جاء في “وول ستريت جورنال” أن دول الخليج أنقذت شركات صناعة السلاح العالمية، من خلال صفقات الاتفاق الدفاعي خلال السنتين الأخيرتين والذي ارتفع حسبه بنسبة 43٪ مقارنة بسنة 2012، وهذا بعد أن كانت صناعة الأسلحة تواجه مشاكل بسبب تراجع الإنفاق الحكومي في الدول الأخرى على التسلح. وتأتي السعودية على رأس دول الخليج في “السباق” نحو التسلح، حيث أنفقت السنة الماضية 80.8 مليار دولار على وزارة الدفاع التي كان على رأسها الملك الحالي، سلمان بن عبد العزيز، والذي معروف عنه أنه كان يدعم الجماعات الجهادية في سوريا ويسلحها. وبهذا احتلت السعودية المرتبة الثالثة بعد أمريكا والصين في الإنفاق الدفاعي. ليست وول ستريت وحدها التي تحدثت عن أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لصناعة الأسلحة، حيث يرى منتجو السلاح أن سوق الشرق الأوسط هي سوق استراتيجية بسبب حاجتها للأسلحة وبسبب النزاعات التي “تعبرها”، حيث قاربت فاتورة السلاح السنة الماضية هناك 150 مليار دولار، نصب السعودية وقطر والإمارات وسلطنة عمان 109.9 مليار دولار. من هنا نفهم سر “داعش” والتي أنستنا في سر آخر اسمه القاعدة، ومن هنا أيضا نتفهم لماذا ثارت ثائرة أوباما وانتقد تدخل مصر في ليبيا وتوجيه ضربات لداعش. ومن هنا أيضا نفهم سر ترديده في كل مرة أن أمريكا لا تريد القضاء على داعش وإنما فقط تريد الحد من انتشارها ومن قوتها. وأن الحرب على هذا التنظيم ستتجاوز الثلاث سنوات. فإلى جانب تفكيك الجيوش العربية التي كانت تتسم بنوع من القوة سنوات الصراع العربي الإسرائيلي، في كل المنطقة المحيطة بإسرائيل، لضمان أمن الكيان وتفوقه وبسط سيطرته على ما يسميه “إسرائيل من البحر إلى النهر”، ها هو الهدف الذي تحارب من أجله أمريكا، وهو إنعاش صناعة السلاح التي تسيطر لوبياتها على القرار الأمريكي وعلى المخابرات المركزية والبنتاغون. ألم يكفر الرئيس الأمريكي الأسبق كيندي بعجائز البنتاغون وينتقد الجنرالات الذين كانوا يضخمون تقارير التهديد الأمريكي وينشرون الرعب في أمريكا من مستوى التسلح السوفياتي، ولما تبينت أكاذيبهم وأنهم يفعلون ذلك خدمة لأرباب صناعة السلاح، وحاول الحد من تأثيرهم قتل؟! لم تعد الإمبريالية الأمريكية وصناعة السلاح هناك تقتل الرؤساء ولا تجبر السلطات الأمريكية على خوض حروب مكلفة يدفع فيها البنتاغون بالآلاف من جيشه إلى الموت، بعد تجربة العراق وأفغانستان المريرة، فلجأ إلى إثارة الحروب والنزاعات الطائفية وزرع داعش والترويج لخطرها ولبشاعة مجازرها، لإجبار الأنظمة المترنحة والفاقدة للشرعية أحيانا ولاستراتيجية أمنية لشراء السلاح. كما ضخم من مخاطر المفاعل النووي الإيراني لإجبار بلدان الخليج على الإنفاق لشراء السلاح لمواجهة الخطر الإيراني من جهة، ومن جهة أخرى لدعم “الثورات” في المنطقة العربية والتي تغدق عليها قطر والسعودية بالملايير من مال وسلاح. وول ستريت جورنال يقول إنه حتى تراجع أسعار النفط لم تؤثر على سوق السلاح في الخليج. ولماذا تؤثر عليه ودولة مثل قطر غارقة في معارك سوريا وليبيا وربما أيضا مصر التي ترى بعض التقارير الإعلامية أن أقباطها ال21 لم يقتلوا في سرت الليبية وإنما في قطر؟! لم يقل “وول ستريت جورنال” إن نصيبا كبيرا من أموال شراء السلاح في السعودية إنما يأتي من أموال الحج، نعم أموال الحج والسياحة الدينية التي زادت بوتيرة خيالية منذ تعاظم التيار الديني في المنطقة العربية، صارت تنافس مداخيل النفط، ولا شك أن نصيبا أكبر منها يذهب لتغطية الإنفاق الدفاعي. نعم أموال الحجيج لم تعد خنجرا في خاصرة فلسطين فقط مثلما كان يصرخ عرفات سنوات السبعينيات، وإنما صارت خنجرا في جسد كل مسلم.