اختير المخرج الجزائري حميد بن عمرة في عضوية لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية لمهرجان الأقصر للسينما الافريقية في دورته السادسة من 16 إلى 22 مارس 2017. ويعتبر حميد بن عمرة من أهم المخرجين الجزائريين الذين اختاروا السينما طريقا لهم، حيث يكابد الكثير من الصعوبات ويقوم بإخراج أفلام مهمة من دون تلقي الدعم من طرف المؤسسات الثقافية الجزائرية، وبين عامي 1981 و1985، أخرج ستة أفلام روائية قصيرة وطويلة عرضت بمتاحف السينما بالجزائر وبروكسل، إلى جانب مهرجان فيسباكو، عرض فيلمه ”شيء من الحياة، شيء من الحلم” في سبعة عشر مهرجانا بثلاث قارات. وقدم السنة الماضية فيلمه ”هواجس الممثل المنفرد بنفسه” الذي جاء تقييمه في كتاب السينما للناقد ”محمد رضا” كثالث فيلم مقيم بخمس نجوم من بين 450 فيلما عربيا وأجنبيا. يتعمق هذا الفيلم الذي أخرج في سنة 2016 ومدته 103 دقائق، في أحلام وطموحات الفنان الجزائري من خلال بورتريه سينمائي حر للممثل محمد عدار، ويتابع هذا العمل من خلال صور من الأرشيف مأخوذة في الجزائر ومشاهد مأخوذة مؤخرا في الجزائر وفرنسا الممثل محمد عدار في تحضيره وتقديمه لمسرحية ”حمى الإسكافي” التي تم تأليفها خلال سنوات الثمانينيات من قبل وزير الثقافة الحالي عز الدين ميهوبي. ويتعلق الأمر في هذه المسرحية التي تحاول بعث المسرح الشعبي بتصور التاريخ والعلاقة بين السياسي والمفكر والتغيرات الكبيرة التي شهدتها الجزائر منذ سنة 1988 إلى يومنا هذا. كما يتطرق ”هواجس الممثل المنفرد بنفسه إلى ظروف الفنان الجزائري وعلاقة السينما والمسرح مع الجمهور، وكذا أحلام المنتج الذي يطابق صور تعكس نفس الواقع ثلاثين سنة من بعد. وقد تلقى الفيلم في فيفري الماضي ”تكريم خاصا” من لجنة تحكيم الأيام السينمائية للجزائر العاصمة، وفي مارس من نفس السنة تكريما أيضا في مهرجان الفيلم الإفريقي بمدينة الأقصر بمصر. ويعود حميد بن عمرة بفيلم جديد يحمل عنوان ”حزام” والذي شهد عرضه العالمي الأول شهر نوفمبر الماضي في مهرجان القاهرة الدولي للسينما، كما سيشارك شهر أفريل القادم في مهرجان تيطوان لسينما دول البحر الأبيض المتوسط. الفيلم يتجول بين نساء من آفاق متعددة وثقافات مختلفة، والمرأة في الفيلم ليست فقط جزائرية بل إفريقية، هندية، لاتينية، يابانية وأوربية، حيث أن باريس تجمع بين كل هذه الألوان واللغات وتجعل منها نواة هذا الفن، لا الفيلم لا يتنقل في بقاع العالم، بل هو الذي يأتي إليك من خلال الرقص الذي لم يعد يقتصر على الشرق فقط. يعتبر المخرج حميد بن عمرة أن الرقص الذي يصوره لا علاقة له بالكاباريه ولا بنوع من التبرج السينمائي، بل أن محور موضوع الفيلم لا يخرج عن حبه للمرأة، والمرأة بالنسبة له هي الأخت، الأم، الزوجة، الرفيقة، المعلمة وهي النجمة الغائبة عن شاشاتنا. ”هناك شيء يتسرب طبيعيا إلى جسدك عندما تصور الرقص لسنوات، هو تلك السلاسة والمرونة التي نحتاجها كل يوم من حركاتنا البسيطة، حتى أن الكاراتيه الذي أمارسه بعد معرفتي للنساء يختلف عن الكاراتيه الذي مارسته في صغري، بمعنى أن الحركة صارت أقوى لكونها أكثر سرعة وهذا لأن الجسم لم يعد جامدا كالصخر”، هكذا يصف بن عمرة تجربته في تصوير هذا الفيلم وربطها بممارسته لرياضة الكاراتيه. يتساءل بن عمرة في الفيلم: ”متى تتحول الحركة إلى رقص ومتى تبقى مجرد حركة؟ أي أين يبدأ الإيقاع والطرب في الجسد، وهل الرقص يحتاج دوما إلى الموسيقى أم أن الموسيقى نغم سري أساسه دقات القلب؟، يقول المخرج بأن الفيلم حول الحياة والموت والرقص فيه ليس إلا طعما للجمهور، كما أنه يتناول الأنا وعلاقة الذات بالأنانية، مضيفا أن ”حزام” فيلم النساء فيه يحببن الحياة ويعرفن أن الرجل الذي يعتدي عليهن إنما يعتدي على نفسه، أو بالمعنى الشعبي يقال أن فلان ”محزم” أي مستعد لخوض الحياة، لذا هو كمخرج ”راني محزم” فنيا وتقنيا وفلسفيا ودينيا. يقول المخرج حميد بن عمرة: ”16 عاما خلت وكاميراتي تتابع بدقة كل قدم وكل يد ترسم حركة رشيقة تعبر عن أنوثة راقية، 16 عاما والعدسة تترقب كل نفس وكل شكل من أشكال التعبير الجسدي، خلال كل هذا الوقت استوعبت بعمق الحدس الأنثوي وتقربت من مصدر الحياة والحب، المرآة.