياه من ميناء المرسى بالشلف    الطبعة ال27 للصالون الدولي للصحة "سيمام" تنطلق بوهران بمشاركة 600 شركة من 38 دولة    حوادث المرور: وفاة 6 أشخاص وجرح أكثر من 270 آخرين خلال ال 24 ساعة الأخيرة    التأمينات تحقق رقم أعمال يزيد عن 181 مليار دج في 2024    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50810 شهيدا و115688 جريحا    الديوان يسخر مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج    الإحصاء أساس القرارات الصائبة لضمان الأمن الغذائي    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    جرد أملاك الدولة سند قوي للإصلاحات الاقتصادية    تقنية الجيل الخامس لجعل الجزائر محورا إقليميا في تكنولوجيا المعلومات    العصرنة والاحترافية في خدمة الوطن والشعب    حجز 26 طنّا من الكيف و147 كلغ من الكوكايين    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    مشاركة 17 دولة وتكريم خاص لفنزويلا    ورشة لتقييم نظام الأدوية واللقاحات    الجزائر محمية باللّه    بالإصرار والعزيمة التأهل ليس مستحيلا    مشاكل التسويق ترهن جهود الماكثات في البيوت    "الطبيخ".."المحلبي" و "البالوزة" إرث محفوظ بقسنطينة    مدرب مرسيليا يؤكد عودة غويري في لقاء موناكو    "السياسي" متحمس للعودة بالتأهل من العاصمة    إبراز أعمال المؤرخ الجزائري الراحل عمر كارلييه    إحياء التراث الموسيقيّ وتكريم دحمان الحراشي    اليوم العربي للمخطوط: لقاء علمي بالجزائر العاصمة حول حفظ وصيانة المخطوطات    فنزويلا "ضيف شرف" الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقي السيمفونية    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    حج 2025 : تسخير مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج عبر مختلف بلديات ودوائر الوطن    مختصون وباحثون جامعيون يؤكدون أهمية رقمنة المخطوطات في الحفاظ على الذاكرة الوطنية    الشباب يستعيد الوصافة    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صديق إقطاعي ابن ابن إقطاعي
نشر في الفجر يوم 25 - 10 - 2014

نشرات الأخبار أصابتني بإجهاد عصبي يكاد يفسد حياتي، لا بد على الأقل من الابتعاد عن المكان ولو ليومين. تذكرت دعوة من صديق ربما كان هو المثقف الوحيد الذي يعمل بفلاحة الأرض. شددت الرحال إلى عزبته أو للدقة عزبة أسرته التي تقع في عمق محافظة البحيرة على بعد حوالي 200 كيلومتر من القاهرة. منطقة نفوذ الأسرة ومزارعها الكبيرة توجد في محافظة المنوفية شديدة الازدحام، لذلك قرر الباشا خريج جامعة أكسفورد الابتعاد عنها وأن يشتري هذه المزرعة ذات الألف فدان، وذلك عام 1948 ودفع في الفدان 128 جنيها مصريا، نعم، مائة وثمانية وعشرين جنيها ثمنا للفدان الواحد وهو نفس المبلغ الذي تدفعه الآن في مطعم درجة ثالثة مقابل وجبة غداء. المزرعة وبيت الأسرة أشعراني بأني أمشي في فيلم ريفي مصري قديم، تخيلت في لحظات كثيرة أنني سأفاجأ بزكي رستم نازلا من على السلم يشتمني أو يرحب بي، أو أن فردوس محمد ستقدم لي طعام الإفطار. أو أن ليلى مراد في عز شبابها ستطرق علي باب غرفتي في المساء وتقول لي في حياء ممتلئ بالإغراء: عاوز حاجة يا سيدي؟.. الغطا كفاية ولا تحب تتدفى أكتر؟
في الصباح ركبت الكارتة ومررت على العجول والأبقار، كان موعد تقديم وجبة الغداء، عدد من الجاموس والأبقار توقف عن الطعام وجرى نحونا، كانت تتطلع بدهشة لهذا المخلوق الغريب، وتحاول استكشاف ماذا جاء ليفعل في هذا المكان؟ إنها غريزة حب الاستطلاع التي تميز الكائنات الحية، الشيء الغريب هو نظراتها الطفولية الجميلة، قال لي صديقي: إنها تعي ما حولها، وتعرف جيدا لحظات النهاية ولذلك تقاوم بضراوة عملية صعودها الميزان التي تسبق ذبحها. عملية الميزان طبيعية وروتينية، غير أنها قادرة على معرفة عملية الميزان الأخيرة التي تسبق نهايتها ربما من رؤية الجزار، أو لعلها تدرك ذلك بطريقة لا نعرفها نحن.
واصلنا طريقنا إلى اسطبلات الخيل، خرجت الخيل وأخذت تجري في الساحة الكبيرة في قوة وفرحة، هناك شيء ما يربطني بالخيل، بداخلي حصان مقيد عاجز عن الجري، بداخلي أيضا حمار أو عدة حمير لها قدرة هائلة على الصبر والتحمل غير أنها عاجزة عن أن تمدني بما أنا في حاجة إليه من جهل وبلادة.
انتقلنا إلى فصل الحضانة التي أقامها صديقي بالإضافة لعدة فصول ابتدائي، حاولت إدارة حوار بيني وبين الأطفال وفشلت في ذلك، هم يخشون الحديث مع الغرباء، إنه الحذر الفلاحي القديم. في المدرسة الابتدائية جلسنا في غرفة حضرة الناظر، وتذكرت غرفة حضرة الناظر في مدرستي في دمياط في منتصف أربعينات القرن الماضي فقلت لنفسي: يا إلهي.. كم نحن فقراء الآن.
تطرق الحديث إلى فصول التقوية التي أقامها صديقي لحماية أسر التلاميذ من الدروس الخصوصية، وكانت المفاجأة أن الناظر والمدرسين لا يعرفون شيئا عن فصول التقوية هذه، وثار صديقي: أنا أدفع فلوسا لهذه الفصول.. لمن تذهب؟.. ألو يا حاج طه.. أريدك أن تحقق في هذا الموضوع.
بعد ساعتين قال لي صديقي: كل المدرسين يعملون في فصول التقوية، لقد أنكروا ذلك أمامك خوفا من أن تكتب ذلك، مع أنها عملية قانونية تماما.
يا إلهي.. كم نحن كذابون هذه الأيام؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.