شغلت فعاليات الملتقى الوطني الثالث للطريقة القادرية في يومها الأخير، عدة مداخلات تهدف للتعريف بالطريقة وأسسها وسبل ملأ الفراغ الروحي لدي الأجيال الصاعدة، من هجمة شرسة تواجه شباب الأمة العربية والاسلامية من غلو وتطرف وحملات مسيئة للرسول، وأخرى للتنصير على كافة الأصعدة، عارضين سبل وآليات معالجة ومواجهة هذه الظواهر في محاور اليوم الثاني من الملتقي، وقال الأستاذ "محمد لمين بن الحاجة" عميد معهد ابراهيم الخليل بالعاصمة الموريتانيا نواكشوط، في تصرحا ل"الفجر" أن ما تعانيه أمتنا من غلو وتطرفا مردّه كله إلى الفراغ الروحي والجهل بديننا ومقاصد شريعتنا الغراء، لذلك لازما على الأمة أن تعود إلى منابع ديننا، ممثلة في مصادر القرآن والسنة النبوية الشريفتين، ولا يكون ذلك إلا بالتربية الروحية أساسها وقوامها الوسطية التي وضفنا بها الله تعالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس"، وفي أقوال الفقهاء والعلماء "خير الأمور الوسط الوسيط، وشرها الإفراط والتفريط" كما يجب اتاحة المجال والتعريف بالطرق الصوفية السنية الصحيحة للشباب، من خلال قيام الزواية بدورها الروحي، في التعرض للتربية الروحية، وتنمية اجتماعية اقتصادية، محاولين وضع مناهج تربوية تعليمية تعكس بطرق طبيعية المجتمع الإسلامي، تعبيرا عن دينه السليم والصحيح، كما يعتبر الأستاذ الدكتور "عمار جيدل" من كلية أصول الدين من جامعة الجزائر، أن القضية الأساسية أن يشغل كل واحد منا المساحات والفضاءات الفارغة التي هي في الغالب مدخلا للعداء، ولو شغلنا هذه المساحات لحصلنا على قيمة مظافة تكب رياح التنصير، والمسؤولية عن هذه المشكلة هي وظيفة أمة وليست دولة، والآليات الواجب اتخاذها، تفعيل دور المساجد والزوايا، هما المؤسستان المناسبتان لتفاعل الإجتماعي، وفي ذات الموضوع، يرى الدكتور إمام مسجد الأقصى الشريف بدولة فلسطين الجريحة، فهو يدعو الشباب المسلم اعتصموا بحبل الله والكتاب والسنة• في ذات الصدد، جاءت مداخلة الأستاذ الدكتور "عبد الكريم قريشي" الذي يعتبر التفاعل هو المظهر الأساس لإجتماعية الانسان الذي يتجلى في المؤسسات الاجتماعية، التي تهدف إلى تجسيد أفكار ومعتقدات المجتمع، تتمثل في الأسرة، المدرسة، المسجد، الزوايا وكل المؤسسات والمجتمع المدني، ومن ثم استمرار بقائه وفق معتقدات المجتمع، الذي ينتمي إليه، وبذلك من خلال التأثير الذي تتركه هذه المؤسسات الاجتماعية وكل ما يشكل المكونات الحقيقية للشخصية الانسانية، على اعتبار أن الحضارة الغربية أهملت الجانب الروحي، الذي نعتبره مكوّن أساسي لشخصية الإنسان في الحضارة الإسلامية، وبدونه تقطع علاقتنا بخالقنا، ويكون الانسان في نظر الإسلام جسم وعقل وروح، تمثل هذه الأخيرة الطاقة الكبرى التي لا يؤمن بها الغرب، في حين أن ديننا الحنيف يقوم على أساس النظرة المتكاملة والمتناسقة بين هذه المكونات الثلاث، وذلك بطرح عدة آليات، تزكية النفس وتطهيرها، غرس الأخلاق الفاضلة، تكوين الشعور بحاجتنا إلى الله باستمرار، تدريب الأبناء على ذكر الله، ومن هنا نحاول ربط بين القواعد الإيمانية بالقواعد الأخلاقية على سلوك البشر، ويكون بذلك مصدر أخلاقنا للقواعد الإيمانية التي نعتقد بها، وهي ذات القواعد التي تميز بين الإيمان والكفر، وبالتالي تحصين المجتمع بترسيخ المناعة الروحية• وفي سبيل ذلك، اختتم الملتقى بعرض جملة من التوصيات، أبرزها إدراج التربية الروحية عبر مختلف مراحل التعليم، إنشاء قسم للعلوم الاسلامية بجامعة ورفلة، إنشاء مؤسسة الشيخ المجاهد محمد بن ابراهيم الحساني•