لم تتفطن الساحة الفنية السينمائية والمسرحية على نحو خاص بعد لروائع الأديب الجزائري مولود فرعون (1913-1962)، لاسيما وأن إشكالية النص تطرح بقوة في المشهد الثقافي الجزائري، إذ يستمر المهتمون بالشأنين السينمائي والمسرحي في تجاهل هذه الروائع الأدبية التي توثق لحقبة هامة عرفتها الجزائرالمحتلة. خلال السنوات القليلة الماضية، انتبه مسرح كاتب "ياسين الجهوي" بتيزي وزو لهذه القامة الأدبية، وأنتج عرضا مسرحيا واحدا كان بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، وحولت رواية "الأرض والدم" إلى عمل مسرحي للمخرج حمّة ملياني واقتباس محمد زميش، وتم عرضه الشرفي في مارس 2013، وتزامن العرض أيضا مع الاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد عميد الأدب الجزائري الراحل مولود فرعون. بخصوص السينما، يقول عصاد سي الهاشمي إن أدب معمري أكثر حظا من أدب مولود فرعون، إذ تم اقتباس روايتين له، إلا أن فرعون لم يتناول أي سينمائي أعماله الروائية التي توصف بالإنسانية العالية وبعدها الجمالي المتفرد، ودعا المتحدث محترفي السينما للنهل من أعمال فرعون المتداولة جدا بين الجزائريين ولديها صدى لدى القراء، ويرى عصاد أن ترجمتها إلى الشاشة الكبيرة أمر لابد منه من شأنه أن يرفع مستوى السينما الجزائري، خاصة مع أزمة النص أو السيناريو التي تطرح في كل مرة. وأكد عصاد أن هذه المشاريع تحتاج إلى مرافقة مالية غير أن الظرف الحالي صعب، لكن يمكن تقديم اقتراحات لترجمة مولود فرعون وأدباء آخرين إلى السينما، مؤكدا أن المنبع موجود لتقديم نصوص جيدة هي الحل الأنجع لواقع الفن السابع في الجزائر. من جانبه، يؤكد المخرج السينمائي يحيى مزاحم أن تحويل روايات مولود فرعون أو غيره من الأدباء الذين تركوا أثرا خلال الحقبة الاستعمارية، إلى أفلام سينمائية أمر صعب من ناحيتين، الأولى تتعلق بتكاليف حقوق المؤلف، وضرب مثلا أنه منذ حوالي خمس سنوات وأنا أحاول أن أعمل على كيفية اقتباس رواية ياسمينة خضرا "بم تحلم الذئاب؟"، حيث يجب أن يشتري الحق لمدة معينة ثم يحاول أن يجد التمويل وهذا صعب جدا حسب قوله. والناحية الثانية ترتبط بالإنتاج، إذ يري مزاحم أن إنتاج فيلم مقتبس من رواية لابد له من إمكانيات كبيرة، منبها إلى أن فرعون بالنسبة له كاتب مهم، لكنه مهتم أكثر بفترة الإرهاب، ومع التقشف أصبح صعبا إنتاج أي نوع من الأفلام، وأضاف المتحدث أنه ليس ضد من يقترح عليه رواية لفرعون الذي يراه ذا فكر إنساني وليس مرحلي، وأن الأمر في الأخير قضية رغبة وحب، غير أن الأعمال التاريخية مكلفة، ذلك أن المستوى اللازم يحتاج إلى دقة التفاصيل من الديكور والملابس واللهجة والتحضير يكون في المستوى. جدير بالذكر أن المخرج علي موزاوي أخرج فيلما وثائقيا باللغة الأمازيغية يروي الحياة المرّة التي عاشها فرعون من خلال عمل تمثيلي مصاحب بقراءة جميلة للراوي، عرج غيها على نقاط عديدة من حياة الأديب. المخرج عبد الرحيم العلوي يخوض في أدب فرعون ... اقتباس رواية "ابن الفقير" في فيلم سينمائي يواصل المخرج السينمائي عبد الرحيم العلوي اشتغاله على اقتباس رواية "ابن الفقير" للأديب الجزائري الكبير مولود فرعون، في عمل سينمائي، وهي فكرة راودته منذ عامين، ويعكف على بداية التحضيرات بداية من شهر أكتوبر المقبل. وقال العلوي ل "المساء" إن اقتباس مثل هذه الرواية صعب، إذ يعده نصا عالميا؛ ذلك أنه تُرجم إلى حوالي 20 لغة، وهي من الأعمال الروائية الهامة نظرا لبعدها الإنساني التي تضم نصوص مولود فرعون. وبالنسبة لحقوق الكاتب أكد العلوي أن أدب مولود فرعون يصنَّف ضمن الحقوق العامة، وأن عملية الاقتباس مجانية في هذه الحالة. وقبل نهاية السنة الجارية سينطلق العلوي في البحث عن مصادر التمويل، وإيداع الملف بوزارة الثقافة لدعم مشروعه. يُعد "ذاكرة الحدث" آخر عمل للمخرج، وقد عُرض شرفيا العام الماضي 2016 بقاعة الموقار بالجزائر العاصمة.