شهدت سنة 2014 العديد من المواقف التي تعتبر مصيرية في تاريخ الاقتصاد الوطني، ان أبرزها انهيار اسعار البترول وتبعها تراجع قيمة الدينار، فضلا عن لهيب أسعار المواد واسعة الإستهلاك. في حين توجت السنة بتدشين مصنع “رونو” وإنتاج سيارة سيمبول الجزائرية، وكذا افتكاك الجزائر الموافقة الرسمية للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بعد سنوات من المفاوضات التي أتت أكلها. من انهيار أسعار البترول وتنحية زرقين.. إلى عزوف الأجانب عن الاستثمار “البقرة الحلوب” عاشت مخاضا عسيرا في 2014 عرف قطاع الطاقة خلال عام 2014 انهيار اسعار البترول الذي فقد قرابة 40 بالمائة من قيمته في ظرف 6 أشهر، ما تسبب في انخفاض العائدات النفطية بمليار دولار خلال السداسي الأول، ليتم بعدها تنحية الرئيس المدير العام للمجمع الطاقوي سوناطراك، وكذا تراجع إقبال المستثمرين الأجانب للاستثمار في الجزائر، وكذا تراجع سعر صرف العملة الوطنية مقابل الأورو. ويعتبر تراجع اسعار البترول أهم حدث ميز سنة 2014، حيث فقد سعر برميل البترول حوالي 40 بالمائة من قيمته، الذي تجاوز 115 دولارا في جوان ليصل إلى أدنى مستوياته منذ خمسة أعوام، حيث وصلت أسعار برميل البترول الجزائري “صحاري بلند” إلى 68 دولارا، ما تسبب في تراجع عائدات البترول بمليار دولار خلال السداسي الاول للسنة الجارية، لتبلغ 31.8 دولار خلال سداسي الاول من 2014، مقابل 32.3 مليار دولار خلال السداسي الاول لسنة 2013. كما يتوقع خبراء أن تشهد هذه الأسعار تقلبات حادة بعد قرار “أوبك” ترك السوق لتحدد مستواها بنفسها وفق عوامل العرض والطلب، ويضيفون أن المنتجين الأمريكيين سيشعرون بوطأة تلك التقلبات. ونزل قرار الأوبك بعد اجتماع الدول الاعضاء يوم 27 نوفمبر الماضي، كالصاعقة على الجزائر والدول التي كانت تنادي بخفض إنتاج البترول لامتصاص الفائض في السوق العالمية، إلا أن قرار الأوبك بالحفاظ على سقف الإنتاج زاد من حدّة التراجع. كما طرح التراجع الرهيب لأسعار النفط عدة تخوفات على القدرة المالية للجزائر التي يعتمد اقتصادها على نسبة 97 بالمائة في تصدير المحروقات، رغم سلسلة التطمينات التي باشرها مسؤولون في حكومة سلال، أبرزها ما أكده محافظ البنك المركزي بأن احتياطي العملة يكفي لتغطية ثلاث سنوات من الواردات. وكان إجمالي ميزان المدفوعات سجل عجزا خلال السداسي الأول 2014 ب 1.32 مليار دولار مقابل فائض ب 0.88 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق. ونتيجة لذلك تقلصت الاحتياطات الرسمية للصرف إلى 193.269مليار دولار في نهاية جوان 2014 بعد الارتفاع المسجل بنهاية 2013 إلى 194 مليار دولار. كما شهد عام 2014 إزاحة الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، عبد الحميد زرقين، من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتكليف نائبه المكلف بالمنبع، سعيد سحنون، بإدارة شؤون الشركة كرئيس مدير عام بالنيابة. ومن تداعيات انهيار أسعار النفط، تراجع إقبال المستثمرين الاجانب في الجزائر، حيث فشلت المناقصة الدولية الرابعة للتنقيب نهاية أكتوبر المنصرم في جلب اهتمام المجموعات النفطية الكبرى. ولم يتعد عدد العقود التي أبرمت 4 من مجموع 35 مساحة منجمية تضمنتها المناقصة الرابعة. كما عرفت سنة 2014 انخفاض متوسط سعر صرف الدينار مقابل الأورو ب 4.32 بالمائة خلال السداسي الأول، ليبلغ 107.84 دج للأورو الواحد، في حين هوت قيمة العملة الوطنية أمام الدولار بنسبة 8 بالمائة، مدفوعة بانهيار أسعار البترول الذي فقد ما يقارب 40 بالمائة من قيمته منذ شهر جوان المنصرم. إعداد: سارة نوي/لمياء حرزلاوي
البطاطا نجمة العام.. وكيس الحليب افتقده الجميع نار الأسعار تحرق الجزائريين كانت سنة 2014 نارا على الجزائريين، ولم يتوقف زئبق الأسعار عن الصعود حتى أحرق جيوب المواطنين، فقد ارتفعت اسعار المواد الاستهلاكية في ظرف سنة بنسبة 100 بالمائة بين 2013 و2014، حسب تقديرات اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين المفرج عنها. يبدو أن الجزائريين قد تعودوا على استقبال كل عام جديد بلهيب أسعار يطال المواد الغذائية الأساسية التي يجد نفسه مضطرا لاقتنائها، باعتبار أنه لا بديل عنها، وهو نفس ما تم تسجيله نهاية 2013، حيث صنعت الفاصولياء الحدث وقتها، بعد أن قفز سعرها من 140 دينار إلى 300 دينار. الخضر والفواكه مسها اللهيب بشكل كبير، ولكن سيدة المائدة البطاطا حازت على وسام “أغلى الخضر” باستحقاق وعن جدارة في 2014، ليصل سعرها إلى 100 دج للكيلوغرام، ما أثار حفيظة جمعيات حماية المستهلك وإتحاد التجار ومختلف الفاعلين في القطاع لتأتي وزارة التجارة، وتكشف عن سبب ارتفاع هذه المادة التي تعد أساسية على موائد الجزائريين. لتأتي تحقيقات خلية وزارة التجارة لتكشف عن سر هذا الارتفاع المفاجئ، مرجعة إياه إلى النقص في كميات البطاطا المخزنة في إطار جهاز ضبط المنتجات الفلاحية الطازجة ذات الاستهلاك الواسع، والتأخر في طرحها في السوق، ما تسبب في التهاب سعرها. وأشارت حصيلة التحقيق إلى أن جهاز ضبط المنتجات الفلاحية الطازجة ذات الاستهلاك الواسع “لم يعمل بشكل جيد” خلال فترة بين الموسمين، التي تمتد من منتصف شهر سبتمبر إلى غاية منتصف نوفمبر، من منطلق أن المعلومات التي تحصلت عليها مديريات التجارة التسع الجهوية والولائية سجلت نقصا من حيث الكميات المخزنة في غرف التبريد والتأخر في تسويقها. اللحوم الحمراء والبيضاء هي الأخرى لم يجرؤ المواطن البسيط حتى على النظر إليها، إذ قفز سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج بين عشية وضحاها إلى 350 دينار في معظم الأسواق، بعد أن بلغ في وقت سابق 240 دينار، لتبلغ نسبة الزيادة 45 بالمائة. أزمة الحليب هي الأخرى علمت بصمتها في نفوس الجزائريين، بعدما شهدت أسواق الجزائر عبر الولايات ندرة لأكياس الحليب المدعم وأصبح توزيعه يحتاج ل”المعريفة”، لتنفرج بعد مخاض عسير..
تدشين مصنع وادي تليلات بوهران في 10 نوفمبر الجزائر تفرج عن “رونو سيمبول”.. أول سيارة مصنعة محليا
أنهت الجزائر سنة 2014 بالإفراج عن مشروع ضخم طال انتظاره، وهو إطلاق أول سيارة “صنع في الجزائر” من نوع رونو. هذا الحدث الذي أثار جدلا واسعا وأسال الكثير من الحبر جعل سيمبول الجزائرية “نجمة سنة 2014” بامتياز. وقد أشرف الوزير الأول عبد المالك سلال، في 10 نوفمبر 2014، إلى جانب الوزيرين الفرنسيين للخارجية والتنمية الدولية والاقتصاد والصناعة والرقمنة، لوران فابيوس وإيمانوال ماكرون، على التوالي، إلى جانب الرئيس المدير العام لمجموعة “رونو” كارلوس غوسن، على تدشين مصنع “رونو” الجزائر المنجز في إطار الشراكة مع فرنسا وفي سياق توطيد العلاقات الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات بين البلدين. وعقب تدشينه لمصنع رونو للسيارات، أكد الوزير الأول عبد المالك سلال أن المصنع يعد إنجازا كبيرا ونموذجا للشراكة “رابح رابح” بين الجزائروفرنسا. ومن جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أن فرنسا ربحت سوقا جديدا هو الجزائر من خلال شراكتها مع مصنع رونو للسيارات، مشيرا إلى أن الجزائر هي الأخرى رابحة في هذه الشراكة من خلال تصنيع أول سيارة. وبالنسبة لبرنامج التشغيل الذي حددته الشركة بنحو 350 عامل الذي تم تجسيده بالتعاون مع الوكالة الوطنية للتشغيل، فقد تم ضبطه بما يتماشى وحاجياتها المرتبطة بصناعة 25 ألف سيارة كمعدل سنوي في المراحل الأولى للإنتاج، قبل أن يرتفع إلى 75 ألف سيارة مع آفاق 2019 ثم 150 ألف سيارة على المدى البعيد.
تقدم ملحوظ في ملف الانضمام بعد اللقاء مع سلال الجزائر تفتك الموافقة الرسمية للانضمام إلى “أو.أم.سي” في 2014 خطت الجزائر خطوات متقدمة في سنة 2014 في ملف انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة “أومسي”، فقد كانت هذه السنة بمثابة الفصل في نيل بلادنا لتأشيرة “أومسي”، لتأخذ موافقة ضمنية وأولية للانضمام بعد خوض الدورة ال12 بسويسرا بسلام واللقاء الذي جمع المكلف بتسيير ملف انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية “أومسي”، ألبرتو دالتو، بالوزير الأول عبد المالك سلال وكل من وزيري التجارة والصناعة، ليتم الإعلان “رسميا” أن الانضمام سيتم في 2015. تقترب الجزائر بخطوات ثابتة من الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة “أومسي”، على أمل توقيع الاتفاقية معها قريبا، بعد أن خاضت 12 جولة من المفاوضات في انتظار الدورة 13 التي ستنعقد في جانفي 2015. وقد كانت الزيارة التي قادت المكلف بتسيير ملف انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية “أومسي”، ألبرتو دالتو، إلى الجزائر بمثابة المحول في ملف الانضمام، بعد أن عبر عن ارتياحه من مناخ الأعمال في الجزائر وتفاؤله من سير ملف انضمام الجزائر نهاية سنة 2015 إن واصلت على ذات الوتيرة واستوفت كامل شروط الانضمام، على غرار الإجابة عن كل التساؤلات التي تطرحها الدول الأعضاء. وحسب ما كشفه وزير التجارة، عمارة بن يونس، في ندوة صحفية على هامش الإجتماع بدالوتو “يعرف ملف انضمام الجزائر تقدما ملحوظا، إذ تأتي زيارة دالوتو لتوضيح الصورة حول عزم الجزائر وتمسكها بنيل رخصة “أومسي”، مشيرا أن ممثل المنظمة العالمية للتجارة سيلتقي وزراء مختلف القطاعات الإستراتيجية للتحاور والنقاش، على غرار وزير الطاقة، الخارجية، المالية، الفلاحة وغيرها، ليختمها بلقاء الوزير الأول عبد المالك سلال في نهاية زيارته إلى بلادنا”. واعتبر عمارة بن يونس أن نيل رخصة الأومسي بعد عقود من المفاوضات، بدأت تتضح ملامحها ولا تواجه أي ضغوط أو صعوبات. كما أن الجزائر تفاوض من منطلق الحفاظ على مقوماتها ومبادئها السيادية دون التنازل عنها.
قرارات سترى النور في 2015 2014.. سنة إلغاء المادة 87 مكرر وعودة القروض الاستهلاكية؟ توصلت الحكومة خلال سنة 2014 إلى إقرار التخلي عن المادة 87 مكرر من القانون رقم 11.90 المتعلق بعلاقات العمل، وهو قرار الذي من شأنه “تحسين محسوس للقدرة الشرائية للعمال، لاسيما الفئات المهنية الدنيا” حيث اتفقوا على وضع ترتيبات تنفيذية من أجل تطبيقه اعتبارا من الفاتح جانفي 2015. كما عرف عام 2014 العودة من جديد إلى العمل بالقرض الاستهلاكي على المنتجات الوطنية فقط قصد تشجيع المنتوج المحلي. وينتظر قرابة المليون عامل جزائري زيادات معتبرة “مرتقبة” بعد ترسيم إلغاء المادة 87 خلال مجلس الوزراء. فيما سيشرع في تطبيق هذا القرار الذي تمت المصادقة عليه، خلال مجلس الوزراء وتتويجا لتوصيات اجتماع الثلاثية الأخير، بداية من سنة 2015، في إطار النصوص التنفيذية لقانون المالية 2015، بالموازاة مع فتح ملف مراجعة الشبكة الاستدلالية للأجور التي سينجر عنها إعادة تصنيف في الرتب لمختلف الأصناف. كما سيسمح إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، بزيادات في أجور مستخدمي الوظيف العمومي، وعمال القطاع الاقتصادي، ومراجعة شاملة للشبكة الاستدلالية للأجور. وتنص المادة 87 مكرر من قانون العمل على أن الأجر الوطني الأدنى المضمون يتضمن الأجر القاعدي والعلاوات والتعويضات مهما كانت طبيعتها، باستثناء التعويضات المدفوعة لتسديد المصاريف التي دفعها العامل.