تمتلك بلدية سقانة، الواقعة في قلب الحضنة بين المسيلةوباتنة، مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة والغنية بإنتاجها من الحبوب الإستراتيجية، منها القمح والشعير وأعلاف الماشية، ولكن الإنتاج الزراعي معطل مند مدة طويلة ولا يرقى إلى ما كان عليه مند سنين خلت. تعد البلدية من أبرز المناطق الفلاحية في ولاية باتنة وفي منطقة الحضنة برمتها، ويمكنها أن تصبح واحدة من المناطق الزراعية الكبرى على مستوى الجهة الشرقية للوطن، لو أن الظروف والعوامل التقنية والمادية توفرت لهذا الغرض، من ذلك أن الأجزاء الجنوبية للبلدية يهددها التصحر، والأطراف الغربية والشرقية لا تتمتع بالضرورات القصوى لنهضة زراعية حقيقة، فهناك مساحات شاسعة علي مدى البصر هامدة وغير منتجة لنقص الثروة المادية وانعدام السدود والحواجز المادية المتوسطة الحجم وانخفاض مستوى المياه إلى ما دون المائتين وخمسين مترا تحت عمق الأرض، يضاف إليها انهيار السواقي والمجاري المائية التي كان الفلاحون يقيمونها لتقوية التدفق المائي وتجميع المياه وتوجيهها نحو المساحات المغروسة. لقد كانت البلدية مند ثورة المقراني في برج بوعريريج، ملجأ للهجرات السكانية القادمة من هناك إليها وظلت تستقطب الوافدين إليها من الجنوب الجزائري قبل دخول الاحتلال الفرنسي إلى الجزائر، إذ كانت منطقة زراعية بامتياز تنتج جميع أصناف الخضر والحبوب وأعلاف الماشية، ومركزا حيويا لتربية الأغنام والأبقار عندما كانت الأمطار لا تفارق المنطقة في الشتاء، كما أن الثلوج كانت تتساقط بغزارة وتستمر إلى غاية انتهاء الربيع. يقول رئيس البلدية أن الحبوب لا تنتج إلا بالقوة القصوى في مناطق الحضنة ولا يمكن مقارنة إنتاج الهضاب بالحضنة لأن التجارب السابقة كانت خير دليل على ذلك. وقد بينت الدراسات التقنية التي أجريت على إنتاج الحبوب في بلدية سقانة نتائج مثمرة للغاية، حيث أعطى الشعير مع نهاية السبعينيات ستين قنطارا في الهكتار الواحد والقمح لامس حدود السبعين قنطارا في الهكتار الواحد، بينما أعطى القنطار الواحد من الزيتون خمسة وأربعين لترا من الزيت ذي النوعية الرفيعة والعالية جدا في الجزائر. كما وصل إنتاج المشمش إلى معدلات قياسية لم تحققها أي منطقة حول سقانة، ولكن الفلاحة في هذه البلدية لا يمكن أن تكون مجدية استنادا ل”مير” سقانة إلا بواسطة المياه وعن طريق بناء سدود صغيرة ومتوسطة الحجم وجواجز مائية متوسطة ودعم المنتجين بشبكات السقي وإنشاء محيطات مسقية. المطالبة بجلب الإستثمار وإقامة محيطات فلاحية كبرى وتمتد المساحات الصالحة للزراعة في البلدية على مائتين وخمسة وثمانين كيلومتر مربع، ما يمثل ولاية بأكملها قي شمال الوطن وكلها قابلة للزراعة ولكنها مهجورة وغير مستغلة مند سنوات، وتحتاج لاستثمار يرتكز على القدرة المالية وعلى توفير الوسائل التقنية الحديثة أو العودة إلي الزراعة الشاملة، أي ما يعني إخضاعها لدراسة تقنية ومنحها لمستثمرين قادرين علي إنجاز محيطات فلاحية كبرى، لأن الإنتاج مضمون وأكيد، إذ تشير الدراسات السابقة إلى أن البلدية بإمكانها تلبية حاجيات ثلاثة ولايات من الحبوب الشتوية، ناهيك عن الخضر والفواكه والزيتون. سد بريش.. حلم في طريقه إلى التجسيد أنظار سكان سقانة متوجهة حاليا نحو مشروع سد بريش الذي أوشكت دراساته التقنية علي الانتهاء، حسبما أكده مدير الري للولاية، والذي سيسقي الأراضي الفلاحية لعدة بلديات مجاورة لسقانة، من بينها البلدية المذكورة ومعها أولاد عوف وعين التوتة وتيلاطو وسفيان وبريكة وبطام والجزار وأولاد عمار، وكلها مندمجة في منطقة الحضنة التي تتسع إلى غاية ولاية المسيلة، حيث سيزود الآبار التي يعتمد عليها الفلاحون في سقي أراضيهم. الجفاف الذي يسود مناطق البلدية أحدث إرباكا شديدا في الدورة الزراعية وأصاب المزارعين بإحباط شديد، في وقت بدأت قطاعات واسعة من سكان المدن، ومنها عاصمة الولاية تعود بقوة إلى أراضيها ومزارعها التي هاجرتها مع بداية الهجمات الإرهابية ضد المقيمين في الأرياف وعمليات الابتزاز والتهديد بالقتل والتشريد. وتمكن عدد لا باس به من العائدين إلى بناء حواظر للدواجن والشروع في استصلاح الأراضي وتوسيع الرقعات القابلة للإنتاج بالاعتماد علي إمكانياتهم ووسائلهم الذاتية، غير أن الاهمال الذي طال منشآت الري في السنوات ما بعد أزمة 1988 وعدم بناء منشآت مائية وحتى صغيرة الحجم لم يساعد على تقوية هذا الرجوع القوي للمواطنين إلى خدمة الأرض والاعتناء بها، رغم أن الدولة كانت بيدها الوسائل المالية الكافية لبناء قاعدة مائية صلبة ليس فقط في سقانة، بل في سائر الجزائر بأكملها. الفلاحون في هذه البلدية يتمنون كذلك قبل أن تفوت الفرصة من أيديهم أن تلتفت السطات الولائية لمطالبهم، وأن تدرج البلدية ضمن المناطق التي ستستفيد من القناة الضخمة للري الفلاحي التي تقرر جلبها من سد كدية المدور نحو بريكة، مرورا بسقانة وبعض البلديات السهبية. رهان آخر على الصناعة.. إذا كانت للفلاحة مكانة أساسية في بلدية سقانة، فإنها تمتلك كذلك مقومات لا يستهان بها في مجال الصناعة، إذ تتوفر - حسب الأمين العام للبلدية و”المير” - على تربة ذات نوعية جيدة تصلح لإقامة مصانع لإنتاج الاجور والقرميد. وقد أعطت الدراسات التقنية التي أجريت علي التربة نتائج مضمونة، وتعمل البلدية على جلب مستثمرين محتملين وتقديم الدعم المتعدد الأوجه لهم والوقوف إلى جانبهم أن لبوا الرغبة في التمركز بالبلدية. وما يساعد على الاستثمار في هذه البلدية توفرها علي خط للسكك الحديدية يمر في وسطها ووجود طريق وطني يربطها بولايتي باتنةوالمسيلة، علاوة علي وجود الشبكات المختلفة كالغاز والماء والكهرباء واليد العاملة. متاعب مع الصحة.. وفي مجال الصحة العمومية تفتقر البلدية لعيادة ريفية للتوليد، إذ تنتقل النساء إلى مستشفيات التوتة وبريكةوباتنة مع المشاق والأتعاب التي تترتب عن ذلك، إضافة إلي الاكتظاظ داخل المستشفيات. كما تنعدم بغالبية المشاتي قاعات العلاج. ويضطر سكان القرى الريفية إلى التنقل في كل مرة إلى مركز البلدية لإجراء أبسط فحص أو تلقي تلقيح بسيط. ويناشد مسؤولو البلدية مديرية الصحة للولاية التفكير في مشروع لإنجاز مستشفي للرضوض وجراحة العظام، بسبب حوادث المرور القاتلة التي تسجل يوميا عبر الطريق الوطني الذي يربط باتنةببريكة، مرورا بسقانة، والمطالبة كذلك ببناء وحدة للحماية المدنية ذات الضرورة القصوى لنفس الأسباب. كما يلح مسوولو البلدية على وجوب إنشاء مركز للشركة الوطنية للكهرباء والغاز في مقر بلدية سقانة بدلا من تنقل المواطنين في كل مرة وفي أتفه مناسبة لدفع فواتير الكهرباء والغاز أو الاستجابة لاستدعاء من سونلغاز، وأحيانا يكون عن طريق الخطأ ليدفع المواطن من جيبه ثمن التنقل إلى بريكة أو عين توتة. كما أن البلدية أصبحت جراء عدم تمثيل سونلغاز في سقانة بحكمها كذلك دائرة كسائر الدوائر الأخرى تتنقل إلى بريكة لجلب تقنيين لسونلغاز لإصلاح خلل تقني بسيط يطرأ على مستوى شبكة التوزيع. ويقول ”المير” في هذا الصدد أن أعطابا تقنية في التزويد بالكهربا أحيانا تكون بسيطة جدا ولكن عدم وجود تقنيين لسونلغاز تبقى بلدية بأكملها تحت الأنظار ليوم ويومين. البلدية بحاجة إلى متوسطة ثانية ومركز للتكوين المهني تحتاج البلدية إلى متوسطة في قرية تازغت لفك الضغط عن وسائل النقل المدرسي وعن الإكمالية الموجودة في مركز البلدية، ومجابهة التنامي السريع لأعداد التلاميذ الذين يتنقلون من الابتدائي إلى الاكمالي. ومن المرجح أن تتفاقم الوضعية في غضون العام القادم، ما سينجر عنه مشكل تربوي عويص، بينما يطالب سكان البلدية ببناء مركز للتكوين المهني لاحتواء ظاهرة التسرب المدرسي المتفاقمة من عام لآخر، والتي تحيل المتسربين إلى عاطلين عن العمل وإلى كتلة بشرية لابد من التكفل بها وحمايتها من التلف والضياع المادي والنفسي. وتحصي مصالح السكن بالبلدية قرابة الخمسمائة طلب من أجل الحصول على سكنات ريفية وما يقارب الثلاثمائة طلب خاص بالسكن الاجتماعي، ويلاحظ أن الطلبات موجهة بالأساس للريفي للتمركز في الأراضي الزراعية وخدمة الأرض وتربية الماشية والدواجن، التي حققت هي الأخرى قفزة نوعية هائلة، وتمكنت سقانة من أن تصبح في ظرف وجيزة واحدة من أهم مراكز تربية الدجاج المنتج للبيض. وتعاني قرى أم الهاني والعقاقير وتازغت والصفر من وجود أودية تفصلها عن مركز البلدية وتتعرض لفيضانات في الشتاء تؤدي إلى عزلة السكان لأيام، ويطالب سكان هذه القرى ببناء جسور فوق هذه الأودية تقيهم شر العزلة والانقطاع عن العمل والدراسة بالنسبة للتلاميذ. مرافق رياضية وثقافية غائبة منعدمة مسؤولو بلدية سقانة وجهوا عبر ”الفجر”، انتقادات لاذعة لمديرية الشباب والرياضة التي تتماطل مند مدة طويلة في إنشاء ولو دار وحيدة للشباب، فهي - استنادا لما أكده رئيس البلدية - تضرب مند فترة ليست بالوجيزة حصارا شديدا على سقانة وتريد أن تنتزع من البلدية الملعب الذي تشيده البلدية بوسائلها رغم أنه غير مكسو بالعشب الطبيعي. ورغم أن المديرية لا تبذل أي جهد مع الجهات العليا لتحصيل مشروع لتغطيته بالعشب الاصطناعي، كما فعلت مع بلديات أخرى. ويشدد ”المير” على أن النشاطات الثقافية والرياضية منعدمة في البلدية لأن المديرية تركز نشاطها على المدن الكبيرة وغيرها بالبلديات، والنتيجة أن شباب سقانة محروم من خدمات دور الشباب والمراكز الشبانية والثقافية.