باريس تعترف بوجود مشكلة عقارية مع الجزائر كشفت أمس وزارة الدفاع الفرنسية إنفاق 40 مليار أورو، على من يطلق عليهم ”الأقدام السوداء” الذين غادروا الجزائر منذ العام 1962 إلى غاية الآن، بموجب اتفاقيات إيفيان في وقت لازال هؤلاء أو أهاليهم يرفعون قضايا في المحاكم الجزائرية لاسترجاع ما يعتبرونه أملاكهم. وجاء رد الوزارة ضمن جواب كتابي على سؤال وجه إليها من البرلمان الفرنسي، مضيفة أنه باعتبارها مكلفة بقدماء المحاربين والذاكرة، فإن ذات الأفراد وذوي حقوقهم و”الأقدام السوداء، قد استفادوا من مزايا مالية تجلت باستقبالهم في فرنسا وأداء ديونهم وتقديم تعويضات لهم عن الممتلكات التي تركوها وراءهم، زيادة على مساعدات مالية وجهت نحوهم لتسهيل عيشهم” وفق قولها. وتابع المصدر أن ”الأقدام السوداء” ما يزالون مستفيدين إلى اليوم من الأموال العمومية الفرنسية، حيث كُشف أنه قد تم خصهم بما يفوق ال4 ملايين أورو برسم العام الجاري لوحده. وتعيد وزارة الدفاع الفرنسية إثارة مسألة تعويض ”ممتلكات” الأقدام السوداء في الجزائر مع اعتراف وزير الخارجية الفرنسي، مؤخرا لوران فابيوس، بوجود مشكلة إدارية وعقارية عالقة بين الجزائروباريس ”يتعين حلّها من طرف السلطات الجزائرية”. ويربط مراقبون بين هذا التصريح والأزمة الصامتة بين السلطات الجزائرية ونظيرتها الفرنسية، على خلفية ما يعتبره الأقدام السوداء، أملاكا عقارية انتزعت منهم بالقوة من طرف جزائريين بعد الاستقلال. إذ لا يزال بعض المعمرين السابقين وذويهم، يسعون لاسترجاع العقارات، مستغلين تباطؤ الإدارة الجزائرية في نزع الملكية عن الأملاك التي تم تعويض أصحابها. وتكشف في هذا الصدد الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان بتسجيل أكثر من 80 قضية رفعها الأقدام السوداء لاستنزاف أراضي الجزائريين وذكرت الرابطة بالإخطار الذي تلقاه المكتب الولائي بالشلف من طرف المسثمرة الفلاحية دحماني رقم 7 التي دخلت في نزاع قضائي مع مواطنين حول ملكية المستثمرة، كما يوجد أكثر من 5 ملفات، على مستوى بعض البلديات منها بلدية أولاد فارس -بلدية الشطية - الشلف - وادسلي - بوقادير. تاريخيا تنص اتفاقيات ايفيان لإنهاء الاحتلال الفرنسي الموقعة بين الحكومة المؤقتة والحكومة الفرنسية في 18 مارس 1962، أن على الفرنسيين والأوروبيين بصفة عامة الاختيار في غضون ثلاث سنوات بين نيل الجنسية الجزائرية أو الاحتفاظ بجنسيتهم الفرنسية واعتبارهم أجانب. لكن الصحافي بيار دوم صاحب كتاب ”لا حقيبة ولا نعش، الأقدام السود الذين ظلوا في الجزائر”، يكشف أنه ”منذ أزيد من نصف قرن عندما نتحدث في فرنسا عن رحيل فرنسيي الجزائر تتبادر إلى الذهن فكرتان هما أنهم غادروا كلهم الجزائر سنة 1962 وأنه لم يكن لديهم الخيار فإما الحقيبة (الرحيل) أو النعش (الموت)، والحقيقة أن ذلك خاطئ”. وأوضح دوم أنه ”من بين مليون ممن يعرفون بالأقدام السود حسب إحصاء سنة 1960، فإن 200 ألف منهم لم يغادروا التراب الجزائري في أول جانفي 1963”.