للوافدين العرب في الإمارات أساليب عدة في التعامل مع الإدارات التي يشتغلون فيها. بعضهم موافق طول الوقت وموافق على كل شيء، ولا يفكر حتى مجرد التفكير في معارضة الإدارة، حتى لا يصنف في خانة المشاغبين وبالتالي المسجلين على قائمة الانتظار لتوقيفهم عن العمل مع أول ذريعة تصدر عنهم. وبعضهم منافق يحدث كلا بما يحب أن يسمع ويلبس لكل موقف لبوسه، فهو مع الجميع وضد الجميع في آن، وبالشكل الذي لا يمكن معه لأحد أن يشك ولو للحظة واحدة في ولائه وإخلاصه. هؤلاء عموما يكونون الأطول أعمارا والأوفر حظا في الترقية والوصول إلى أعلى المناصب داخل المؤسسة. وبعضهم مفارق، يختار الصدام والمواقف الحدية في أول مناسبة للاشتباك مع الإدارة. المفارقون يتجهون غالبا نحو إظهار آرائهم فيما يجري من حولهم بكل صراحة حتى لو أدى بهم ذلك إلى الاصطدام بالإدارة أو فقد مناصبهم. هؤلاء تلحق بهم سريعا وصمة "المناكفين" أو "المشكلجية". وقد يصبح من الصعب عليهم إيجاد مناصب شغل في مواقع أخرى، حيث إن "عدوى" الملفات السوداء تنتقل بسرعة من إدارة إلى أخرى على أساس أن اليد العاملة المطروحة في سوق العمل، يعرف بعضها بعضا بشكل جيد، خاصة وأن البلد صغير وشبكة العلاقات داخله محدودة ومعروفة مهما اتسع مجالها وتداخلت مفرداتها. الموافقون يقومون بما هو مطلوب منهم ويكتفون بذلك دون نقاش، على رأي أحدهم عندما سألته يوما عن هذا الموضوع، فقال: "ماشيين جنب الحيط ونقول يارب الستر"، هؤلاء يكونون في الغالب آمنين في وظائفهم لكنهم نادار ما ترفع رواتبهم أو تتم ترقيتهم إلى مناصب أعلى. المنافقون يأكلون على جميع الموائد ولا يعارضون أحدا، بل إنهم يذهبون أبعد من ذلك عندما يتذللون لكل مسؤول، يلبون جميع رغباته دون استثناء ويزينون له رأيه وعمله. كثير منهم يحمل علبة "الكلينكس" لمسؤوله أينما ذهب، وبإمكانكم أن ترحلوا بخيالكم في هذا الجانب إلى أبعد الحدود. ميزة هذا الصنف من الناس، أنك تجدهم دائما في مواقع مرموقة وسرعان ما يصلون إلى سدة القرار. أما أساليبهم في اتخاذ القرارات فلها قصة رواها لي أحد الزملاء عندما زرته يوما في بيته. قال إن أحد الجواسيس الروس في (الاتحاد السوفياتي سابقا) كان عميلا ل "سي آي إيه" وتم كشفه. ومن بين الأسئلة التي وجهت له أثناء التحقيق: "أنت لم تذهب أبدا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية فكيف تم تجنيدك وما الذي طلبوه منك بالضبط ؟" فقال العميل: "إنني التقيت مرة واحدة وبالصدفة، بأحد عملاء "سي آي إيه" في ألمانياالشرقية بعد الحرب العالمية الثانية. وتم الاتفاق بيننا على شيء واحد فقط : أن يوصلوا إلي بطريقتهم الخاصة في مطلع كل شهر، ظرفا يحمل مبلغا معينا من المال، في مقابل أنني عندما أصبح في موقع يؤهلني لاتخاذ القرارات، مطلوب مني دائما أن أختار الأسوأ".