أصدر المشاركون في اختتام الملتقى الدولي مولود معمري، المنتظم على مدى يومين بالمسرح الجهوي ”عبد القادر علولة” لوهران، والذي جاء لإحياء الذكرى المئوية لميلاد الكاتب الجزائري الكبير، عدة توصيات ترمي إلى إعطاء أكثر رؤية لأعمال مولود معمري ”1917-1989”. وأوضح سي الهاشمي عصاد، الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، أن الهدف ”يكمن في جعل أعمال مولود معمري متاحة أكثر”، مبرزا بأن اقتراح المشاركين يرمي إلى ”وضع أعمال معمري في متناول القراء الشباب، لا سيما من خلال تكييفها مع وسائل الإعلام المتعدد الوسائط وقياسات أخرى كفيلة باستقطاب الجيل الصاعد مثل الشريط المرسوم”. وقد عرف الملتقى المنتظم حول موضوع ”أعمال معمري المستحضرة على مدى الفن السابع” مرافعة متدخلين من أجل ”رقمنة كافة الأطروحات التي نوقشت في الجامعات الجزائرية وفي الخارج والتي تناولت إشكالية اقتباس الأعمال الأدبية الجزائرية في السينما والمسرح”. وحسب سي الهاشمي عصاد، ستسمح هذه العملية ”بإنجاز جرد فهرسي يوضع تحت تصرف الباحثين”، كما اقترح الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، في إطار هذه الذكرى المئوية بمنح الأولوية لأعمال معمري. كما دعا المحاضرون أيضا إلى ”ترقية العمل المنجز من قبل مختلف مخابر البحث التي تعالج هذه المواضيع بتشجيع العمل ضمن الشبكات والشراكة” وكذا ”ترجمة الأعمال والأبحاث إلى الأمازيغية والعربية”. وقد سجل اللقاء اقتراحات أخرى تتعلق ”بتسمية أحد الهياكل العلمية والبحثية بولاية وهران باسم مولود معمري ونسخ تجربة الحدث المنتظم بوهران في مدن أخرى بالبلاد وفي الخارج لفائدة الجالية الوطنية بالمركز الثقافي الجزائري أو بالمدرسة الدولية الجزائرية بباريس على سبيل المثال. وقد اختتمت النشاطات المنتظمة بعاصمة الغرب الجزائري في إطار إحياء الذكرى المئوية لميلاد مولود معمري بعرض الفيلم الوثائقي ”دا لمولود” بمتحف السينما بوهران بحضور المخرج علي موزاوي. ويسلط هذا العمل المنتج في 1990 الضوء على التزام معمري تجاه الثقافة والتراث الوطني في بعده اللغوي والمادي واللامادي. كما تم عرض فيلم وثائقي أخر بعنوان ”فجر المعذبين” من إخراج أحمد راشدي (1965) يوم السبت الماضي، بمتحف السينما لوهران، وقد تطرق هذا السينمائي بالمناسبة إلى تعاونه الناجح مع مولود معمري الذي كتب تعاليق فيلمه، وذكر أيضا بأن فيلمه ”الأفيون والعصا” (1973) قد تم اقتباسه من رواية معمري التي تحمل نفس العنوان. وتم خلال اليوم الثاني للملتقى، عرض موضوع العلاقات بين الأدب والسينما للنقاش بعنوان ”أعمال معمري المستحضرة في مدى الفن السابع”، بحيث أبرز السينمائي والأستاذ بكلية اللغات الأجنبية بجامعة وهران 2، محمد بن صالح أن العلاقات بين الأدب والسينما هي قصة طويلة من النزاعات وسوء الفهم. قائلا: ”إننا نطلب من الفيلم أن يكون وفيا تماما للعمل المستوحى منه، في حين أن الانتقال من لغة إلى أخرى يرافق بالضرورة بتغيير، وهو ثمرة لقاء في العمق بين مبدعين اثنين” وفق ذات الجامعي. وذكر في هذا الصدد بأن مولود معمري الذي سئل بشأن روايته ”الأفيون والعصا” التي تم اقتباسها في الشاشة من قبل أحمد راشدي، قال آنذاك ”إنني لا أنتظر نقلا وفيا تماما، ففي السينما يتم التعبير عن الأمور بشكل مختلف، وقد كان راشدي وفيا للرواية”، مبرزا بأن ”الرواية والفيلم هما لغتان مختلفتان” مع العلم أنه قد أدلى بهذا التصريح للصحافة 48 ساعة قبل وفاته. وبخصوص اقتباس النصوص الأدبية الجزائرية في السينما، أشار محمد بن صالح إلى أنها نادرة، مبرزا أن أعمال صنعت استثناء مثلما هو الشأن بالنسبة ل ”الحريق” المسلسل التلفزيوني لمصطفى بديع المقتبس من ثلاثية محمد ديب و”ريح الجنوب” لبن هدوڤة المقتبس من قبل سليم رياض و”الأفيون والعصا” و”الربوة المنسية” لمعمري المقتبس في الشاشة من طرف أحمد راشدي وعبد الرحمان بوڤرموح على التوالي و”فضل الليل على النهار” لياسمينة خضرة المقتبس من قبل تويتة عكاشة وألكسندر أركادي. وحسب نفس السينمائي فإن ”الوقت قد حان للتخلص من الصور النمطية، فيما يخص العلاقات بين الأدب والسينما ومحو الحدود بين الفنون”.