الجزائر تعرب عن تضامنها التام مع جمهورية اتحاد ميانمار إثر الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد    48 ساعة لنائب القنصل المغربي بوهران لمغادرة الجزائر    منظّمات حقوقية تندّد بالتضييق على الجزائريين بفرنسا    تكريم المتفوّقين في المسابقة لحفظ وتجويد القرآن الكريم    مخزون كبير في المواد الغذائية    مشروع "بلدنا الجزائر" يدخل مرحلة التنفيذ    إبراز دور القيم المهنية للصحافة في الدفاع عن الوطن    مرسوم تنفيذي لإدماج 82410 أستاذ متعاقد    تواصل العدوان الصهيوني على جنين وطولكرم ومخيم نور الشمس    تتويج فريق القناة السادسة بالطبعة الرابعة    خالدي وبن معزوز يمنحان تأهلا سهلا ل"سوسطارة"    تأهل تاريخي لمولودية البيّض إلى نصف النهائي    حلويات قسنطينية تروي قصة تراث وعزيمة    تخفيضات تصل إلى 50 ٪ في أسعار الملابس    تسويق 238 ألف كيلوغرام من اللحوم المستوردة    تحييد 7 إرهابيين وتوقيف 5 عناصر دعم    صور من الغث والسمين    عمق العلاقات الزوجية وصراعاتها في ظل ضغوط المجتمع    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    إنفانتينو يعزّي في وفاة مناد    الصفراء تبحث عن ثالث إنجاز    بلمهدي يستقبل المتوّجين    أعيادنا بين العادة والعبادة    "سوناطراك" فاعل رئيسي في صناعة الغاز عالميا    بوغالي يعزي في وفاة الفنان القدير حمزة فيغولي    سوناطراك: حشيشي يتفقد الوحدات الانتاجية لمصفاة الجزائر العاصمة    إجتماع تنسيقي بين وزارة الفلاحة والمحافظة السامية للرقمنة لتسريع وتيرة رقمنة القطاع الفلاحي    بومرداس..وزير الصناعة يشرف على عملية الإنتاج التجريبي لمادة السكر بمصنع تفاديس    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال هذا السبت    مزيان: تنظيم لقاء مرتقب لمناقشة القيم المهنية للصحافة    وضع حد لأربع شبكات إجرامية تحترف سرقة المركبات بالعاصمة    كرة القدم (مقابلة ودية): مقابلة دولية ودية للمنتخب الجزائري أمام السويد في يونيو المقبل    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    شراء ملابس العيد من المتاجر الإلكترونية: راحة و وفرة في العصر الرقمي    عيد الفطر: الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين تدعو إلى الالتزام الصارم بالمداومة    ذكرى يوم الأرض: الفلسطينيون يتشبثون بأرضهم أكثر من أي وقت مضى رغم استمرار حرب الإبادة الصهيونية    كرة القدم: الممثل الاقليمي للقسم التقني على مستوى الفيفا في زيارة عمل بالجزائر    العقيد عميروش, قائد فذ واستراتيجي بارع    وفاة الفنان حمزة فغولي عن عمر ناهز 86 عاما    اليوم العالمي للمسرح: المسرح الوطني الجزائري يحتفي بمسيرة ثلة من المسرحيين الجزائريين    في يوم الأرض.. الاحتلال الصهيوني يستولي على 46 ألف دونم في الضفة الغربية سنة 2024    المسابقة الوطنية لحفظ وترتيل القرآن الكريم لنزلاء المؤسسات العقابية: إختتام الطبعة ال15 في أجواء روحية مميزة    مركز التكفل النفسي الاجتماعي ببن طلحة: إفطار جماعي وتقديم ملابس عيد الفطر لأطفال يتامى ومعوزين    كأس الجزائر: تأهل اتحاد الجزائر ومولودية البيض إلى الدور نصف النهائي    الجزائر- قطر: التوقيع على الاتفاقية النهائية للمشروع المتكامل لإنتاج الحليب بجنوب البلاد    اختتام "ليالي رمضان" بوهران: وصلات من المديح الأندلسي والإنشاد تمتع الجمهور العريض    هذه رزنامة امتحاني البيام والبكالوريا    فرنسا.. العدوانية    هذا موعد ترقّب هلال العيد    2150 رحلة إضافية لنقل المسافرين عشية العيد    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    أمطار رعدية على عدة ولايات من شرق البلاد    عرض فيلم زيغود يوسف    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    حج 2025: برايك يشرف على اجتماع تنسيقي مع وكالات السياحة والأسفار    الجزائر تندد    الدعاء في ليلة القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومن العلم ما قتل
نشر في الفجر يوم 21 - 12 - 2014

يبدو مستغربا أن تلجأ الولايات المتحدة، الدولة الرائدة في الالتزام بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، إلى التعذيب الجسدي كوسيلة ”مقبولة” في انتزاع الاعترافات من الموقوفين السياسيين في سجونها السرية. وعزز مصداقية هذا الاستغراب ما كشفه تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي عن أن ”تقنية” التعذيب المدروسة استوجبت تطويع وكالة الاستخبارات الأميركية العلم، وتحديدا علم النفس، للتوصل إلى ”تقنية” تعذيب فعالة. استنادا إلى تقرير اللجنة، أخذت الوكالة باقتراح أحد محاميها الاستعانة بأستاذ في علم النفس (ذكر التقرير أن اسمه جيمس ميتشل) ليضع لها تصورا ”علميا” لأجدى وسائل التعذيب القادرة على التسبب بحالة ”تشتت نفسي” للمعتقل وبتقليص طاقته على مواجهة تحقيق مستجوبيه. وكشف التقرير أن من بين اقتراحات خبير علم النفس: وضع المعتقل في زنزانة بيضاء الجدران والسقف مضاءة بشكل مستدام تضج دوما بموسيقى صاخبة تحول دون استسلامه للنوم.
ربما بدت وسائل التحقيق الأميركية هذه ”حضارية” بالمقارنة مع أساليب التحقيق المتبعة من ديكتاتوريات العالم الثالث، ورحومة بالمقارنة مع أسلوب ”قطع الرؤوس” الذي تتبعه ”داعش”.
مع ذلك يظل البعد السياسي لقضية التعذيب هو الأكثر إثارة للتساؤلات خارج الولايات المتحدة.
استنادا إلى وسائل الإعلام فوجئ الرأي العام الأميركي – أو بعضه على الأقل - بما كشفه تقرير مجلس الشيوخ قبل أسبوعين عن حقبة تعذيب المعتقلين السياسيين خلال عهد الرئيس السابق جورج بوش (رغم أنها كانت ”سرا شائعا”، ومعتما عليه، في كثير من عواصم العالم). ولكن، حتى مع الأخذ في الاعتبار حالة الصدمة القومية والمعنوية التي أصابت الولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 يصعب الاقتناع بما ذكرته وسائل الإعلام الأميركية عن أن ال”سي آي إيه” واصلت ممارساتها غير الإنسانية، بلا رقيب أو حسيب، حتى إلى ما بعد توقيع الرئيس باراك أوباما - يوم توليه منصبه عام 2009 - الأمر التنفيذي رقم 13491 الذي يحظر استخدام أساليب التعذيب في استجواب المعتقلين السياسيين، وإلى ما بعد مباشرة رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، ديان فيشتاين، التحقيق فيما سمي آنذاك ب”أساليب الاستجواب المحسنة” التي تعتمدها وكالة الاستخبارات المركزية.
أما تبرير استمرار عمليات التعذيب بأساليب وكالة الاستخبارات ”التضليلية” التي أخفت أنها كانت - حسب وسائل الإعلام الأميركية - أسوأ بكثير مما أبلغته لصناع القرار في واشنطن، بما فيهم رئيس الدولة ووزيرة العدل، فيبدو عذرا أقبح من ذنب.
ورغم أن تسريبات الإعلام الأميركي توحي بأن عددا من المسؤولين الأميركيين كانوا على علم بممارسة وكالة الاستخبارات لشكل ”ملطف” من أشكال التعذيب الجسدي للمعتقلين السياسيين، يبقى خبر ”تجاهل” وكالة الاستخبارات المركزية تعليمات القيمين على السلطة في واشنطن، بمن فيهم رئيس البلاد، الظاهرة السياسية الأكثر إثارة للقلق على مستقبل الديمقراطية الأميركية، فالخبر، بحد ذاته، يثير أكثر من تساؤل حول صلاحيات الوكالة في حقبة ما بعد 11 سبتمبر 2001، وبالتالي فسحة ”الاستقلالية” المتاحة لها عن قرار الدولة.. واستطرادا، احتمال تحولها إلى دولة ”مركزية” داخل الدولة ”الفيدرالية”.
والمقلق في هذا السياق أن رياح ”استقلال” وكالة الاستخبارات المركزية عن سلطة الإدارة الأميركية تهب من إسرائيل بالذات، فمنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 ومستشارو الوكالة القانونيون يبحثون عن تبرير ”قانوني” لعمليات التعذيب إلى أن عثروا على ”سابقة” إسرائيلية استعان بها مستشارو الوكالة لتعميم مشروع مذكرة قانونية تستند إلى قرار أصدرته المحكمة الإسرائيلية العليا، يبرر تعذيب المعتقلين السياسيين، ويعتبره ”ضروريا” للحؤول دون إلحاق ”أذى جسدي وشيك” بالأفراد في حال انتفاء الوسائل الأخرى المتاحة لتحقيق ذلك.
ليس مستبعدا في دولة بمساحة الولايات المتحدة وتنوعها الديمغرافي أن يفسح نظامها الفيدرالي المجال لتجاوزات رسمية قد تكون غير واردة في الأنظمة الأكثر مركزية.
أما أن تصبح إسرائيل ”ملهم” جهازها الاستخباراتي في تعامله مع المعتقلين السياسيين، فأمر لا يثير تساؤلات حول الخلفية الأخلاقية لنزعة ”استقلال” وكالة الاستخبارات عن البيت الأبيض فحسب بقدر ما يثير شكوكا حول مستقبل الديمقراطية الأميركية نفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.