تعد بلدية حامة بوزيان قطبا فلاحيا متميزا بولاية قسنطينة ، بل حتى بالناحية الشرقية للوطن، بالنظر لما ينتج بمختلف مناطقها من خضر وفواكه على وجه التحديد، إلى جانب المردود الوفير للحبوب بمنخفض الضبابية ومرتفعات زقرور العربي، إلا أن هذا التميز بدأ يتلاشى مع استمرار إفرازات أكبر مصنع للإسمنت لمجمع الشرق العمومي المتواجد بمدخلها الشمالي غير بعيد عن بلدية ديدوش مراد المجاورة، إضافة إلى تراجع مياه السقي، وهو ما أضر كثيرا بالمنتوج الفلاحي. حسب ما أكده مسؤول تعاونية السقي “كاسيد”، فإن مشكل مياه السقي يظل قائما ويؤرق الفلاحين سواء بالمستثمرات التابعة للدولة أوببساتين الخواص وأراضي الامتياز، في ظل غياب حل ناجع وتبخر كل الآمال التي كانت تعلق على مشروع مؤسسة تطهير وتوزيع المياه “سياكو“ الذي لم يجسد على أرض الواقع رغم استهلاكه أزيد من 10 ملايير سنتيم، وهو ما دفع والي الولاية في آخر زياره قادته من أيام قليلة للحامة، إلى ضرورة فتح تحقيق عاجل في هذا المشروع الذي يخفي وراءه تلاعبات وتجاوزات، وهو المشروع الذي كان من المعترض أن ينهي معاناة فلاحي حامة بوزيان السفلى مع مياه السقي، كونه يمكن من إنجاز خزانين عملاقين بمرتفعات المدينة، ثم ينقل الماء في قنوات ضخمة صوب عدة بساتين ومستثمرات فلاحية. ومن جهته أكد عمي بشير بن عمر، أحد الفلاحين المعروفين بمنطقة بشير، أن أشجار كثيرة صارت لا تقدم مردودا كبيرا على غرار شجرة الكرز والمشمش نظرا لما يخلفه غبار مصنع الإسمنت الذي أضر كثيرا بالفلاحة، ناهيك عن نقص الماء، وهو ما يجعل الكثير من المستثمرين في المجال الفلاحي يلجأون إلى مياه وادي الرمال، وهو ما يلقى معارضة مسؤولي المصالح الفلاحية. وبدوره لم يخف صاحب أكبر مستثمرة لإنتاج الكرز “حب الملوك”، أن المتاعب دائمة مع مشكل السقي بالدرجة الأولى، وهو ما يحتم علينا أحيانا استغلال مياه وادي الرمال بعد أن تعبر محطة التصفية المتواجدة بطريق ميلة، داعيا السلطات الولائية إلى التعمق في التحقيق الذي طالب به الوالي كمال عباس بخصوص مشروع مد قنوات مياه السقي من حزانات يفترض أن تقام بأعالي الحامة. مهلة 6 أشهر لتحسين مردود المشاتل وطرق التسيير بقسنطينة وإلى جانب هذه المشاكل تبرز مشاكل أخرى لها علاقة بالتسيير وطرق الاستغلال، إلى جانب تخلي العديد من أصحاب الامتياز عن الأراضي لفائدة دخلاء أجروا أراضيهم ولا ينتجون في الغالب سوى بعض الخضر الموسمية. وكان والي قسنطينة قد أعطى، خلال زيارته الأخيرة لمشتلة حامة بوزيان العمومية المتواجدة بقلب المدينة، تعليمات للمؤسسة العمومية للهندسة الريفية من أجل تحسين المردود وطرق التسيير واستغلال الامكانات بصفة عقلانية، مع وضع مخطط استغلال مربح للمؤسسة لمواجهة النفقات المترتبة، حيث التزم القائمون عليها بتحسين التسيير وتطوير الانتاج ونوعية النباتات خلال 06 اشهر، خاصة أن المشتلة لديها إمكانيات هامة وتتربع على مساحة تقدر ب 14 هكتارا. كما طلب من رئيس بلدية حامة بوزيان الاتصال بسكان البلدية لإطلاق حملة غرس لشجرة حب الملوك التي تشتهر بها البلدية، والسهر رفقة السلطات المعنية على توقيف التوسع العمراني غير المنظم وغير المرخص للمحافظة على الأراضي الفلاحية. جدير بالذكر أن بلدية حامة بوزيان كانت تشتهر منذ الحقبة الاستعمارية بأنواع شتى من الخضر والفواكه على غرار “الجريوات” و”القناوية” و”حب الملوك”، وكان المعمرون ينظمون سنويا عيد الكرز بشارع جيش التحرير في قلب مدينة حامة بليسانس، وحافظت بعد الاستقلال على الريادة في الناحية الشرقية حتى أطلق عليها اسم “متيجة الشرق”، ويكفي أن تعاونية التسيير الذاتي لمنطقة الركاني كانت تحقق الاكتفاء الذاتي لولاية قسنطينة بأكملها في الخضر والفواكه، خاصة البطاطا والتفاح والكرز، إلا أن كل شيء ضاع اليوم ولم يتمكن الفلاحون من تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلدية وحدهاَ!!.