ورغم أن عمالة الأطفال تعد خرقا للقانون الدولي فإن الكثيرين في المجتمعات العربية يعتقدون بأن عمل الأطفال أمر طبيعي بل وضروري لتنشئة الطفل تنشئة تمكنه من الاعتماد على نفسه في المستقبل• إلا أن عمل الأطفال يضر بهم نفسيا واجتماعيا وتربويا وجسمانيا، كما أثبتت دراسات عديدة• فقد برهنت العديد من الدراسات على أن الأطفال العاملين هم أقل نموا ووزنا وأقصر طولا من الكثير من زملائهم الآخرين من نفس العمر• مخاطر جسدية وأشارت دراسات أخرى إلى أن ستين في المئة من الأطفال العاملين يتعرضون لمخاطر جسدية أثناء تأديتهم لعملهم، وكذلك يجدون أنفسهم في تماس مع مواد كيمائية قاتلة مثل المبيدات والمواد السامة التي أودت بحياة الكثيرين منهم - حسب الدراسات - التي أجريت حول الصحة المهنية• وحسب دراسة في الموضوع فإن نسبة الأطفال العاملين في العالم العربي دون سن العاشرة تبلغ حوالي عشرين في المئة•• وتشير بعض الإحصاءات إلى أن عدد الأطفال العاملين في العالم العربي يبلغ اثني عشر مليون طفل، لكن الكثير من الناشطين في هذا المجال يعتقدون بأن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير• وتتمثل مجالات عمل الأطفال في العالم العربي في معظم مجالات العمل المتاحة، فهم يعملون في زراعة التبغ في جنوب لبنان وقطف الياسمين في مصر والزراعة في الريف اليمني والمغربي وصيد الأسماك في اليمن ومصر وتونس والخدمة في المنازل في مصر وسوريا والمغرب وفي الصناعات الخطرة مثل الدباغة في مصر والسجاد في المغرب وتونس، وفي ورشات إصلاح السيارات أو بيع الحاجيات والقيام ببعض الخدمات البسيطة كغسل السيارات أو صبغ الأحذية في الشوارع في معظم الدول العربية• الأطفال العمال يتعرضون لسوء المعاملة وقد يتعرض الأطفال العاملون في الأعمال الشاقة لتشوهات جسدية في العظام والفقرات وحالات نفسية صعبة لأن أجسامهم وعقولهم غير مهيأة بعد للعمل الشاق• وتشير بعض الإحصاءات إلى أن اثنين وسبعين في المئة من الأطفال العاملين في خدمات المنازل، ومعظمهم من الإناث، يبدؤون عملهم في الساعة السابعة صباحا وأن خمسة وتسعين في المئة منهم لا يتوجهون إلى النوم إلا بعد الساعة الحادية عشرة مساء• وبالإضافة إلى ساعات العمل الطويلة وانخفاض الأجور فإن بعض هؤلاء الأطفال يتعرضون للإساءة البدنية والتحرش الجنسي من قبل أصحاب الأعمال أو القائمين عليها• طفولة مسلوبة لا يمكن القضاء على ظاهرة معينة إلا إذا عولجت الأسباب التي أدت إلى ظهورها، ومن هنا فإن القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال يتأتى من خلال معالجة الفقر الذي يدفع بالعائلات الفقيرة إلى تشغيل أطفالها• وإذا كان القضاء على الفقر أمرا صعبا فإن بالإمكان توعية المجتمع بأن عمل الأطفال يؤثر نفسيا وجسديا عليهم وينذر بتدهور مستواهم المعيشي والثقافي بل وحتى السلوكي في المستقبل• وحسب رأي الخبراء فإن التضحية بالمال الذي يأتي به عمل الأطفال حاليا، مهما كان ذلك صعبا، وتشجيع الأطفال على التعلم وبناء شخصية متوازنة، هو أفضل الطرق لتنشئة جيل سليم قادر على تأدية واجباته بشكل جيد في المستقبل• وكما أشارت الكثير من الدراسات فإن من الضروري أن يُترك الأطفال كي يعيشوا طفولتهم بعيدا عن القلق والمخاطر وباقي أعباء العمل التي لم يستعدوا بعد لتحملها والتي يمكن أن تترك تأثيرات جسدية ونفسية تؤثر سلبا على مستقبلهم•