من يريد إصدار قاموس في الكلام البذيء، ما عليه إلا متابعة ما يكتبه الإسلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي وتعليقاتهم على من يخالفهم الرأي، ويسمون أنفسهم ”خير أمة أخرجت للناس”! هذه هي أخلاقهم، وهذا ما ”حلبت البڤرة” على حد المثل الشعبي. محق رجاء ڤارودي، الراحل، الذي ترك مقولة تختصر كل شيء ”الحمد لله أنني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين”! لأعد إلى مآسينا الأخرى! لم يحم قانون تجريم العنف ضد المرأة المسكينة ”أميرة مرابط”، ضحية مدينة الخروب التي أحرقت في الشارع أمام مرأى الناس من طرف معتوه، ما زال فارا من العدالة! والتهمة كونها امرأة، لأن لا توجد تهمة في الكون تبرر حرق إنسان حي إلا عند المعتوهين، مثل الذين حرقوا الكساسبة الطيار الأردني! فالمشكل ليس مشكل قوانين ولا مشكل عدالة وإنما مشكل انهيار المنظومة الأخلاقية للمجتمع أين كثرت مظاهر التدين وقل الإيمان. مشكل مجتمع ضاع في دروب الظلام، وعاد قرونا إلى الخلف معتقدا أنه عاد إلى هويته الأصلية وإلى الدين الصحيح، بينما يفقد كل يوم إنسانيته وتماسكه الإجتماعي الذي جعله يتخطى أصعب مرحلة في تاريخه، سنين الاستعمار التي استهدفت الهوية. مشكل مجتمع شيطن المرأة وصورتها، فرح يصب يوميا أحقاده عليها، محملا إياها كل الآثام، وما يمحي الآثام إلا النار، نار على الأرض قبل نار جهنم. لم تعد أخبار القتل تفزع أحدا والمجتمع يغرق يوميا في قضايا الاختطاف والقتل والمخدرات، بعد سنوات الإرهاب التي بسطت الجريمة وجعلتها حدثا عاديا، لا يختلف إلا في أعداد الضحايا، ولذلك لم يهتم أحد لمقتل هذه الشابة في مقتبل العمر، وراح يلتف حول معتوهة تحاول التسويق لنفسها وصورتها. لن تنفع قوانين تجريم العنف الذي ثار ضدها دعاة العودة إلى سيرة السلف، لأن ضرب المرأة وإهانتها عبادة عندهم. ألم يقل أحد الصحابة ”إضرب زوجتك، فإن لم تكن أنت تعرف لماذا، فهي تعرف”. قد يكون السبب الذي أحرق ”أميرة” غير ديني، لكن شيطنة النساء التي صارت ثقافة المجتمع والشباب الذي ”أثمرته” كارثة المدرسة الجزائرية هو الذي سهل على مرضى النفوس، وما أكثرهم، استهداف المرأة لفظيا وجسديا. لن يصرخ هؤلاء بكلمة ”القصاص” لأن الضحية امرأة سافرة، ويعني في ثقافتهم ”خارجة عن الطريق” حتى لا أستعمل بذاءتهم. ليهتم الناس أولا بأضحية العيد، أما أميرة فلها الرحمة!