أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يُقال له أبو عمير، قال: أحسبه فطيماً، وكان إذا جاء صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ النغير هو طائر صغير "نغر" كان يلعب به فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري: وفي هذا الحديث من الفوائد: زيارة الإخوان، وتخصيص الإمام بعض الرعية بالزيارة، ومخالطة بعض الرعية دون بعض، ومشي الحاكم وحده، وفيه جواز حمل العالم علمه إلى من يستفيد منه، وفضيلة لآل أبي طلحة ولبيته إذ صار في بيتهم قبلة يُقطع بصحتها، وفيه جواز الممازحة وتكرار المزح وأنها إباحة سنة لا رخصة، وأن ممازحة الصبي الذي لم يميز جائزة وفيه ترك التكبر والترفع، وفيه جواز التلطف بالصديق صغيراً كان أو كبيراً، والسؤال عن حاله، وفيه جواز تكنية من لم يولد له، وجواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه، وفيه جواز تصغير الاسم ولو كان لحيوان، وفيه معاملة الناس على قدر عقولهم، وفيه استحباب النصح فيما لم يتيقن طهارته، وفيه جواز السجع في الكلام إذا لم يكن متكلفاً، وأن ذلك لا يمتنع من النبي صلى الله عليه وسلم كما امتنع منه إنشاد الشعر، وفيه إتحاف الزائر بصنيع ما يُعرف منه أنه يُعجبه من مأكول أو غيره، وفيه مسح رأس الصغير للملاطفة، وفيه إكرام أقارب الخادم وإظهار المحبة لهم، لأن جميع ما ذكر من صنيع الرسول صلى الله عليه وسلم أم سليم وزوجها كان غالباً بواسطة خدمة أنس له•