كشف خبراء ومحللون تونسيين ل”الفجر”، عن ”هواجس” ما بعد الانتهاء من مشروع إنشاء ”عازل ترابي” مع ليبيا، بحجة مكافحة الإرهاب، الذي يندرج ضمن مخطط شامل ينتهي بإقامة قاعدة عسكرية بتونس، ويتزامن وتحركات الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي المستفزة للجزائر. ينظر محللون إلى أبعاد بناء العازل الترابي من زاوية أخرى، تندرج في سياق التخبط الدبلوماسي والسياسي الذي تعيشه تونس مؤخرا. وحسب الإعلامي والمحلل السياسي التونسي، هشام حاجي، فإن ”سياسة الحكومة الحالية بقيادة الصيد، تجاه ليبيا، اتسمت بالتخبط الدبلوماسي منذ 14/ 1/ 2011 إلى حد الآن، حيث غاب عنها الاستشراف والحد الأدنى من استحضار المصلحة الوطنية، فحضر الارتجال والتآمر والانخراط في الصراعات الليبية-الليبية”، وكشف أن ”أخطر ما يتعلق بالجدار الترابي مع ليبيا، فيتمثل في وقوف فرنسا وراء الاقتراح، والآن هي من يتولى التمويل عبر قرض”. وذهب المحلل السياسي التونسي إلى التحذير من استبعاد بلاده في المرحلة المقبلة، بعد تشكيل حكومة ليبية، وقال إن ”فرنسا تسعى جاهدة لدق الأسافين بين تونس وليبيا واستبعاد بلاده من مرحلة إعادة الإعمار في ليبيا، ومن سوق هامة لاستيعاب اليد العاملة، ومن عمق استراتيجي حيوي لتونس”، وبرر ذلك بالإشارة إلى مخطط فرنسي يرمي إلى ”مشروع دولة عرقية تتخذ مناطق من شمال ليبيا وجنوبتونس مرتكزا لها”، منتقدا ازدواجية تعاطي بلاده مع الأطراف الليبية، ففي حين نداء تونس مع القائد الأعلى للقوات المسلحة الخليفة حفتر، تقف النهضة مع فجر ليبيا. ويربط مراقبون أيضا بين مشروع الجدار العازل وتوقيع الولاياتالمتحدة اتفاقا عسكريا مع تونس يمهد لإقامة قاعدة أمريكية. وحسب مازن الشريف، الخبير الاستراتيجي في الشؤون الأمنية والعسكرية، في حديثه ل”الفجر”، فإن واشنطن تريد قاعدة عسكرية في منطقة ”سبخة السيجومي”، وهنالك معلومات تقول إنها تريدها مقرا للأفريكوم، أو في الجنوب لما له من موقع حيوي، وهذا منذ فترة الرئيس الراحل بورقيبة الذي رفض الأمر وكذا في فترة بن علي والقذافي، أما اليوم فإن الأمر بدأ تنفيذه لتحقيق الغرض، يضيف المتحدث. وأوضح مازن الشريف أن ”الجدار بين تونس وليبيا يعني تدخلا وشيكا في ليبيا، لأنه يهدف إلى منع هروب المجموعات المسلحة، لكن ذلك الجدار وتلك القاعدة لن يوفرا شيئا لتونس، لأن الحل الذاتي غائب”، على حد قوله. ويفهم من التحركات الأمريكية والأوروبية باتجاه تونس، في الفترة الأخيرة، ودعمها بطائرات عسكرية ومساعدات لضبط الحدود، أنه يراد أن يكون لها دور في حل الأزمة الليبية مستقبلا، والدعم الفرنسي لإنشاء الخندق العازل واحد من الإجراءات. فالمسؤولون التونسيون ينوون إقامة الجدار انطلاقا من معبر رأس جدير الحدودي الذي يعتبر البوابة البرية الأكبر بين تونس وليبيا، وحتى معبر ذهيبة، جنوب شرق البلاد، على مسافة 186 كلم في القسم الأول منه. وأقرت الحكومة التونسية لاحقا إضافة 40 كلم أخرى، تمتد إلى ما بعد معبر ذهيبة، في حين تشترك تونس وليبيا بخط حدودي على طول نحو 500 كلم، ويربطها منفذان بريان فقط. من جانبه، سامي الجلولي، مدير مركز جنيف للسياسة العربية، فيحذر من مواقف قيادات نداء تونس المستفزة للجزائر، وقال ل”الفجر” إنه ”لم يستفزني تدخل ساركوزي في الجزائر الذي يعتبر سافرا، بقدر ما استفزني تعليق بعض قيادات نداء تونس من أن موقف ساركوزي لا يمثل إلا نفسه”، وتابع بأن ”الديكتاتور” بن علي، ومن قبله ”الديكتاتور” بورقيبة، لم يثبت في عهدهما أن استغل أحد الأجانب التراب والإعلام التونسيين للنيل من معارضيه، ”فما بالنا ببث الفتنة في الجزائر والدعوة الضمنية للخراب”، على حد قوله.