قررت الحكومة اللبنانية رسميا وبإجماع أعضائها مقاطعة القمة العربية العشرين التي تعقد في دمشق، وحملت سوريا ضمنيا مسؤولية هذا الموقف. وتلا وزير الإعلام بيانا في ختام اجتماع للحكومة عبر فيه عن الأسف لاضطرار بلاده للغياب عن القمة واجتماعاتها التحضيرية، مؤكدا أن القرار لا يعني القطيعة مع سوريا لكنه يؤكد على سيادة لبنان ورفض التدخل في شؤونه. وكانت الحكومة السورية قد وجهت الدعوة إلى رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة لحضور القمة، حيث قام معاون وزير الخارجية السورية بتسليم الدعوة إلى وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ ثم تولى الأمين العام لوزارة الخارجية تسليمها إلى رئيس الحكومة. واعتبر مجلس الوزراء اللبناني أن هذه المقاطعة لقمة عربية، "سابقة مؤسفة فرضت على لبنان ويقدم عليها للمرة الأولى في تاريخ انعقاد القمم العربية". وأكد المجلس أن هذا القرار الذي أملته العوامل السياسية "لايعني على الإطلاق قطيعة مع سوريا" التي وصفها بالشقيقة بل يرى فيه "مناسبة لتأكيد ضرورة احترام سيادة لبنان واستقلاله ورفض التدخل في شؤونه الداخلية والالتزام بالدستور اللبناني". ولم تستبعد مصادر إعلامية في بيروت أن يكون هذا القرار متماشيا مع موقف السعودية التي أعلنت مشاركتها بمندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، في تعبير صريح عن تدهور العلاقات بين الرياضودمشق على خلفية الأزمة السياسية القائمة في لبنان ووسط توقعات بأن يتخذ الرئيس المصري حسني مبارك موقفا مماثلا. وكان السفير محمد شطح مستشار رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة قد رجح في تصريح الثلاثاء -قبل انعقاد جلسة الحكومة- مقاطعة قمة دمشق تعبيرا عما وصفه "بقلق وطني ورفض لبقاء لبنان من دون رئيس". يُذكر أن النائب اللبناني وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط (أحد أقطاب الأكثرية النيابية المناهضة لسوريا) أكد بتصريحات سابقة أنه سيطلب من وزرائه بالحكومة التصويت ضد قرار المشاركة بالقمة العربية. واعتبر جنبلاط أن مجرد التفكير في المشاركة يعتبر "خيانة لمبادئ ومواقف قوى الرابع عشر من آذار"، مشيرا إلى أن هذه القمة ستعقد "تحت الوصاية الكاملة للنظام الإيراني". وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية قد أعلن في تصريح صحفي الثلاثاء من العاصمة السورية أن القمة ستناقش الملف اللبناني انطلاقا من المبادرة العربية سواء أشارك لبنان أم لم يشارك، إلى جانب القضايا العربية الأخرى المتصلة بالسودان والعراق والصومال. وأوضح عمرو موسى بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم أنه سيقدم تقريرا إلى القادة العرب عن "المبادرة العربية لحل الأزمة السياسية في لبنان، والجهود المبذولة لتطبيقها والتطورات في هذا الشأن". ولفت الأمين النظر إلى أنه تم الاتفاق على أن تكون جميع جلسات القمة مغلقة -عدا الافتتاحية- والاقتصار على عدد محدود من ممثلي الوفود، وذلك حرصا على مناقشة جميع الأمور "بشكل معمق بعيدا عن البيانات والخطب الرنانة".