أين أنتم، يا من تدّعون أنكم تصدّرون تجربة حربكم على الإرهاب إلى بلدان العالم؟ هل ستصدرون معها أيضا صور الإرهابي “التائب” مدني مزراق وهو يعود إلى معاقل الإرهاب وينظم “جامعة صيفية”، يتذكر خلالها ربما ذلك الجندي الأول الذي ذبحه ومازال يحتفظ حتى الآن ببندقيته؟! هل كان هذا أول درس لاتباعه في هذه الجامعة، درس يلقيه شخص لم يتخط مستواه الدراسي الابتدائي. هل استغل الرجل ما يدور في الإعلام حول الصراع المزعوم بين الرئاسة والمخابرات، وأن الرئيس أضعف هذا الجهاز، الذي وقف بقوة في وجه الإرهاب، ليستعرض عضلاته من جديد، ويتحدى ليس المخابرات فحسب، بل حتى أهالي ضحايا سنوات الجمر، ويقول إن لا أحد يمنعنا من القيام بنشاطنا. الإرهاب المعنوي يكسب كل يوم مساحة له في المجتمع وفي وسائل الإعلام، والسلطة واقفة تتفرج، بل متلهية بصراعاتها وبمن يخلف من، وبمن سيطرد من رحمة الحاكم. شيء يذكرنا بمطلع التسعينيات عندما كان الفيس يفرض قانونه في الشارع وعلى الناس، وأقام شرطته التي بدأت تعتدي على الحريات، بينما السلطة وعلى رأسها الرئيس الراحل بن جديد، تزيد يوميا من دعم الحزب الإسلامي بالمقرات والإمكانيات، وتسكت عن تهديداته المعلنة للجميع، وكان يتسلح جهارا نهارا ويستعرض عضلات جهاده في المسيرات. ولم تتحرك حتى وقعت الفأس في الرأس. وكانت النتيجة عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، يبدو اليوم أن تضحياتهم ذهبت هباء مثلما ذهبت تضحيات شهداء نوفمبر. فمن يريد اللعب بورقة التهديد الإرهابي من جديد؟ من يريد أن يدخل البلاد في نفق مظلم، بعدما نهب المال العام وأنفق على مشاريع وهمية يريد اليوم إرجاع البلاد إلى ما قبل سنة 1999، بل حتى ما قبل سنة 1997 التي شهدت تقدما هاما في الحرب على الإرهاب ومحاصرته. الأزمة لن تكون اقتصادية فقط، والإرهابيون لم يتوبوا مثلما تحاول السلطة تسويقه، والاستعراض الذي قام به مؤخرا مزراق دليل على أن البلاد ليست بخير، والانفجار ليس ببعيد، وهذه المرة لن يكون هناك من سيواجه الطامة بروح وطنية ومسؤولية، بعدما تلاعبت السلطة بتضحيات نساء ورجال الجزائر، وباعت دماءهم على هدنة كاذبة. ها هو مزراق يهدد مستغلا الصراع في قمة الهرم، لينقض عهده بالمصالحة، مصالحة لم يؤمن أبدا بها، بل استغلها فقط للإثراء هو وأتباعه من الإرهابيين على حساب أهالي الضحايا، وعلى حساب استقرار البلاد وأمنها. لم ننتصر على الإرهاب مثلما يحاول البعض تسويقه إلى الشعب وإلى العالم، كل ما في الأمر أننا دمرنا الوحدة الوطنية وتنكرنا لتضحيات الجزائريين وشتتنا الصفوف، وصار من الصعب جمع الأخيار على موقف واحد، بعد كل ما حصل، وصار مزراق شخصية وطنية يتفاخر بالجلوس إليها!؟ الجزائر عائدة إلى ظلام التسعينيات من جديد!