هل مصير المشاهد الجزائري هو السباحة في بركة الرداءة؟ أم أن عليه الهروب إلى القنوات الاخرى مادامت الريموت كونترول في يديه، أكيد سيلجأ إلى الخيار الثاني مادام ان القنوات العربية تتيح له مشاهدة أعمال في جيدة، وأكيد مستواها أعلى بكثير من البرنامج الكوميدي ”100? حومة” والذي لا يمد للكوميديا والفكاهة بصلة. تكفيك حلقة واحدة من هذا العمل الذي يعرض على قناة ”النهار” والمعنون ب”100? حومة” لتطلق هذا البرنامج بالثلاث وتجزم على عدم العودة إلى هذه القناة وقت بث هذا العمل، فلا الأداء ولا المستوى ولا السيناريو ولا أي شيء يجعلك ترجع إليه، مادام الارتجال والاستسهال والابتذال إن صح التعبير عناوين عريضة لهذا العمل. مجموعة من الشباب مكونة من 5 أشخاص يجلسون في غرفة ويتحدثون حول مواضيع يعتقدون أنها تهم المشاهد، يحاولون بذل جهد من أجل إضحاك الجمهور، ولكن هيهات، فالكوميديا شيء والارتجال شيء آخر، مادام أن السيناريو غائب وأسس العمل الكوميدي غائبة كذلك، ناهيك على أداء الممثلين الذين دخلوا في الاستسهال أو بعبارة أخرى استغباء المشاهد من خلال المواضيع التي يعالجونها. تشاهد حلقة من هذا العمل خصصت للعلاقة بين الرجل وحبيبته وطبيعة الهدية التي يقدمها لها في عيد ميلادها والعكس كذلك، امتازت هذه الحلقة بسطحية كبيرة وبسذاجة في الحوار والتمثيل، كأن يقول أحدهم لحبيبته: جلبت لك هدية في عيد ميلادك ثم يشير لها إلى سيارة حمراء ويقول لها بعدها أتيت لك بجوارب بذلك اللون، فيخرج علينا ممثل آخر في هذا العمل فيقول لصديقته أنه اشترى لها سلسلة من ذهب ولكنه نسيها في سيارة الطاكسي، ليقدم لها بدلها حجرة مربوطة بشريط، اقتداء بالمثل الجزائري ”الحجرة من يد الحبيب تفاحة”، ممثل آخر يقدم لصديقته وردة فلا تقبلها منه، كل هذه مواضيع يعالجها العمل الموسوم ب”100 ? حومة” والتي تدفعك لمقاطعة بعض القنوات الجزائرية وإعادة تهذيب العين التي دخلت في دوامة الرداءة والابتذال. الكم الهائل من الأعمال السيئة التي تعرض علينا شهر رمضان أو بالأحرى التي نعاقب بها خلال الشهر الفضيل، تجعلنا نستفسر عن مدراء الإنتاج والبرمجة في القنوات الجزائرية سواء الخاصة والعمومية، مع الإدراك بأهمية منصب مدير الإنتاج لأن نجاح البرامج المعروضة على قناة ما مربوط بحسن اختيار الأعمال، وهذا الاختيار لن يكون إلا من خلال موافقة لجنة قراءة أكاد أجزم أنها غائبة على مستوى قنواتنا، وإن كانت موجودة تمرر الأعمال وفق أجندات معينة، يا إما عن طريق المحسوبية أو الرشوة، وهو الشائع كثيرا مؤخرا، وفي الأخير دوامة من الرداءة تجعلك تعلن اليوم الذي فتحت فيه شاشة التلفاز على قناة جزائرية إلا بعض البرامج التي حفظت ما الوجه نوعا ما، رغم أن التقليد يغلب عليها مع غياب الأفكار الأصلية، حيث باتت كل البرامج التلفزيونية الوطنية رهينة التقليد، حيث نلاحظ أن حتى المسلسلات الدرامية عبارة عن قصص مستوحاة من أعمال تركية أو مكسيكية وبعيدة عن الواقع الجزائري بكثير. سؤال لا بد أن يطرح بإلحاح: هل توجد قناة إخبارية في العالم تعرض مسلسلات أو برامج سيتكوم أو كاميرا خفية؟ أكيد لا، لأن هذه القنوات تحترم جمهورها وخطها الافتتاحي الذي لا يخرج عن سياق الأخبار والنقاشات السياسية، كما أنها تحترم التخصص لأن هناك قنوات للمنوعات تعنى بهذه البرامج، ولو أن إنشاء قنوات موضوعاتية في الجزائر ممنوع مادام أن الإطار القانوني للقطاع السمعي البصري لم يضبط بعد، وتأخر موعد تنصيب لجنة ضبط السمعي البصري والتي من شأنها إيقاف المهازل التي تحصل خلال شهر مضان على قنواتنا.