حلت أول أمس الذكرى الرابعة والثمانين بعد المائة لمبايعة الأمير عبد القادر للكفاح ضد المستعمر الفرنسي، وتحيي ولاية معسكر الاحتفال بهذه المناسبة باحتضانها التظاهرات الرسمية بمشاركة وفد من الولاياتالمتحدةالأمريكية ممثلا عن ”بلدية القادر” بولاية ”آيوا”، إلى جانب ممثلين عن جمعية ”القادر” التي تهتم بتراث مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. ويقول المحلل والكاتب البروفيسور محمد طيبي في وصفه سيرة الأمير عبد القادر، أننا أمام رجل وصفه الإنجليز بأنبل الرجال العرب في القرن التاسع عشر، يحمل الكثير من الخصال الفكرية والمعرفية و العرفانية والحوارية وأحد المنظرين للحضارة والتاريخ، رجل صنع للجزائر ودين الإسلام صورة أبهر بها العالم بأسره. وهو ما ذهب إليه البروفيسور محمد بن بريكة من جامعة الجزائر قائلا أن الأمير عبد القادر كرس مظاهر الدولة الحديثة التي تبنى عليها أرقى الحضارات، وقال أنه أول من وقع وثيقة تتعلق بحقوق الأسير التي تقيم عليها أرقى الدول خطواتها الكبرى، كما أنه جسد لحوار الأديان بمراسلة العدو والحليف على حد سواء، بالإضافة إلى تمجيده مبادئ الوحدة الترابية والراية الوطنية بكل مظاهرها. واعتبر وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أول أمس بمعسكر بأن ما يجري الآن من أحداث في منطقة الشرق الأوسط أعاد الأمير عبد القادر إلى مسرح الأحداث. وقال الوزير، لدى افتتاحه أشغال ملتقى وطني بعنوان ”الدولة في المشروع الحضاري للأمير عبد القادر”، المنظم بجامعة معسكر بمناسبة إحياء الذكرى ال184 لمبايعة الأمير عبد القادر، أن ”طبيعة ما يحدث حاليا بمنطقة الشرق الأوسط أعادت إلى الأذهان العمل البطولي والإنساني الذي قام به الأمير عبد القادر بسوريا عندما حمى المسيحيين من اعتداء الدروز”. وأضاف ميهوبي أن ”شخصية الأمير عبد القادر العظيمة والمتكاملة وصعبة التصنيف، توجب وضعه كمعلم في حياة الأجيال يستمدون من فكره و قيمه التي ناضل من أجلها داخل وخارج الوطن”. وذكر أنه يفتخر عندما يقرأ مؤلفات عن حياة الأمير عبد القادر من مفكرين أجانب تشير إلى دوره الإنساني الكبير، ومنها كتاب الباحث الأمريكي جون كايزر الذي أشار إلى أنه بفضل الاطلاع على سيرة الأمير عبد القادر تمكنت شعوب بعيدة من معرفة حقيقة الإسلام البعيدة عن مظاهر العنف والتطرف. كما تناول مجموعة من الأساتذة والباحثين خلال هذا الملتقى المنظم بالتعاون بين مديرية الثقافة وكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة معسكر، جوانب من سيرة وكفاح مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. وقد تطرق مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور بوزيد بومدين إلى الجانب القيمي في فكر الأمير عبد القادر، بينما تناول الدكتور بشير بويجرة محمد من جامعة وهران الجانب الأدبي و الشعري في فكر الأمير عبد القادر. كما أبرز الأستاذان مجاود محمد من جامعة سيدي بلعباس ووذان بوغوفالة جوانب تاريخية من سيرة هذه الشخصية التاريخية. وتتواصل الاحتفالات بالذكرى ال184 لمبايعة الأمير عبد القادر مساء يوم الأحد بزيارة المعالم التاريخية والأثرية لعهد الأمير عبد القادر وتنظيم حفل بموقع ”الدردارة” التاريخي الذي شهد المبايعة. ويحضر عدد كبير من الضيوف من داخل الجزائر وخارجها الاحتفالات بالذكرى السنوية لمبايعة الأمير عبد القادر، بينهم وفد أمريكي يمثل بلدية ألكادير التي تحمل اسم الأمير عبد القادر.