أشارت النتائج الجزئية للانتخابات التمهيدية لليمين والوسط الفرنسيين تقدم فرانسوا فيون (62 عاما) أمام آلان جوبيه ب 69.5 بالمائة من الأصوات. فيما حصل منافسه على أقل من 33.5 بالمائة من الأصوات، بحسب نتائج 2121 مكتب تصويت من أصل 10228. وفي كلمة له بعد ظهور النتائج الجزئية لهذه الانتخابات، أقر جوبيه (71 عاما) بهزيمة، وهنأ فيون بالفوز، كما أعلن أنّه سيدعمه في الانتخابات المقبلة. وكان التحدي صعبا بالنسبة لجوبيه لتدارك الفارق بينه وبين فيون، في ظل دعم نيكولا ساركوزي والمرشح برونو لومير للأخير، والذي كان بحاجة إلى ست نقاط فحسب كي يتجاوز النصاب المطلوب للجولة الأولى وهو 50 في المائة. وأشاد وزير خارجية نيكولا ساركوزي بفوزه الساحق عقب ظهور النتائج الجزئية معتبرا أنه: ”انتصار شامل مبني على قناعات”، و”موجة كسرت كل السيناريوهات التي تمّ إعدادها مسبقا”، وأنّ ”الناخبين مجدوا في شخصي القيم الفرنسية” التي يتمسكون بها. وقال فيون إنّ ”اليسار هو الفشل، واليمين المتطرف هو الإفلاس”. ويشار إلى أنه نظرا لعدم حصول أي مرشح على غالبية الأصوات (أكثر من 50 بالمائة) خلال الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية لحزب الجمهوريين اليميني وأحزاب يمين الوسط، نظمت جولة ثانية من هذه الانتخابات.يذكر أنّ فرانسوا فيون حقق مفاجأة صدمت الوسط السياسي الفرنسي بتقدمه على المرشحين الأوفر حظاً، جوبيه نفسه، والرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي (الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات) الذي خرج من السباق ومن الحياة السياسية. وتصدر نتائج الجولة الأولى بفارق كبير بنسبة 44.2 بالمائة من الأصوات، فيما حصل ألان جوبيه على 28.4 بالمائة من الأصوات، وحصل ساركوزي على 21 بالمائة فقط من الأصوات. وتعد الانتخابات التمهيدية مهمة وحاسمة لتحديد مسار السباق الرئاسي للوصول إلى قصر الإليزيه. ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في فرنسا على جولتين خلال شهري أفريل وماي من عام 2017. الاشتراكيون: مشروع فيون ”عنيف وخطير” ويحمل أفكار اليمين المتطرّف وتعتبر هذه النتيجة فوزا ساحقا لفيون (الذي اقترح إصلاحات جذرية لإنعاش الاقتصاد الفرنسي الذي يمر بحالة ركود). وأبدى ممثلو اليسار الفرنسي قلقهم من المشروع السياسي الذي تقدم به فرانسوا فيون ووصفوه بالمشروع ”العنيف والخطير” وأنه يحمل أفكار اليمين المتطرّف. وأثار فوز فيون في الانتخابات التمهيدية مرشحا لليمين والوسط الفرنسيين، مساء الأحد، ردود فعل غاضبة من جانب اليسار الفرنسي التي نادت إلى القيام ب”تجمع” قبل خمسة أشهر عن الانتخابات الرئاسية. وكتب الأمين العام للحزب الاشتراكي جان كريستوف كامبيدليس في تغريدة على حسابه بتويتر: ”اليمين المتطرف يصفّي آخر الشيراكيين - الديغوليين (نسبة إلى رئيسي فرنسا السابقين جاك شيراك وشارل ديغول). في حين نددت جولييت ميدال كاتبة الدولة المكلفة بالضحايا بمشروع فرانسوا فيون معتبرة إياه ”بالخط الأيديولوجي المثير للقلق”. ويملك فيون برنامجا حول مكافحة الإرهاب في الداخل الفرنسي يعتمد على تجريد الفرنسيين الذين يتوجهون إلى الجهاد من جنسيتهم وتحديد نسبة سنوية للاجئين والمهاجرين إلى فرنسا. ويدعو فيون إلى تطبيق برنامج اقتصادي يكرس القطيعة مع الماضي، وقال في بداية فترة ساركوزي الرئاسية، إن ”فرنسا في حالة إفلاس”، ما خلق توترا شديدا في العلاقات بين الرجلين. ويقترح فيون اليوم في برنامجه إلغاء نصف مليون وظيفة في القطاع العمومي وتمديد ساعات العمل إلى 39 ساعة في الأسبوع ورفع سن التقاعد إلى 69 سنة. وبشأن الوضع في سوريا يناقض المشروع الذي يحمله فرانسوا فيون تماما مشروع خصمه جوبيه، الذي يدعو إلى التعاطي بواقعية مع الأزمة، وانتقد فيون إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول إلى المتوسط والقيام بضربات عشوائية ”دون جدوى بغياب التنسيق مع الجيش السوري وروسيا”. ويرى فيون أنّ في سوريا طرفين، يتمثّل الأول في الرئيس السوري بشار الأسد، والثاني يتمثّل في تنظيم ”داعش” والجماعات المنبثقة عنه، وأنه يتوجب على الدول الغربية أن ”تصطف مع المعسكر الذي يواجه تنظيم ”داعش” أو عدم التدخل في سوريا مطلقاً”. وسيواجه فرانسوا فيون على الأرجح مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي زادت شعبيته. حرب بسيكولوجية في كواليس الإليزيه: فالس يتحدى هولاند وفي ظل تدني شعبية اليسار الحاكم في عهد الرئيس الحالي فرانسوا هولوند، وتنامي شعبية مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس في مقابلة مع صحيفة ”لو جورنال دو ديمانش” أنه قد يترشح للانتخابات التمهيدية للاشتراكيين، وسيواجه الرئيس فرانسوا هولاند، الذي تدهورت شعبيته بشكل كبير، لاختيار مرشّح هذا التيار لرئاسيات المقبلة. وحذر فالس من أن حزبه الاشتراكي يغامر وقد يتعرض لهزيمة ساحقة في انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل. وأعرب عن ذلك قائلا: ”لا بد من تذكيركم بأننا قد نسحق في مساء الجولة الأولى.. والجناح اليساري قد يموت”. كما حذر رئيس الوزراء الفرنسي من ”الديناميكية” الحالية قد تقود اليسار الفرنسي إلى الهزيمة في 2017، وتعهّد بكسر في حال ترشحه للانتخابات. وقال فالس للصحيفة: ”سأتّخذ قراري بكل وعي، وأيا كان، فسيكون نابعا من حسّ الدولة”. وأضاف رئيس الحكومة الفرنسية ”تربطني بالرئيس علاقات احترام وود وولاء، مع هولاند لكن الولاء لا يمنع الصراحة. لا بد من ملاحظة أن الأمور تغيرت في الأسابيع الاخيرة. وكانت وسائل الإعلام الفرنسية قد تحدثت في وقت سابق عن نية فالس في ترشيح نفسه للرئاسة إذا اختار هولاند عدم الترشح. وموازاة مع تصريحات فالس، حذّر الناطق باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لو فول مانويل فالس بأنه لن يبقى على رأس الحكومة الفرنسية في حال أعلن ترشحه في الانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسي، قبل أن يتخذ فرانسوا هولاند قراره بهذا الخصوص، وذلك لتجنب المنافسة بين رئيسي السلطة التنفيذية في 2017. وقال لو فول الذي يعتبر من أكبر داعمي فرانسوا هولاند في تصريحات لقناة أوروبا 1 أنه ”يحق لرئيس الحكومة الفرنسية الحالي الترشح للانتخابات” لكن في هذه الحال: ”لا يمكن أن يبقى رئيسا للحكومة”. وتابع القول لن يتنافس ”رئيسا الجمهورية والحكومة في الانتخابات التمهيدية، لا يمكن تقبل أو تصوّر ذلك، إلا في مخيلة أولئك الذين يخلطون بين مصالحهم الخاصة ومصالح الجماعة”. وفي السياق صرح كلود بارتولون رئيس المجلس الوطني الفرنسي، والقيادي في صفوف الحزب الاشتراكي الفرنسي، إنه ينبغي للرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء مانويل فالس المشاركة في انتخابات الحزب المخصصة لاختيار مرشح للانتخابات الرئاسية. وجاءت تصريحات بارتولون في أعقاب إظهار نتائج استطلاعات الرأي أن اليسار الفرنسي المنقسم سيخسر أمام مرشح يمين الوسط أو أمام زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في أفريل 2017. يذكر أنه على الرغم من أن بارتولون غير محسوب على تيار هولاند، إلا أنه لعب دورا هاما خلال الحملة الانتخابية، إذ كان يأمل في تقلد منصب مسؤول العلاقات الخارجية في فريق الحملة وحقق عملا كبيرا في الميدان من أجل إقناع الفرنسيين بالتصويت لصالح مرشح الحزب الاشتراكي.