يفتتح المؤتمر الوطني الثالث للطريقة القادرية اليوم بجامعة قاصدي مرباح بورقلة تحت عنوان »التربية الروحية في الطريقة القادرية«، بمشاركة نخبة من العلماء وشيوخ الطريقة من عدة دول عربية وإسلامية حيث سيتطرق المؤتمر إلى الجوانب التاريخية الواقعية، وآفاق الطريقة القادرية، حسبما أعلن عنه السيد رؤوف حساني نجل الراحل الشيخ الامام محمد بن ابراهيم الشريف شيخ الطريقة القادرية بالجزائر وعموم افريقيا في تصريح خص به "المساء". وسيتطرق اللقاء إلى تاريخ الطريقة القادرية كأول طريقة للتصوف في الاسلام في القرن الخامس والسادس على يد شيخها عبد القادر الجيلاني، وصولا الى تاريخها الجهادي في زمن الأمير عبد القادر بن محي الدين، وعبد الكريم الخطابي صاحب ثورة الريف وغيرهما. كما سيعالج هذا اللقاء حسب الأستاذ رؤوف حساني نقاط القوة والضعف والدور الذي تلعبه الطريقة القادرية حاليا في التوعية ونشر قيم المصالحة الوطنية، وكذا دورها في سياسة اعادة بعث التعليم الاسلامي الصحيح والمفاهيم الوسطية للإسلام. وفي هذا الصدد أكد بعض مشايخ الزاوية القادرية ممن التقتهم "المساء" بمقر هذه الأخيرة برويسات بورقلة، وجود نقص كبير في امكانيات الزاوية لأداء دورها في تعليم القرآن، والطباعة، ونشر الكتب التي تساعد على القيام بالنشاط الثقافي ونقص المقرات الكافية والوسائل العصرية الملائمة التي تمكن من تعليم أصول الدين الاسلامي وتعليمه للأجيال الصاعدة. كما يستوقف مشايخ الطريقة القادرية بهذه المناسبة التي تدوم ثلاثة أيام عند البرنامج التربوي للتصوف عموما، والزوايا ودورها في استرداد الوسطية الاسلامية والابتعاد عن الغلو والتطرف الديني. ويعتبر هذا المؤتمر- حسب محدثنا -فرصة لتوثيق المعلومات وإدراج مادة التربية الروحية التي تبقى الوسيلة الأنجع لمحاربة ظاهرة الانسداد والصراعات التي نعيشها والناتجة عن الفراغ الروحي، وهي المناسبة التي أكد من خلالها محدثنا على أهمية تدريس مادة التربية الروحية في الجامعة الجزائرية للتقليص من الظواهر والسلوكات الدخيلة على المجتمع الجزائري، واشباعه بالقيم الروحية ومبادئ الدين الإسلامي الصحيح. ويحضر هذا الملتقى الذي تختتم فعالياته بعد غد الخميس الرئيس الأسبق السيد أحمد بن بلة والدكتور سليمان الشيخ وزير وسفير سابق للجزائر بمصر، الى جانب شخصيات ديبلوماسية، ورجال الفكر الاسلامي وشيوخ الطريقة من الأردن، البحرين، تونس، فلسطين، ليبيا، السودان موريتانيا. واضاف محدثنا أن هذا المؤتمر يشكل مناسبة للتعريف أكثر بحقيقة التصوف وتعميق النقاش الدائر حول موضوع "التربية الروحية في التصوف الاسلامي" حيث يعد دليلا على أصالة الطريقة القادرية واستمرارية العمل فيها بفضل شيوخها الذين خدموا الأمة الاسلامية. والجدير بالذكر أن المشيخة العامة للطريقة القادرية بعموم افريقيا الكائن مقرها بالرويسات ولاية ورقلة تمتد جذور العائلة المشرفة على شؤونها الى الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي دفن ببغداد، وسليلة الشيخ سيدي عيسى الذي قطن القاهرة "قاهرة أعداء" آل بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وكان لهذه العائلة القادرية الشريفة منهج تربية وعلم وجهاد، وكانت لها مواقف عظيمة ومشرفة، بدأت بمقاومة الاستعمار بقيادة الأمير عبد القادر الذي ينتمي الى هذه الطريقة الصوفية، وكذلك ثورة الشريف محمد بن عبد اللّه الجد الأول لهذه العائلة بمدينة الرويسات، وثورة شريف بوشوشة وكذا ثورة بن ناصر بن شهرة وغيرها من الثورات والمقاومات ضد الاحتلال الفرنسي. وكان لهذه الطريقة الفضل الكبير في تأسيس جمعية العلماء المسلمين برئاسة الشيخ الفاضل عبد الحميد بن باديس الذي أشاد بفضل الطريقة القادرية في عدة مقالات في مجلة البصائر والشهاب. وبذلت هذه الطريقة كل ما في وسعها لتحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي ودعمت ثورة نوفمبر. كما قدمت الكثير لدعم ثورة ومقاومة الزعيم الليبي سليمان الباروني، وكذا الشهيد عمر المختار بليبيا، وساهمت في ثورة عبد الكريم الخطابي بالمغرب الشقيق، الى جانب مشاركتها في حركة التحرير ونشاط الحبيب بوريبة بتونس.