كتاب جديد ضمن سلسلة أعلام الأدب السوري التي تصدر ضمن الاحتفال الذي تحييه دمشق كعاصمة ثقافية عربية، وبعد كتابين عن نزار قباني وأدونيس عنوانه "عبدالسلام العجيلي: حكواتي من الفرات" ووضعه الروائي نبيل سليمان• صدر الكتاب في الذكرى الثانية لرحيل العجيلي في صيغة استعادية لسيرة العجيلي، بوجهها الأكثر بروزاً واختصاراً، هوالرائد في النثر السوري، وأحد أوائل الروائيين الذين خاضوا في إشكالية العلاقة بين الغرب والشرق، وأفرد لها مساحة مهمة في نتاجه• يبدأ سليمان كتابه بمقدمة تتضافر فيها سيرته الشخصية مع سيرة العجيلي انطلاقاً من المصادفة التي جمعتهما، عندما كان مدرّساً في مدينة الرقة التي ولد فيها العجيلي وارتبط بها حتى رحيله• وكان المدرّس الشاب استأجر بيتاً في جوار بيت العجيلي، وهذا ما فتح أفقاً للعلاقة الشخصية والمعرفة الوثيقة• ينقسم الكتاب الى أربعة فصول• الأول يحكي عن حياة العجيلي الذي ولد عام 1918 لملاّك ووجيه ينتمي الى أسرة البوبدران العراقية في بادية الموصل، وتعود في أصولها كما يروي مشايخ البوبدران في الموصل بحسب شجرة النسب العائلية الى الأسياد ("الحسين بن علي") وكانت عائلة العجيلي مثقفة، وأعمامه من شعراء البدو• وتربى على يد جده تربية "إسبارطية" جادة وقياسية، وفي 1937 حصل على المرتبة الأولى في البكالوريا على مستوى سورية، ودرس الطب في الجامعة السورية ليعود الى الرقة، ويبقي باب عيادته مشرعاً للناس حتى قارب الثمانين• وفي هذه الأثناء كان يسافر كثيراً، وانتخب نائباً في البرلمان، ووزيراً، وتزوج متأخراً 1958• يذكر نبيل سليمان أن العجيلي كان متحفظاً بما يخص حياته الشخصية، والمعروف منها قليل جداً وقد ذكره في كتابه "أشياء شخصية" (1968) وفيه يتحدث عن الجو الديني الصارم الذي نشأ فيه• بدأ العجيلي الكتابة بتوقيع مستعار، وكانت قصته الأولى نشرت في 1936 بعنوان "نومان" في مجلة "الرسالة" المصرية، وظل يكتب باسم مستعار في بعض المجلات اللبنانية (المكشوف) والدمشقية حتى فضح أمره• وفي 1943 فازت قصته "حفنة من دماء" بجائزة مسابقة مجلة "الصباح"• الحديث عن فلسطينية العجيلي التي أراد سليمان إظهارها، جاء متسقاً مع حركة التحرر التي رافقت فترة الأربعينات والخمسينات، والتي كان عديد الأدباء والمثقفين العرب جزءاً منها، وتبلورت في نصوصهم ومواقفهم• العجيلي كان واحداً من الذين تطوعوا في جيش الإنقاذ بعد عام 1948 هووأكرم الحوراني وغالب العياش أصدقاؤه في البرلمان السوري• القسم الثالث من الكتاب عنوان "آثار العجيلي"، وفيه يتناوله شاعراً وحكواتياً وروائياً ومسرحياً وقاصاً• شيد العجيلي صرحاً كبيراً في عالم القصة، بدءاً من مجموعته "بنت الساحرة" وانتهاء بمجموعته "الخائن"• وجرب تقنيات مختلفة في القص، من رسائل ومذكرات وحوارات ذاتية، مقتفياً أثار السرد الكلاسيكي العربي الذي أثر فيه• ومن هنا جاء وصف القصة العجيلية بالنيوكلاسيكية، التي تجاوزتها في ما بعد لتظهر السمة الأساسية التي وسمت قصصه، وهي البعد النفسي والدخول فيه واللعب معه، ما أعطى قصصه بعداً وعمقاً مختلفين عن السائد في زمنه• ويضمّن نبيل سليمان الكتاب شهادات حول العجيلي وأدبه من واسيني الأعرج وجاك بيرك ونعيم اليافي وابراهيم الجرادي وسواهم، وحوارات أجريت معه وأبرزها حواره مع ياسين الرفاعية عام 1965 في جريدة "النهار" البيروتية• وضمّ الكتاب مختارات من أدب العجيلي "المغمورون"، وتقدم لمحة مختصرة وسريعة ومفيدة عن نتاجه•