استضافت جمعية الكلمة، يوم الأربعاء الماضي، الروائي الجزائري حاج أحمد الزيواني، الذي يتنفس روح أصالة الصحراء الجزائرية، والذي لم تخرج كتاباته عن هذا الفضاء الصحراوي الغني بمكوناته وتراثه وعمقه الحضاري، وهو ما مميز عمليه السرديين ”مملكة الزيوان” و”كاماراد رفيق الحيف والضياع”. يقول الروائي الصديق حاج أحمد الزيواني أن روايته الجديدة ”كاماراد” تدور أحداثها حول موضوع ”الهجرة غير الشرعية” (الحراة)، لكنها تركّز على هجرة الأفارقة، الذين يجدون في منطقتي ”أدرار” محطة للعبور نحو الشمال، مضيفا بأنه قام برحلة عميقة إلى المجتمع الإفريقي، وهذا التنقل سمح له برؤية خاصة وزاوية لم توفرها له الأعمال المكتوبة عن هذه الفئة من الأفارقة التي تغامر بالحرڤة، كما سمحت له التجربة بالتعرف عن قرب على ثقافة الزنوج، خصوصا من الكاميرون وسيراليون وكوت ديفوار وغانا ومالي والنيجر وغيرها من الدول الإفريقية الأخرى. ويضيف الزيواني أن بطل روايته يهرب من إفريقيا ومن الأوبئة والحروب الأهلية والانقلابات والتضييق على الحريات الشخصية، قائلا: ”هناك أفارقة خصوصا من الكاميرون وجدتهم يهاجرون بحثا عن ”المثلية الجنسية ”التي تحاربها مجتمعاتهم”. وتحدث الزيواني عن اللغة، موضحا أن دراسته الجامعية أفادته كثيرا، لكون تخصصه في مرحلة الدكتوراه (اللسانيات) ساعده كثيرا في نحت اللغة القريبة من عوالم وفضاءات الصحراء والإنسان الإفريقي، من خلال محافظته على الملفوظ اللساني في عمله الروائي. وقال صاحب ”مملكة الزيوان” أن المخرج السينمائي لن يجد أي صعوبة في تحويل روايته إلى فيلم سينمائي، وهو ما جعل، حسبه، الناشر يضيف إلى بنود العقد ما يسمح بذلك، خصوصا ما تعلق بترجمة النص إلى لغات أخرى كالفرنسية والإنجليزية اللغتين الأجنبيتين المنتشرتين في إفريقيا. واعتبر الروائي الجزائري أمين الزاوي أن الزيواني صوت متميز في التجربة السردية الجزائرية، حيث استطاع أن يأخذ مكانته في المشهد الأدبي الجزائري بعد صدور نصّين روائيين له، يستحقان القراءة والإشادة، مضيفا أن الزيواني بقي محافظا على عوالم روايته الأولى ”مملكة الزيوان” ونقل إلى روايته ”كاماراد” ذلك الشغف الكبير بالحكي من جهة، مع الاعتداد بالكثير من المعلومات والتواريخ والاخبار والتدقيق الذي يؤثث للحكاية. ويرى الزاوي أن رواية ”كاماراد” تطرح مسألة الهجرة والحراقة ولكنها تختلف عن أعمال بوزيان بن عاشور، ربيعة جلطي، الحبيب بسايح وبوعلام صنصال، لأن هؤلاء الهجرة عندهم تتحدث عن الجزائريين الحراڤة نحو أوروبا، لكن ”كاماراد” تناولت مغامرة الأفارقة من بلدانهم نحو الجزائر، حيث تتحول عين ڤزام عندهم إلى ”باريس”، ويتحول رمل الصحراء إلى بحر أصفر يخوض الأفارقة عبابه ويركبون أمواجه وحلمهم الوصول إلى الجزائر، ومن ثم التوجه إلى أوروبا. ويضيف الزاوي بأن رواية ”كاماراد” عمل روائي سينمائي فيه تقطيع سينمائي وقياس للمسافات وأرقام كثيرة، وهندسة معمارية، لأن الزيواني كانت له عين سينمائية. واعتبر الزاوي أن الزيواني نموذج للروائي الذي يتخذ من عتبة البيت نقطة انطلاق، ليحلق بصبر وأناة، وينطلق من محليته نحو العالمية الإنسانية، عكس بعض الروائيين الذين نجدهم متكلفين يكتبون لغة لا تمثلهم، بحثا عن إرضاء بعض الجهات، أو بحثا عن الجوائز، ولكن ”كاماراد” سجية الحياة بكل عفويتها وانكساراتها وطموحاتها. وفي سياق آخر، قال الزاوي أن المال الخليجي خطر يتربص بالرواية العربية بل بالمثقف العربي والثقافة العربية، لكون هذا المال الخليجي حاصر النخب التنويرية في مصر، وها هو اليوم يحاصر النخب المثقفة في المغرب وتونس والجزائر، بعد أن فعل الأمر نفسه في لبنان وسوريا وفلسطين، مضيفا بأن دول البترودولار بلعت ألسنة المثقفين العرب وقطعتها. وقال الزاوي أن بعض الروائيين ألقوا بأنفسهم في أحضان البترودولار، فضيّعوا هيبة المثقف ودوره التنويري، وتحوّل بعضهم إلى ”بيدق” و”عبد” في يد أصحاب المال في الخليج”، وهو ما فهمه البعض بأنها إشارة ضمنية إلى الروائي واسيني الأعرج الذي توج بجائزة ”كتارا” للرواية العربية، مضيفا بأن الجوائز العربية الموجهة للشعر والرواية مشبوهة، متسائلا: ”هل قرأتم رواية فازت بجائزة منها انتقدت الملكيين والحكام في الخليج؟ لجان التحكيم فيها لا تحتكم إلى جودة النصوص، بل إن عوامل سياسية ومصلحية تتحكم في تقييم الأعمال وتتويجها والأمر لم يعد خفيا”. واتفق كل من الزاوي والزيواني على أن ”موعد مع الرواية” الذي يشرف عليه الروائي سمير قسيمي نشاط ثقافي مهم ومبادرة تستحق التنويه ولابدّ من استمرارها”.