غصت قاعة مصطفى كاتب بالمسرح الوطني الجزائري، بالجمهور الذي توافد بقوة لمتابعة حيثيات السهرة الأخيرة من المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السمفونية في طبعته السابعة، حيث استطاع المايسترو أمين قويدر أن يجذبهم بمعزوفات عالمية بال”سوبرانو” الجزائرية آمال ابراهيم جلول. وقفت السوبرانو الجزائرية أمال ابراهيم جلول تحت إشارة أمين القويدر قائد الأوركسترا السيمفونية الوطنية، الذي تحكم باقتدار في جوق متعدد الجنسيات مكون من 20 دولة ضم مختلف الآلات الموسيقية الأساسية. وانقسمت السهرة إلى ثلاث فقرات موسيقية، وقعت الأولى الصوت النسائي الصادح أمال ابراهيم جلول، التي منحت نصوص موزار وهايدل وماسكاني وبوتشيني وغونود بعدا جماليا مختلفا، حيث غنت ”أمدياز” باللغة الأمازيغية للفنان القدير إيدير وتوزيع اسماعيل بن حوحو، ولم ترتبك وهي ترددها دون خطأ في النطق، ما أفرح الكثيرين من عشاق إيدير والأغنية القبائلية التي داعبت أحلامهم. ونشط آرام الفقرة الثانية من السهرة، فارضا على الجميع الصمت كحركة موسيقية في حّد ذاتها، حيث استمتع الجميع بوقته، وارتفع معدل الإعجاب والتيه في نوتات الجوق المختلط الجنسيات. وضاعف المايسترو أمين قودير من خطاب الروح، ولهذا اختار ”المسيرة الكبيرة ” لفاردي، ثم عاد لتشايكوفسكي ورائعته ”فالس الزهور” و”المسيرة السلافية”، ليقودهم إلى موسيقى تصويرية لفيلم ”قرصان الكراييب”، قبل أن يختم السفر ب”رحلة” أخيرة عبر مختلف الطبوع الجزائرية بما في ذلك أغنية ”يا الرايح” في الطابع الشعبي العاصمي، ”أشطح أطاوس” في الطبع القبائلي، ”ڤوماري” في الطبع الصحراوي، وأخيرا ”يا الزينة” في طابع الراي. وقالت السوبرانو الجزائرية إن مشاركتها في المهرجان هي الأولى لها، واصفة التجربة بالرائعة من كل الجوانب، بداية من القائد المايسترو أمين قويدر، مرورا بالموسيقيين، وصولا إلى الجمهور الذي امتلأت به القاعة. وعن اختياراتها الفنية تقول المتحدثة إن ”الوالد موسيقي، وترعرعت في عائلة فنية دفعتني إلى احتراف الموسيقى، وهو تحدّ كبير، خاصة من جانب الغناء، حيث يجب تعلم اللغات لإتقان الغناء الأوبرالي”. وأشارت إبراهيم جلول: ”أحاول أن أوسع دائرة إهتماماتي من خلال إدخال الموسيقى الجزائرية، وهو ما قدمته اليوم من خلال أغنية الفنان الكبير إيدير، الذي تربيت على سماعه، كما أحاول في الفترة الحالية إيجاد كاتب كلمات وملحن لتقديم أغان جزائرية 100 بالمائة”. وأكد المايسترو الجزائري أمين قويدر أن ”مهرجان الجزائري الدولي للموسيقى في تطور دائما، سواء من حيث عدد البلدان المشاركة، أو نوعية الفرق والمقطوعات الموسيقية المقدمة فيه، بالإضافة إلى اكتشاف فرق جديد من كل طبعة، وأصوات أوبرالية جديدة في كل دورة”. أما عن الأوركيسترا المتعددة الجنسيات التي قادها في ختام المهرجان يتحدث قويدر بالقول:”هذه الفكرة أصبحت عادة المهرجان، أما قيادتها فهذا ليس بالشيء الصعب، نظرا لطبيعة كل الموسيقيين، كلهم محترفون”، مضيفا أن الموسيقيين الجزائريين أصبحوا في مصاف العالمية، ويلاحظ هذا التطور عاما بعد عام منذ إشرافه عليها”. وأكد وزير الثقافة عزالدين ميهوبي، أن المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية السابع كان ناجحا بكل المقاييس وحقق كل أهدافه. وأضاف: ”النجاح الذي حققه المهرجان يفرض علينا مواصلة تدعيمه وتمكينه من أسباب نجاحه مستقبلا، كما أوجّه التحيّة للمنظمين وفي مقدمتهم المحافظ عبد القادر بوعزارة وقائد الأوركسترا السيمفونية الوطنية أمين قويدر”.