أكدت بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، في حوار مع ”الفجر”، من تونس، بوجود أياد خفية لزعزعة الاستقرار في الجنوب التونسي الذي يستهدف بلادها والجزائر، وقدمت معطيات حول تقدم داعش في سرت وأيضا حصولها على صفة حليف استراتيجي خارج الناتو، وهو ما يمهد لإقامة قاعدة عسكرية تسعى إلى خلق دور لها قريبا في ليبيا. كيف تقيمون الوضع الأمني عند الحدود التونسية- الجزائرية؟ الوضع الأمني يزداد هشاشة في تونس يوما بعد يوم، مع تسجيل بعض التقدم الأمني ببعث إجراءات جديدة لمسك زمام الأمور، لكن الاضطرابات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وحول الوضع الأمني غير المستقر وفعلا عند الحدود نلمس تقدما لتنظيم داعش الإرهابي، خصوصا بعد تسليم فجر ليبيا مدينة سرت لداعش، ما يثير التساؤلات أكثر، ما أثار حالة الطوارئ في الجنوب التونسي بعد نشوب اضطرابات فيما يسمى بحملة ”وينو بترولي”. على ذكرك الجنوب، ما هي أبعاد حملة ”وينو البترول؟”؟ هناك فرضية ذهب إليها الكثير بوجود علاقة مع أياد خفية لجعل الجنوب التونسي يضطرب وكأننا نذهب إلى الأسوأ وترابطه بما يحدث في الجنوب التونسي في سرت وطرابلس. هل تعتقدين أن المرزوقي أو أطرافا أجنبية تدعم الحملة؟ الكثير من الأصوات تعتقد أن تونس ليس بها آبار للبترول، وهناك فرضية أن تحركها يستهدف الجزائر لأن العديد من الجهات الغربية والعربية ترى في وجوب وصول ربيع عربي إلى الجزائر، وهو ما دعا إليه عراب الثورات العربية برنارد ليفي قبل أشهر من ثورة في الجزائر، وكأنهم انطلقوا في تهيئة التربة وحملة ”وينو البترول” جزء من هذا المخطط. ويوجد الكثير ممن يقولون إن المرزوقي قد يكون جزءا من الحملة. فقد أعلن من باريس دعمه لها وكأنه لما كان في الرئاسة على مر سنوات لم يكن يعلم بمكان تواجد البترول حتى يطلع علينا اليوم بحمل هذا الشعار. كما أشير إلى الخطاب المزدوج لبعض الشخصيات. فقد قال الغنوشي عن الحملة إنها كلمة حق أريد بها باطل، وأنبه إلى أجندات خفية كما حدث في مدينة دوز من حرق لمراكز الشرطة وحمل رايات سوداء كتب عليها ”الله أكبر” تشير إلى داعش. ما هي قراءتكم للتموقع الجديد لداعش في سرت؟ التموقع الجديد لداعش في سرت له آثار يمكن أن تحمل مخططا ضمنيا للجزائر وتونس، وتعرف أن الأعين مسلطة على هذين البلدين، وهناك تساؤلات كما تقول صحيفة أمريكية، أن تحاول إقامة إمارة داعشية في تونس. وفي اعتقادي لا يمكن أن تصل إلى هذا الحد أو يتم تنفيذ عمليات إرهابية في الجزائر. ونعلم أن السلطات الجزائرية لها تجربة كبيرة في محاربة الإرهاب، فلن تترك مجالا لهذا التنظيم الإجرامي أن يجد موطئ قدم بأراضيها. هل قلصت الإجراءات الأمنية من تسفير الشباب للقتال في ليبيا وسوريا؟ يجب مراقبة هؤلاء العائدين، لكن الإشكالية في تونس في مراقبتهم، ونؤكد أن لهذه المجموعات خطورة وتعمل على زعزعة الاستقرار وتعرف أن 700 تونسي عائد، ماذا يفعلون؟ وما هي اتصالاتهم وتحركاتهم؟ لأن الأغلبية منهم ليسوا مراقبين بسبب صعوبة إثبات نشاطهم في سوريا أو العراق بعد عودتهم. وهذا يجعلهم مكمن الخطر. فهم يذهبون بجوازات سفر مزورة ويتم تهريبهم بتواطؤ من مهربين ومسلحين. أما بالنسبة للعائدين من ليبيا فإشكالية الخروج والدخول مسموح بها وبالتالي تتغير إجراءات المراقبة بالحدود. هل لديك معلومات حول أعداد ”الجهاديين” في ليبيا؟ لدينا معلومات حول هوية هؤلاء من جنسيات جزائرية وتونسية وأجانب، فقد احتواهم تنظيم أنصار الشريعة لأبو عياض، وفيها الكثير ممن أعلنوا البيعة، وهو ما يمثل خطرا على تونس وليس على الجزائر، ودخولهم عبر الحدود. أين يتواجد الإرهابي أبو عياض؟ أجرينا بحثا حول أبو عياض وتحركاته الغامضة تطفو على السطح، حيث له تحركات مكوكية وكأنه ”دبلوماسي” بين فروع القاعدة في آسيا وإفريقيا وله سفريات في ليبيا والعراقوسوريا، وهو متورط في قتل الشاه مسعود، لكن لم يتم اتهامه. والسؤال هو من وراء إطلاق سراحه عام 2011 من السجن الذي كان يضم معارضين سياسيين وخرج على أساس شخصية معارضة وليس متهما بالإرهاب، كما أن له تنسيقا مع بلمختار في ليبيا وشمال مالي. وبخصوص جهاد النكاح، هل لديكم معطيات حول عدد العنصر النسوي في مناطق النزاع؟ يتواجد أكثر من 700 امرأة تونسية بأزواجهن. وهناك من ذهبن لوحدهن ولهم صداقات وعلاقات استقطاب جديدة تتم عبر الأنترنت، إذ يتم في بادئ الأمر الاستقطاب عبر البيوت بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي، ثم بعدها تتم ”الأدلجة” ويوجهن إلى مساجد معينة حيث يجدن مجموعة محددة تنتظرهن. وفي الحالتين يمكن تصنيفهن كمجاهدات أو يتم ترحيلهن إلى سوريا أو البقاء في البلاد بهدف الاستقطاب. أما بخصوص عملية نقلهن فتتم عبر الجنوب التونسي إلى ليبيا، وفي ليبيا يتم تدريبهن من 21 يوما إلى 30 يوما وبعدها تسفيرهن إلى تركياوسوريا. وبالنسبة لجهاد النكاح فإن النسق متعدد، ولها أدوار عديدة حسب أدبيات داعش، ودور رئيسي، فداعش يعملون على الأجيال اللاحقة عن طريق الدور التعليمي، التمريض الاستقطاب، وحتى حفظ الأمن، وقد أصبحت الكثير من النسوة يذهبن لمن تعاني من مشاكل اجتماعية. وهناك كتائب تقودها تونسية مثل كتيبة الخنساء بالرقة في سوريا. أما بالنسبة للمتواجدات في تونس فهناك العديد من المتورطات والموقوفات في السجون التونسية وهذا معناه أن انخراط المرأة تغير بعد أن حرمت القاعدة في 2001 جهاد المرأة بينما أجازته داعش واختلف الأمر معها. ما تقييمكم لجولات الحوار الليبي في الجزائر والمغرب وألمانيا؟ أعتقد أن الحوار الليبي سيفشل مع التركيبة الليبية، أما فيما يخص تدخل عربي وشيك في ليبيا فأستبعد الأمر بالنسبة للجزائر، فإن دستورها يمنع ذلك، ولكن هناك مساع لاستدراجها إلى المستنقع الليبي ولكن وعيها يمنعها من ذلك، إلا إذا اخترقوا سيادتها ومعها تونس - هل هي مستعدة للتدخل؟ - علما أن السياسية التونسية حيادية في هذا الأمر وهو ما يختلف مع مصر التي تدخلت فعلا، لذلك لا أعتقد بتدخل عسكري عربي ولكن سيتم عبر الناتو وواشنطن. هل يمهد حصول تونس على صفة ”حليف استراتيجي” خارج الناتو من واشنطن لشن عمل عسكري انطلاقا من أراضيها؟ صفة الحليف للناتو يسمح باستخدام الأراضي التونسية أو المياه الإقليمية لتونس، وإن كانت تخطط لإقامة قاعدة عسكرية فلن يكون بالمفهوم التقليدي حيث ستكون قاعدة صغيرة واردة، لكن ما هي بنود الاتفاقية التي وقع عليها الرئيس التونسي. لكن هناك انزعاجا جزائريا من حصول السبسي على الصفة؟ فعلا أحسسنا أن هناك انزعاجا جزائريا من تونس على أساس أن ما يهم الشأن الجزائري يهم تونس، وخاصة لما زار الرئيس السبسي الجزائر قبل أشهر أكد أن أي اتفاقات يجب أن يتم التشاور حولها بين البلدين، وربما تونس أخلت بوعدها وراحت تبحث عن شريك قوي مع واشنطن أو باريس، والجزائر تتخوف من أن يكون التهديد أكبر ضدها. وحول دورها في التدخل فإن الفرضية واردة، لهذا داعش بدأت بالتقدم وفجر ليبيا تسلم أراضيها لداعش، أما هل تلعب دورا رئيسيا فهذا سؤال آخر. واستغرب كيف تركت تونس نفسها في الحياد حيال الوضع الليبي وأخذنا مسافة والآن نترك المجال للتدخل.