الأحاديث التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاحتكار أغلبها في الطعام.. فهل احتكار غيره يعتبر احتكارا؟ عرف الفقهاء الاحتكار أنه رصد الأسواق انتظارا لارتفاع الأثمان، وهذا التعريف على عمومه يشمل احتكار الطعام وغير الطعام. وإذا كان بعض الفقهاء قد حددوا الاحتكار بحبس الطعام وقت الغلاء وإمساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق علي الناس، فإن ذلك التحديد راجع إلى أن أفحش أنواع الاحتكار هو احتكار الطعام لأنه متاجرة في معاش الناس وضرورات حياتهم. ومن هنا فقد اتفقوا على حرمة الاحتكار بكل أنواعه لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:”المحتكر ملعون”، ولفظ المحتكر هنا كما يقول علماء أصول الفقه من ألفاظ العموم ولا تخصيص له إلا بمخصص. وإذا كان قد ورد في السنة قوله صلي الله عليه وسلم: “من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برأ من الله وبرأ الله منه”. ومثل هذا الوعيد لا يلحق الا بارتكاب الحرام ولأنه ظلم لأن ما يباح في الوطن الذي يعيش فيه الناس قد تعلق به حق العامة. فإذا امتنع المشتري عن بيعه عند شدة حاجتهم إليه فقد منعهم حقهم، ومنع الحق عن المستحق ظلم وحرام يستوي في ذلك قليل المدة وكثيرها، كما يستوي في ذلك احتكار الطعام واحتكار سائر السلع التي يحتاج إليها الناس كالحبوب والقماش والحديد والإسمنت وسائر ما يحتاج إليه الناس في تدبير حياتهم ومعاشهم. والله أعلم.