* إدانة المتهمين الفارين من العدالة ب7 سنوات حبسا و100 ألف دج غرامة نطقت محكمة القطب الجزائي المتخصص بسيدي امحمد، بالأحكام المتعلقة بتهريب حاوية من الميناء الجاف بالرويبة في العاصمة، تراوحت بين الإدانة والبراءة في ما يخص التهم الموجهة للمتهمين في قضية الحال. وتراوحت الإدانات في هذه القضية بين5 و8 شهور حبسا نافذا وبين سنة و6 سنوات حبسا نافذا في حق المتهمين الماثلين للمحاكمة. قضت هيئة المحكمة بإدانة المتهمين المتواجدين في حالة فرار من العدالة الجزائرية ب7 سنوات حبسا نافذا و100 ألف دج غرامة نافذة، مع منع المتهمين من الإقامة بإقليم اختصاص محكمة سيدي امحمد لمدة 5 سنوات ومنعهما من مزاولة نشاط الاستيراد مدة 5 سنوات، وتأييد الأمر بالقبض الصادر في حقهما. كما قضت باستبعاد الدفوع الشكلية المثارة من قبل المحامين. جرى التحقيق في هذه القضية على مدار عدة أشهر، خاصة أن الفضيحة مست مؤسسة الجمارك بالجزائر العاصمة، كما ثبت أن صاحب الحاوية هو نجل مسؤول كبير في الدولة الجزائرية والمدعو ”ب.ف”، حيث أصدر قاضي التحقيق أمرا بالقبض عليه، في حين لايزال هذا المتهم في حالة فرار. واستمر التحقيق في القضية بالغرفة رقم 2 بمحكمة سيدي امحمد. تفجير قضية الحال يعود إلى الوقت الذي كشفت كاميرات مراقبة بميناء الرويبة الجاف في العاصمة، عملية سطو في جنح الظلام، من قبل مجهولين طالت حاوية محل التهريب من ميناء العاصمة عن طريق الكسر، ليتم الاستيلاء على كمية من كاميرات مراقبة استوردت بطريقة غير قانونية ضمن عملية استيراد تضمنت شماريخ، ”فيميجان” وكوابل هاتفية، ليتم حجزها لاحقا وإرسائها على رصيف الميناء. غير أنّ الأخيرة تم إخراجها بطريقة مشبوهة وتهريبها إلى غاية ميناء الرويبة الجاف، بتواطؤ مسؤولين بمؤسسة الجمارك وأعوان بالميناء الذين أطاحت بهم التحقيقات الأمنية لاحقا، انطلاقا مّما كشفته كاميرات المراقبة. ورمى المتهمون خلال التحقيق المسؤولية الكبيرة على المدير الجهوي للجمارك، مصرّحين أنهم تلقوا التعليمات منه شخصيا لأجل إخراج الحاوية بتلك الطريقة المشبوهة. توقيف الجلسة لإحضار المتهمين من المؤسسة العقابية قرر القاضي تأجيل الخوض في القضية إلى حين إحضار المتهمين من المؤسسة العقابية، على الساعة التاسعة والنصف صباحا، وعلى الساعة ال10 والنصف تم إدخال المتهمين لجلسة المحاكمة في ظروف أمنية مشددة. ليستأنف بذلك القاضي جلسة المحاكمة بحضور المتهمين، من بينهم 19 متهما محبوسا من إطارات الجمارك، وتأسس في حق المتهمين أكثر من 30 محاميا.. وأعلن القاضي تأسيس الوكيل القضائي للخزينة العمومية بجلسة المحاكمة. محكمة سيدي امحمد غير مختصة إقليميا وأكد محاميان خلال تقديمهما لدفوعاتهما الشكلية أن الوقائع كانت في منطقة الرويبة ولم يتم توقيف أي أحد من المتهمين في دائرة اختصاص محكمة القطب الجزائي المتخصص. الشروع في مساءلة المتهمين من قبل قاضي الجلسة واجهت المتهمة يونسي آمال، وهي مصرحة جمركية، تهمة بالتزوير واستعمال المزور والمشاركة في التهريب، حيث سألها القاضي عن علاقتها مع صاحب البضاعة والمعاملات جرت خارج مكان العمل وتحديدا في سطاوالي، أرديس والأبيار، ولماذا مرت هذه القضية دون تسجيلها في السجلات؟. في السياق أكدت أنها تعرف صاحب البضاعة في إطار العمل فقط ومن ثم راحت تراوغ القاضي وتارة تدعي أنها ليست على علم بالإجراءات وتارة أخرى تدعي أنها تعودت على العمل بهذه الطريقة. وجرت متابعة المتهم ”ب.محمد” بتهم إساءة استغلال الوظيفة واختلاس اموال عمومية. وسأله القاضي عن سر المكالمات الهاتفية التي لم تنقطع منذ خروج البضاعة من برشلونة بإسبانيا، إلى غاية وصولها للميناء الجاف بالرويبة. فيما أجاب المتهم أنه ليس الوحيد الذي يستعمل الهاتف النقال، مفندا التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلا. من جهة ثانية، قال المتهم (ع. محمد) إن الحاوية خرجت بطرق قانونية من ميناء الجزائر العاصمة للميناء الجاف بالرويبة، وخرجت بمرافقات جمركية ولا توجد أي تعليمة من المدير العام للجمارك تنص على تمرير الحاوية عبر جهاز السكانير. كما أكد المتهم أنه لا يعلم ما يوجد بداخلها. وأوضح ردا على أسئلة القاضي أنه توجد مكالمات في إطار العمل من أجل الإستفسار والتوجيه، وأن المكالمات التي كانت بينه وبين المتهم بوزيد كانت في إطار عمل لا أقل ولا أكثر. كما توبع المتهم بوعمامة محمد، وهو عون الفحص الذي توبع بعدم الإبلاغ عن التهريب واختلاس أموال عمومية وسوء استغلال الوظيفة، حيث أوضح أن المفتش بوزيد عبد الرؤوف أمضى معه في التصريح، ليعود ويقول أنه أمضى لوحده التصريح في البداية، ثم قام المفتش بالإمضاء منكرا أنه قام بتوزيع ”فيميجان” على الحاضرين وأصر على إنكار التهم الموجهة إليه. وواجه المتهم بوزيد عبد الرؤوف عدم الإبلاغ عن التهريب، استغلال الوظيفة، واختلاس أموال عمومية، مشيرا أن العون قال إن السلعة مطابقة، أثناء المراجعة وأخطرهم أنه لم يكمل عملية الفحص، وأنه نسي الإمضاء لأنه كان يحضر لدورة تدريبية. كما نفى مسحه عبارات في الملف وتعويضها بأخرى بعد أن اكتشفت جرائمهم في تاريخ 23 مارس من سنة 2015، ولم ينف اطلاعه على ذلك في الجهاز الذي تم تخزين المعلومات فيه. كما اعتبر الاتصالات الهاتفية المكثفة مع صاحب البضاعة، وشقيقه الذي يعمل في ميناء العاصمة، منذ 1 فيفري من سنة 2015 اتصالات عادية. فيما واجهه القاضي بالإجابة التالية: أنت تتناقض في تصريحاتك والطريقة التي جاءت بها السيارات للميناء خير دليل على ذلك، وهذا لتحميل الشماريخ، كاميرات المراقبة ومواد التجميل وبودرة الحليب، وحتى أغذية النحل التي حملت بطريقة عشوائية في صناديق السيارات.. وواجه المتهم بن زايد توفيق: إساءة استغلال الوظيفة، والمشاركة في اختلاس أموال عمومية، والذي يشغل منصب قائد فرقة بالميناء الجاف بالرويبة، حيث قال المتهم ”اتصل بي المفتش الرئيسي (بن سعدي. ي)، وأخبرني بوجود غش على متن الحاوية يوم 22 على الساعة 12 والنصف وطلب مني معاينة الحاوية، وقمت بالإتصال بالمفتش الرئيسي للفرق (ي.عوينة)، وهو مسؤولي المباشر، وعاينوا الحاوية رئيس مفتشية الأقسام (بلحبري. ن)، ووجدوا ألفا وثلاثين وحدة من الشماريخ”. وواصل قائلا:”حضر المسؤولون وطلبوا مني العينات، وسلمتهم للمدير الجهوي الذي كان رفقة بوزيد عبد الرؤوف، منها علبتين من البضاعة الحساسة كاميرات مراقبة وعلبتين للشماريخ ووضعوها في سيارتهم، ورجعوا أدراجهم.. أنا جئت لأنور العدالة. يوم 25 فيفري من سنة 2015 جئت للمستودع وهو ميدان الفحص، ورأيت سيارتين الأولى ل”بن سعدي.ي” والثانية للمفتش ”بوزيد.ع”. وجدتهم بصدد تصيف البضاعة الحساسة، كانوا يقومون بتسجيل أرقام تسلسلية لكاميرات المراقبة، خرجت وتوجهت للعون المناوب، وطلبت منه سجل التقارير اليومية، من فضلك سجل كل ما تراه في الميناء الجاف بما فيها السيارات المتواجدة في الميناء، ووجدته قد سجل كل شيء، حتى بتواريخ سابقة منها تاريخ 4 فيفري.. بعد أربعة أيام أو خمسة أيام، وقمت بإبلاغ المفتش الرئيسي للفرق، وكان يقود إحدى هذه السيارات المدعو ”رضا مدي”. ليقاطعه القاضي: بكل صراحة هل أخذت ولو واحدا من الشماريخ؟ ليجيب المتهم: ”لم آخذ ولن آخذ”. في الوقت الذي قال المفتش الرئيسي بالميناء الجاف بالرويبة:”مفتش الفحص هو من أحضر الملف بعبارة مطابق”، حيث جاء في معرض أقواله: في 19 فيفري من سنة 2015 استلمت الملف وحولته لمفتش الفحص (بوزيد.ع). وبتاريخ 22 فيفري من نفس السنة نزلت لحضور عملية الفحص، وهذا على الساعة الثانية مساء، وهذه الحاوية لم تكن مبرمجة للفحص بذلك اليوم، فالمصرح الجمركي هو من يبرمج تاريخ الفحص، وهو”يونسي. ل”. وبتاريخ 22 طلب من مفتش الفحص برمجة فحص الحاوية، جاءني الملف بعبارة مطابق واستقبلته آليا، ومفتش الفحص ”ع.بوزيد” هو من أحضره. عملية الجمركة تمت بمطابقة التصريح بالبضاعة على الساعة الثالثة والنصف بتاريخ 22 فيفري، وهكذا انتهت الإجراءات”. ليضيف ”وهكذا فإن الإجراءات التي قام بها مفتش الفحص خاطئة تماما، مستحيل أن تتم عملية الفحص العيني والمعاينة في مدة 40 دقيقة رغم أن التعليمة تقول إن العملية تدوم لمدة 6 أيام”. في سياق متصل، صرح ”عوينة. ي” المفتش الرئيسي للفرق، أنه لا ناقة له ولا جمل في قضية الحال، وأن كل ما قام به هو وضع تحت تصرف الميناء الجاف فرق لنقل البضائع الموجودة على مستوى الحاوية إلى المخزن، موضحا أن بعض الأعوان هم الذين اختلسوا ومن غير المعقول محاسبته على ذلك.. فيما قال رئيس الفرق: ”لا يحق لي التدخل في مهام لا تخصني وإن الحاوية هي تحت تصرف المفتش الرئيسي.. و”زايدي. ت” أخطرني بصفة كتابية بتاريخ 24 فيفري من السنة الجارية بالتجاوزات التي وقعت على مستوى الميناء الجاف بحضور مفتش الفحص والمدير الجهوي اللذين قاما بإفراغ الحاوية بحجة أخذ عينات، وهذا بالمستودع ومنطقة الفحص، ولكن لا يحق لي التدخل في مهام لا تخصني”. القاضي يتذمر: ”كيف لهم أن يأخذوا عينات بهذه الطريقة العشوائية، لقد أفرغوا الحاوية عن آخرها بحجة أخذ عينات، كيف يوزعون أملاك الدولة بهذه الطريقة، من خلال المحاضر الموجودة تحت رقابتنا الضيقة يظهر أن أحد المتهمين راح يوزع الشماريخ وكأنها ملكه الخاص. كان عليك التدخل والتبليغ عن هذه التجاوزات”. أما ممثل الجمارك فقال: ”بلغنا وجود تجاوزات بالميناء فسارعنا لإيداع شكوى”، وجاء ضمن تصريحاته ما يلي: ”بلغنا وجود تجاوزات بالميناء الجاف بالرويبة بتاريخ 11مارس من السنة الجارية، وورد إلى مصالحنا أن مسؤولين قاموا بإفراغ حاوية من محتوياتها التي كانت محجوزة بالميناء الجاف بالرويبة، وأخذوا عدة كاميرات مراقبة وشماريخ بحجة أخذها كعينات، في الوقت الذي اختفت كمية هامة من البضاعة من الحاوية دون رجعة..”. الشهود: ”مسؤولون طلبوا منا أخذ عينات وتسليمها للمديرالجهوي” أدلى شاهدان بشهادتهما في ملف قضية الحال، حيث استدعى القاضي أول شاهدة وهي سكرتيرة مدعوة ”زيطوط .ح”، والتي جاءت شهادتها كالتالي: ”سيدي القاضي المفتش الرئيسي (بن سعدي .ي) هو من طلب مني أخذ عينة للمدير الجهوي وهذا بتاريخ 25 فيفري من السنة الجارية..”، (بن باكير. ر) وظيفته سائق، والذي جاء في مجمل شهادته ما يلي:”بن حبلي نبيل، مفتش بعين طاية، هو من بعثني لأخذ عينة للمدير الجهوي (غمراس .د). طلبات دفاع الطرف المدني: قدم الوكيل القضائي للخزينة العمومية طلبات مكتوبة لرئيس الجلسة التي اطلع عليها كل من هيئة الدفاع ووكيل النيابة خلال جلسة المحكمة، في الوقت الذي بقي ممثل الجمارك في حيرة من أمره، فلم يحضر لا طلبات مكتوبة ولم يسرد على مسامعنا أي طلبات، وهو الأمر الذي أثار جلبة في قاعة المحكمة، ليقرر بعدها تقديم طلب إفادتهم بالحقوق الجمركية بعد الفصل في القضية. بناء على ما سبق التمس وكيل الجمهورية بمحكمة القطب الجزائي المتخصص عبان رمضان، تسليط عقوبات متفاوتة على المتهمين في قضية تهريب الحاوية، ملتمسا تسليط أقصى العقوبات على المتهمين الفارين من العدالة الجزائرية، مع الأمر بالقبض عليهما، و تسليط عقوبة 7 سنوات حبسا نافذا ومليون دج غرامة نافذة في حق كل من ”بوعمامة. م” وهو عون الفحص، ”يونسي. آ” وهي مصرحة جمركية، ”بوزريد .ع” مفتش فحص، و”عيواز. م”، بالإضافة إلى التماس تسليط عقوبة سنتين حبسا نافذا و200 ألف دج غرامة نافذة في حق ”بن زايد .ت” قائد فرقة بالميناء الجاف بالرويبة.. و”عوينة.ي” المفتش الرئيسي للفرق. مع التماس تسليط عقوبة 4 سنوات حبسا نافذا و200 ألف دج غرامة نافذة في حق المفتش الرئيسي ”سعدي. ي”، والتماس تسليط عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا و500 ألف دج غرامة نافذة في حق ”شيكيراد. ك”، وعقوبة عام حبسا نافذا و200 ألف دج غرامة نافذة في حق ”ناصر. ف”، ”فرحاني. ب”، ”يونسي. ل” و”عزي. س”.