”السكتة”، ”الهبالة”،”الشمع”.. هي أنواع ”حروز” استعملت منذ زمن بعيد، ولايزال المواطنون يستعملونها ظنا منهم أنها السبيل الوحيد لتحقيق جميع أهدافهم في هذه الحياة. هي أنواع ”حروز” توضع غالبا لبلوغ أهداف وأحكام تتناسب ورغباتهم في المحاكم الجزائرية. حقائق مريبة اكتشفناها في أروقة المحاكم رواها لنا شهود عيان من منظفات وأعوان أمن بالمحاكم الجزائرية، وحتى محامين. هذه الوصفات السحرية التي تعتبر من الأسلحة الفتاكة التي تستعمل في حروب أهالي المتهمين مع القاضي بغرض الفوز عليه في عملية إصدار الحكم. كثيرة هي القصص التي سمعناها في جولة استطلاع بحثا هن ملابسات جريمة غير معاقب عليها من قبل القانون، ولكن ديننا لا يتغاضى في النظر في قضية السحر هذه. هذه الوصفات التي حطت رحالها في المحاكم الجزائرية حتى ينال أصحابها أحكاما قضائية تتناسب ورغباتهم، حيث في الوقت الذي يلجأ بعض الأشخاص للبحث عن وساطة لتخفيض أحكام أبنائهم أو حتى إفادتهم بالبراءة، ويلجأ البعض الآخر لدفع الرشاوي لتسريح أبنائهم، يسعى آخرون لنيل رضا المشعوذين فيقدمون لهم النفس والنفيس قربانا لنيل مبتغاهم في المحاكم الجزائرية، حيث يستعملون السحر والشعوذة لإسكات القضاة وتحويل أحكامهم وشهادات الشهود لصالحهم، وحتى لعدول الزوج عن تطليق زوجته في جلسات الصلح. وفي هذا الصدد رصدنا لكم الأجواء التي عايشها شهود عيان من منظفات، أعوان أمن، محامين، شهود، وحتى قضاة في كواليس المحاكم الجزائرية.. تطلب من المحامية رش خطى القاضي بالحناء ليرق قلبه على ابنها.. في ذات السياق، حدثتنا محامية عن هذه الظاهرة التي أثارت رعبها، حيث أن أم موكلها طلبت منها أن ترش خطى القاضي بالحناء حتى يحن قلبه على ابنها ويفيده بالبراءة أو بحكم موقوف التنفيذ. هذا الأمر أثار رعب المحامية التي طلبت من هذه المرأة أن تخرج من مكتبها، طالبة في نفس الوقت من عاملة النظافة لديها أن تنظف المكتب تنظيفا جيدا وأن ترش جميع زواياه بالماء المرقي. عاملة نظافة تعثر على عدة ”حروز” في أروقة المحاكم عاملة نظافة راحت تروي لنا عدة أمور شاهدتها في أروقة المحاكم وحتى أثناء تنظيفها لممرات مكاتب القضاة وعلى السلالم وحتى في قاعات الجلسات، مؤكدة أنها تجد يوميا أسلحة فتاكة من صنع مشعوذين كالإبر، الحناء، الملح الماء المرشوش وحتى قطع قماش لا معنى لتواجدها في مسرح المحاكمة، الأمر الذي دفعها لسؤال زميلتها التي راحت تحدثها عن الهدف من وضع كل واحدة من هذه الأمر في مكان محدد، حيث فسرت لها أنه حتى وإن اختلفت الأنواع إلا أن السبب والغرض من استعمالها هو استمالة قلب القاضي، أو التحكم في لسان الشاهد.. وكل ذلك للإفراج عن موقوف. ”السكتة” تدفع أحد الشهود إلى العدول عن قرار الإدلاء بشهادته وفي ذات السياق أضاف أحد المحامين أنه تفاجأ بتراجع أحد الشهود عن الإدلاء بشهادته في قضية مصيرية، الأمر الذي دفعه للجري وراءه عقب انتهاء الجلسة، وعندما خرج مهرولا وراءه من أجل إقناعه بالعدول عن قراره تفاجأ بأخت المتهم وهي تقول ”قلتلك السكتة نتاع الشيخ تاعي ما كاش خير منها”، أين أخبرنا المحامي أنه لم يكن يصدق أن يفلح المشعوذون في الدخول إلى قاعات المحاكم، إلا أنه شهد الحادثة بأم عينه، ما دفعه طول مسيرته المهنية لإبعاد الشهود عن عائلة موكليه للابتعاد قدر الإمكان عن عائلة الطرف الثاني من القضية. جلسات الطلاق لها وصفتها الخاصة.. ”الهبالة” هي أيضا من أنواع ”الحروز” المخصصة تحديدا للنساء اللواتي يواجهن هذا الحرز الوردي اللون، حسب شهادة أحد المنظفات التي صرحت أنها تجده على الدوام منثورا على أرضية القضاة الذين يستقبلون قضايا الصلح والطلاق، والغرض منها تغيير الزوج لقراره في الإنفصال، حيث أوضحت أنها ما فتئت تجده منثورا على الأرض قبل المحاكمة. حتى القضايا الكبرى بالجنايات لديها وصفاتها كما روى لنا أحد أعوان الأمن بمجلس قضاء الجزائر عن الطلاسم والحروز التي يصادفها يوميا وهي مدسوسة في زوايا المجلس وبين الممرات وتحت السلالم، وحتى في قاعات الجلسات، مؤكدا أن الخلطات المحضرة من طرف المشعوذين غير مفهومة، أغلبها يتم إعداده بواسطة قطع قماش مع وخزها بإبر. كما تم العثور على الملح والماء المرشوش، الأمر الذي دفعه إلى سؤال زميل له، حيث أوضح له أن الغرض من وضع هذه الطلاسم وان اختلفت الأنواع، هو استمالة قلب القاضي أو التحكم في لسان الشاهد، وكل ذلك للإفراج عن موقوف بعقوبة موقوفة النفاذ أو حتى إفادته بالبراءة التامة من التهم المنسوبة إليه.. تمتمات وهمسات شعوذة قبيل النطق بالحكم وفي ذات السياق أخبرنا أحد القضاة أن كاتب الضبط كان أخطره في جلسات سابقة أن عائلة أحد الموقوفين راحت تتمتم وتقوم بطقوس قبيل نطقه بالحكم ضد ابنها، بعد أن لاحظ أنه نطق سهوا بعقوبة موقوفة النفاذ عوض النطق بالحبس النافذ، وهو الأمر الذي أثار استغرابه، مؤكدا أنه لم يظن يوما أنه سيقع ضحية طقوس شعوذة كان يظنها في زمن سابق مجرد ترهات لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا حتى ستتمكن يوما من التحكم في أحكامه عن بعد.