من هذا الذي أجج العداء بين العربية والأمازيغية، وشحن قضية المطالبة بترقية اللغة الأمازيغية التي هي قضية حق، بالأحقاد والكراهية ضد العربية والعرب، مع أن اللغتين كانتا مضطهدتين زمن الاستعمار الذي حاول طمس كل معالم الهوية، بل حاول القضاء على الإنسان الجزائري، عربيا كان أم أمازيغيا؟ مطلب ترقية اللغة الأمازيغية هو مطلب عادل، وحقا تأخر كثيرا، وما كان لبرلمان الشؤم التصويت لصالح ترقية اللغة الأمازيغية بعد كل الأشواط التي قطعتها، والعودة إلى نقطة الصفر من جديد، ثم من المستفيد من محاولة إشعال الشارع الجزائري في هذا الظرف غير حركة الماك، التي كان من المفروض سحب القضية منها بجعل اللغة الأمازيغية لغة وطنية ووضع ما تستحق من امكانيات للتشجيع على تعلمها، فهي ليست فقط رافد من روافد هويتنا بل هي هويتنا التي انداست عقودا إن لم نقل قرونا من الزمن. من الخطأ أن نحمّل العربية والعرب سبب الظلم الذي طال اللغة والهوية الأمازيغية التي حاول البعض حصرها في المظاهر الفلكلورية، مع أنها تخزن قيما إنسانية وفكرا مستنيرا، وستخسر القضية الكثير من المؤيدين إذا ما اختصر المدافعون عنها القضية في العداء للعربية التي تعاني هي الأخرى من اضطهاد وتخلف. ثم لماذا إهانة الراية الوطنية التي أسقطت من ناصية جامعة البويرة لصالح الراية الأمازيغية، غير التشكيك في حقيقة نضالهم، ومن المستفيد من ضرب القيم الوطنية بإهانة علم سقط من أجله أمازيغ من حجم عميروش وعبان وبن بولعيد؟ وماذا سيضيف شتم العرب للقضية غير إضعافها والتشويش عليها وعزل المناضلين عنها؟ البرلمان لم يلتقط رسالة بوتفليقة عندما جعل من اللغة الأمازيغية لغة وطنية، ليس فقط لسحب البساط من تحت أقدام الماك، وإنما لسد الذرائع أمام كل من يحاول استعمال المسألة البربرية سواء في الداخل أو الخارج لضرب الوحدة الوطنية، معترفا بأنها قضية حق، وهوية شعب ظلم طويلا. لابد من إخراج مسألة الدفاع عن اللغة الأمازيغية من منطقة القبائل أو الأوراس، لأنها أكبر من أن تكون قضية جهوية، وهي قضية كل الجزائريين حتى أولائك الذين لا يتكلمون بها، والدفاع عنها هو الدفاع عن الدستور الذي يقر بوطنيتها.