يشهد القطاع الصحي مخاضا بتوالي الإضرابات والاحتجاجات التي ينظمها طلبة القطاع أوممارسوه لسنوات، بعد العديد من العراقيل التي جعلت يوميات عملهم تراجيديا حقيقية. ورغم أنهم أصحاب المآزر البيضاء، إلا أنهم ليسوا في منأى من الأسلحة البيضاء التي تطال رقابهم من قبل عصابات الشوارع التي تنقل من الحين للآخر شريكا لهم بعد إصابته في شجارات ليلية عنيفة. بمجرد دخول مصالح الاستعجالات الطبية عبر كامل المستشفيات والمراكز الصحية، يظهر جليا أن عدد المرضى يفوق الموارد الطبية المتوفرة، أوهكذا يبدو للوهلة الأولى، حيث أن الفريق الطبي وشبه الطبي يعمل بشكل متواصل بفضل المناوبة. في حين أن ”ملائكة الرحمة” يهانون بشكل غير معقول من قبل بعض المواطنين من خلال الاعتداء اللفظي والجسدي، ما جعل المكانة المعنوية للطبيب والممرض تزحزح عن مكانها داخل المجتمع.. حيث كشفت مديرية الصحة لولاية الجزائر في آخر تقرير لها، تسجيل 3 آلاف اعتداء لفظي وجسدي طال الفرق الطبية وشبه الطبية لسنة 2016، ما جعل ظاهرة العنف بالمستشفيات والمراكز الصحية من يوميات القطاع الصحي الذي تحول إلى مشادات كلامية وشجارات بين أهل المرضى والأطباء والممرضين، وكذلك بين المواطنين وأعوان الأمن. قامت ”الفجر” بزيارات عديدة للمصالح الاستعجالية لمختلف التخصصات بعدد من المستشفيات الجامعية، وكان السمة البارزة هي ساعات الانتظار المألوفة لطابور طويل من المرضى الذين يرافقهم أهلهم، فكل مريض يرافقه شخصان أو ثلاثة من أهله، ما جعل قاعات الانتظار تتحول إلى بؤرة التوتر والقلق، ما يفرز ألفاظا هستيرية من قبل البعض تمرر للممرضين الذين يمرون من الحين للآخر. كما أن البعض يتجرأ على فتح مكتب الطبيب الذي يكون في إطار عمله مع مريض تحججا أنه أطال معه الفحص لتبادل أطراف الكلام، ما جعل مصادرنا تؤكد أن الوضع أخطر من ذلك بكثير، خاصة ما تعلق بالأطباء والممرضين المناوبين ليلا، فهم يهددون من قبل شبان منحرفين بالسكاكين في حالة عدم نجاة شريك لهم أصيب في عراك جمعهم مع عصابة أخرى. كما أن الأمر خارج عن سيطرة أعوان الأمن الذين يتحملون الويلات كذلك.. لذا فمن الضروري - يضيف - مصدرنا أن يتم تكثيف الأمن وتفعيل كاميرات مراقبة المراكز الاستشفائية الجوارية، فإصابة الطبيب أو الممرض بعاهة مستدامة بعد ضربه بالسكين على الوجه سينفر الآخرين من الالتزام بالمهنة ليلا خوفا على أنفسهم، وهو ما سيصعب الأمر على المرضى بعدها. وفي رده على سؤالنا حول المماطلة في تقديم الخدمة من قبل بعض من أفراد الفريق الطبي والشبه الطبي، الذي جعل الاعتداء يكون نتيجة حتمية عليهم، قال أنه من المستحيل أن يتمتع الجميع بالضمير المهني، لكن الذين يعملون بالمصالح الاستعجالية أغلبيتهم متربصون وهو ما جعلهم لا يسيطرون على الوضع. كما أن بعضا من المواطنين الذين يحضرون مرضاهم يكونون مشحونين قبلا للاعتداء على الطبيب والمريض لأتفه الأسباب، وعلى الوزارة الوصية أن تتدارك مشكل الاعتداء اللفظي والجسدي على الأطباء والمرضى، وتفتح ملفا عاجلا لاحتواء الوضع مثلما تهتم بتوفير التجهيزات والمعدات التقنية من آخر طراز.