شهدت مدينة بنغازي خلال اليومين الماضيين معارك عنيفة وشرسة بين قوات ”عملية الكرامة” التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي، ولا سيما بعد إعلان حفتر بداية ما سماها معركة الحسم ببنغازي. كشفت مصادر محلية بأن جميع محاور القتال في المدينة شهدت قصفا بالأسلحة الثقيلة والمدفعية وصواريخ من طراز غراد، أدت إلى سقوط العديد من القتلى بين الطرفين وتضرر أجزاء كبيرة من البنى التحتية للمدينة، فقد وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في المحور الغربي لبنغازي خاصة في منطقتي القوارشة والهواري، واستمرت ما يقارب يوما كاملا. وأكد شهود عيان ببنغازي أن طائرة حربية تابعة لقوات حفتر استهدفت مقر كتيبة ”راف الله السحاتي”، وهي إحدى الكتائب المنضوية تحت مجلس شورى ثوار بنغازي دون معرفة الأضرار الناجمة عنه. وفي محور وسط المدينة والميناء البحري استهدفت الطائرة مجموعات تابعة لمجلس الشورى بالقرب من الميناء، في حين تضاربت الأنباء حتى الآن بشأن الجهة المسيطرة عليه. كما قامت الدبابات التابعة لقوات ”عملية الكرامة” باستهداف منطقة وسط البلد بكثافة أدت إلى تدمير جزء كبير من المؤسسات الحكومية والخدمية، ومع ازدياد حدة المعارك بين الطرفين أكدت مصادر طبية بالمدينة وقوع ما لا يقل عن 55 قتيلا من قوات حفتر وأكثر من ثمانين جريحا، بينهم ثمانية مدنيين. وتبقى الاشتباكات مستمرة بين الطرفين وسط تدهور في الحالة الإنسانية وتردي الأوضاع الحياتية وانقطاع الخدمات الصحية بمختلف المراكز والمستشفيات، ولا سيما مع إخلاء آخر مركز صحي يقدم علاجا للكلى عقب وقوعه في دائرة الاشتباكات، كما تشهد المدينة نقصا حادا في الوقود وغاز الطهي حيث لوحظ تكدس المواطنين في محطات الوقود وأمام مراكز توزيع الغاز الذي لم يدخل المدينة منذ ما يقارب شهرا. ومن المنتظر أن تستأنف، هذا الأسبوع، المفاوضات الليبية - الليبية برعاية الأممالمتحدة، ويرجح أن تنعقد في مدينة غدامس جنوبي البلاد، وسط إجراءات أمنية مشددة، وسيشارك في الجلسة ممثلو مجلس النواب إلى جانب عدد من المشاركين في جلسات جنيف وشخصيات من المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته. وتحاول المحادثات التي ترعاها الأممالمتحدة احتواء الصراع على السلطة بين الحكومتين المتنافستين - المعترف بها دولياً بزعامة عبدالله الثني في شرق البلاد والمقامة من قبل جماعة ”فجر ليبيا” في طرابلس، والتي أعادت المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، وتمكنت الأممالمتحدة من إقناع بعض أعضاء الفصائل بالمشاركة في محادثات جنيف، لكن جهوداً لجمع ممثلين رفيعي المستوى من كلا الجانبين فشلت مع إصرار البرلمان في طرابلس على إجراء الحوار داخل البلاد. وقال برناندينو ليون، المبعوث الأممي في ليبيا، إن الإعلان عن مكان انعقاد المحادثات لن يكشف عنه إلا قبل ساعات عن موعد عقدها لأسباب أمنية، وإذا انعقدت الجولة الجديدة في غدامس فتكون المفاوضات قد عادت إلى مكان انطلاقها أول مرة، والتي انتهت من دون نتائج إيجابية، في حين تسود أجواء تفاؤلية من حصول تقدم في الجولة الحالية. وتأمل الأممالمتحدة في إحراز تقدم في خطة تضم اتفاق من كلا الجانبين على حكومة وحدة وطنية وترتيب وقف إطلاق نار محلي وتبادل للسجناء، كخطوة أولى لنزع فتيل النزاع. وفي ظل أجواء الترقب لتقدم سياسي، يواصل الجيش الوطني الليبي تنفيذ خططه العسكرية، حيث أعلنت القوات الخاصة الليبية أنها استعادت قاعدة عسكرية رئيسية في بنغازي من مقاتلين متطرفين بدعم من قوات اللواء خليفة حفتر، حيث تسيطر القوات الآن على مناطق وسط المدينة والمطار وعدة معسكرات تابعة للجيش.